شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

صناعة التوتر

أسوأ صناعة قد ينتجها أعضاء الحكومة في زمننا الراهن المتسم بتعدد المخاطر وتضخم المطالب دون القدرة على إشباعها، هي صناعة التوتر السياسي والاجتماعي المجاني، الذي قد يمس صلابة الجبهة الداخلية التي لا تحتمل في الآونة الحالية أي ضغوط أو توترات، خصوصا في ظل الحالة الاقتصادية الاستثنائية والأوضاع الصعبة التي يعيشها المغرب بسبب التضخم وغلاء المعيشة والجفاف وما خلفه الوباء.

لذلك فالمجتمع منهك بالعيش اليومي والبلد محاط بمخاطر ظاهرة وباطنة، ومن مسؤولية المسؤولين الحكوميين البحث عن إعادة الهدوء والتوازن للمجتمع وحشد الثقة للإصلاحات المعلن عنها والعمل على خلق علاقة إيجابية مع المؤسسات، وليس إنتاج التوتر المعطل للإصلاح والتنمية.

طبعاً نتحدث هنا عن التوتر السلبي الذي يوقع الفرد أو المجتمع والطبقة السياسية رهينة الاصطفافات الحادة والانقسامات الاجتماعية، كما هو الحال اليوم مع النقاش الذي يرافق إصلاح قوانين الأسرة والجنائي. فالتوتر الاجتماعي الذي تصنعه الأنا المتضخمة أو التهور السياسي سيقتل الإصلاح في ورش الأسرة والحريات ويأخذ به إلى نفق التوهان، بل وسيرسم على أي إصلاح، ولو مر بأغلبية عددية في البرلمان، معالم عدم الثقة بين المواطن والقانون، لسبب بسيط هو أن طريق المواجهة وصناعة التوتر التي فضل وزير العدل سلكها ستنعكس بالسلب على إصلاحاته التي تهم نموذج الحريات التي يرغب فيها المغاربة.

لذلك فالإصلاحات الكبرى التي تحتاج لنوع من الفرز المجتمعي لا تدبر بمنطق «غدا النگير» أو بسياسة «تخراج العينين»، أو بلعبة «بالون» قياس رد فعل المجتمع على ما يعلنه الوزير من إصلاحات في مجال حساس، بل بتوفير بيئة هادئة وسليمة لإنتاج قوانين تحظى بأكبر قدر من الشرعية والمشروعية، وليس بالاستفزاز والصراع الذي يكون الهدف منه هو صناعة انتصارات وهمية أو الظهور بمظهر السياسي المقدام ولربما تكون تكلفة ذلك غالية في سياق مليء بالمفاجآت والصدمات ومخاطر أخرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى