
حسن البصري
وهو يعيش حالة سراح مؤقت، اختار رئيس الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، أن يكون حاضرا في “الطوندونس” ولو في خانة الفضائح و”اقرأ قبل الحذف”، قبل أن يجف مداد قرار المحكمة الابتدائية في ما يعرف بملف “الشطرنج”
لم تنته الدورة الدولية للشطرنج بسلام واطمئنان، بل تحولت إلى ضغط عال في الدورة الدموية لمجموعة من الفنادق في الدار البيضاء، بعد أن اكتشف أصحابها أن تسديد الجامعة لمصاريف الإيواء والتغذية للمشاركين في هذه البطولة، قد تم بشيك بدون مؤونة وفي رواية أخرى بدون رجولة، وحين أشعر رئيس الجامعة بالأمر طلب من أرباب الفنادق انتظار أيام أخرى إلى حين تموين الحساب البنكي للشركة التي يوجد مقرها الاجتماعي في مكناس، مرت المهلة وظل الحساب مقفرا يشهر في وجه قاصديه عبارة “رصيد غير كاف”.
أحال شكيب بنموسى وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكاية أرباب الفنادق على رئيس الجامعة، والتي تتهم مضامينها رئيس الجامعة الملكية المغربية للشطرنج بالاحتيال على خمسة فنادق بالدار البيضاء، في مبلغ يتجاوز 130 مليون سنتيم، مطالبا بتوضيحات حول صكوك الاتهام الثقيلة، وظل ديوانه يبحث عن جواب مقنع دون جدوى.
أول خيوط القضية بدأت حين احتضنت الفنادق الخمسة المشاركين في دورة دولية الصيف الماضي، إقامة وتغذية وتنافسا، طوال فترة البطولة. وبعد انتهاء الدورة الشطرنجية تسلم كل فندق شيكا مقدما من شركة وليس من الجامعة الملكية، تبين أن رصيدها يعاني من الجفاف المالي.
اكتشف مدراء هذه الفنادق أن فواتير الإقامة الكاملة في مهب الريح وأن رئيس الشطرنجيين “جاب ليهم ثلاثة وضامة”، وحين طالبوه بشيكات صادرة عن الجامعة وليس عن شركة اعتذر لهم بحجة عدم تحويل الوزارة المنحة السنوية للحساب البنكي الذي يعاني من فقر الدم.
وزع الرئيس وعوده بدل توزيع الشيكات على الفائزين في المسابقات، وطمأن الغاضبين المعتصمين في الفنادق بتحويل المبالغ المالية لحساباتهم البنكية، ثم أغلق هاتفه ومضى إلى غايته.
رئيس الجامعة، الذي أدانته المحكمة الزجرية بعين السبع في 21 فبراير الماضي بتهمة خيانة الأمانة وأصدرت في حقه عقوبة سجنية موقوفة التنفيذ مدتها ستة أشهر وغرامة مالية قدرها ألف درهم، وإطعام ستين صحافيا، “شد الواد” وجلس أمام رقعة الشطرنج يبحث عن فرصة للانفلات من مأزق آخر.
حين يئس الفائزون وأرباب الفنادق والحكام من رحمة رئيس الجامعة، وطال انتظار وعود ولدت ميتة، اختاروا اللجوء للوزير ووضعوا الملف في مكاتب محامين يعيدون الرجل إلى قفص الاتهام من جديد، بعد أن روض مكونات رقعة الشطرنج وأصبح يهدد جنودها.
ولأن الاتحاد الدولي للعبة المفكرين قد وقف على انفلاتات رئيس يخدش هدوء هذه الرياضة، فقد قرر تعيين مندوب أجنبي مؤقتا لتدبير مصالح الجامعة الملكية المغربية للشطرنج، وتتبع تدهور وضعيتها، والإسهام في انتشالها من محنتها.
لازالت محكمة الاستئناف تنظر في ملف جامعة الشطرنج التي اختارت الاسترزاق فوق رقعة لعبة النبهاء، ولازالت تهمة خيانة الأمانة تخدش لعبة النجباء، ولازال عشاق هذه الرياضة يتساءلون عن سر اختراق الرئيس لأجهزة أخرى، وهو رئيس المكتب المديري للرجاء البيضاوي، ورئيس الاتحاد المغاربي للشطرنج، وعضو المكتب التنفيذي للاتحاد العربي للشطرنج، وهلم شرا.
انتفضت هيئات حقوقية ضد الحكم المخفف في الملف المجفف، وتبين أن القرار من شأنه أن يساعد الرؤساء على تحويل أموال الرياضة لحساباتهم الخاصة تحت ذريعة “ديون مستخلصة”.
ما يحصل في جامعة الشطرنج يجعلنا نؤمن بأن الجشع قد يجعل بعض المسيرين يعتقدون أنهم أمام رقعة لا تحكمها القوانين الرادعة، وأنهم سيستمتعون بـ”ضامة البنة” وسيعززون وجباتهم الغذائية بمكعبات المرق.





