
محمد اليوبي
علمت «الأخبار»، من مصادرها، أن بعض المصحات الخاصة تستعين بـ«سماسرة» للبحث عن مرضى مفترضين يتوفرون على التغطية الصحية في نظام «أمو تضامن»، الذي تتكلف فيه خزينة الدولة بأداء المساهمات نيابة عن المستفيدين، ويتم استهداف هذه الفئة لإجراء فحوصات وعمليات جراحية وهمية للاستفادة من تعويضات الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأفادت المصادر بأن هذه المصحات تكلف «سماسرة» يشتغلون تحت غطاء جمعيات مدنية، من أجل تنظيم قوافل طبية بالقرى والدواوير الجبلية تشمل نساء ورجالا لا يعانون من أي مرض، ويتم استهداف، بالخصوص، المواطنين الذين يتوفرون على التغطية الصحية الشاملة التي وفرتها الدولة للأشخاص غير القادرين على دفع أقساط الاشتراك في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وخلال هذه القوافل يتم إخبارهم بضرورة الانتقال إلى مصحات بالدار البيضاء وسطات ومراكش، من أجل إجراء فحوصات على القلب، بعد إيهامهم أنهم يعانون من أعراض مرتبطة بأمراض القلب والشرايين، وبعد ذلك يتم شحن هؤلاء المواطنين عبر حافلات إلى مصحات معروفة.
وأفادت المصادر بأن هذه العملية تتكرر أسبوعيا بالعديد من الأحياء الشعبية والمناطق النائية، مثل تارودانت وأزيلال وشيشاوة وغيرها، حيث تستقطب هذه المصحات مئات المواطنين المستهدفين، من أجل إجراء فحوصات وتحاليل وكشوفات طبية، للتنقيب عن مصابين بأمراض مزمنة، يتم تعويض مصاريفها بالكامل من طرف الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، والأخطر من ذلك، تضيف المصادر، تقوم هذه المصحات بانتقاء البعض منهم لإجراء عمليات جراحية وهمية على القلب وكذلك عمليات قسطرة شرايين القلب، وتكلف هذه العمليات ملايين السنتيمات، وتستفيد المصحات من تعويض المبلغ كاملا عن طريق الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، الذي يتكلف بتأمين مصاريف مثل هذه العمليات بنسبة 100 في المائة. وأكدت المصادر أن هذه المصحات تراكم الملايير من المداخيل المستخلصة من صناديق التأمين الصحي.
وسبق لأطباء يشتغلون بالقطاع الخاص أن دقوا ناقوس الخطر، وحذروا من وجود تلاعبات تدليسية من أجل الحصول على تعويضات التأمين الصحي التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من خلال تنظيم حملات طبية وعمليات جراحية «وهمية» تستهدف فئات واسعة من المواطنين.
وأصدرت نقابة أطباء العيون بالقطاع الخاص بلاغا حذرت من خلاله من فضيحة صحية واستهلاك مفرط لموارد التأمين الصحي «أمو» التي يوفرها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وتحدثت النقابة عن تفشي ظاهرة الحملات الطبية لجراحة المياه البيضاء «الجلالة» بصبغة اجتماعية إنسانية، لكنها في حقيقة الأمر تنظم من قبل بعض الجمعيات المتواطئة مع أخصائيين في طب وجراحة العيون وبعض المصحات الخاصة، من أجل تحقيق أرباح ومنافع مالية.
وأكدت النقابة أن هذه الممارسات، التي تنتهك جميع المعايير الأخلاقية والطبية، تعرض الصحة البصرية للمواطنين المغاربة لخطر جسيم، وتهدد موارد الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي. وأوضحت النقابة أن هذه الممارسات غير قانونية وخطيرة، حيث تنظم هذه الحملات الممولة من صناديق التأمين الصحي عن طريق استقطاب جماعي للمرضى من قبل وسطاء لا علاقة لهم بالمجال الطبي.
وأضافت النقابة، في بلاغها، أنه يتم استقطاب المرشحين للاستفادة من العمليات الجراحية في أماكن عامة، مثل المقاهي والإقامات، أو عبر وسائل التواصل الاجتماعي، من قبل أشخاص غير مؤهلين، كما يتم استعمال بيانات ومعلومات شخصية حساسة للمواطنين، مثل بطاقة الهوية الوطنية أو رقم الاشتراك في التأمين الصحي، دون احترام قواعد عدم الكشف عن الهوية، وبعد الاستقطاب، يتم نقل المرضى جماعياً، وغالباً في ظروف لا تحترم أبسط الحقوق الإنسانية للمرضى، إلى مصحة خاصة غالبا بعيدة عن مكان الإقامة، تُجرى فيها العمليات الجراحية، دون احترام للمعايير الطبية الدولية الجاري بها العمل ودون اي متابعة أو توجيهات طبية لما بعد الجراحة.
وأكدت النقابة أن هذه الممارسات أسفرت عن ارتفاع كبير في المضاعفات الخطيرة، بما في ذلك فقدان كامل للبصر لبعض المرضى، وتسجيل التهابات حادة ومضاعفات أخرى لا يمكن علاجها بسبب غياب الفحوصات التحضيرية الدقيقة والرعاية الطبية بعد الجراحة. وحسب النقابة، فإن هذه المضاعفات كان من الممكن تجنبها لو تم احترام المعايير الطبية الدولية المتفق عليها، بما في ذلك التشخيص الدقيق، واستخدام مستلزمات ذات جودة عالية والمتابعة واحترام التعليمات الطبية بعد الجراحة.
وخلصت النقابة إلى أن هذه الممارسات تساهم في استنزاف الموارد المالية للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، حيث يتم تقديم ملفات تعويض عن عمليات لم تنجز، أو ليس المريض في حاجة لها. ودعا أطباء القطاع الخاص، السلطات المختصة، إلى التدخل العاجل لوضع حد لهذه الحملات غير القانونية، وفتح تحقيق شامل لتحديد المسؤولين عنها، وفرض عقوبات صارمة على الجمعيات والمصحات والأطباء المتورطين في هذه الحملات.





