حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرثقافة وفن

 عن الرواية القصيرة والنفس الطويل

 إعداد وتقديم: سعيد الباز

 

تطرح الرواية القصيرة إشكالا منهجيا في التعامل النقدي معها، فهي تقع في الحدود بين القصة الطويلة والرواية المتعارف عليها. كما أنّ حجم هذا النوع من الرواية لا يمكن الاعتداد به في التحديد والتصنيف، إلّا أنّ ما يفصل بينهما في الدرجة الأولى أنّ الرواية القصيرة تتميّز باستهلال ذي طبيعة خاصة ولغة شديدة الكثافة ووصف موجز مع اعتماد تقنية القصة في الإيقاع وتوظيف الفضاء مع طابع السخرية في رؤيتها للواقع… إنّها تبدو في الظاهر صغيرة الحجم لكنّها في العمق ذات نفس طويل.

 

أنطوان دو سانت إكزوبري.. الأمير الصغير

 

 

 

رائعة الكاتب الفرنسي أنطوان دو سانت إكزوبيري (1900- 1944) Antoine de Saint-Exupéry «الأمير الصغير» رواية قصيرة قد يبدو ظاهريا أنّها تنتمي إلى أدب الأطفال لكنها، بلغتها الشفافة، تتخذ بعدا إنسانيا شاملا وعميقا يجعلها تتجاوز كلّ التصنيفات:

«… احتجت لوقت طويل حتى أعرف المكان الذي جاء منه. فالأمير الصغير، الذي كان يمطرني بسيل من الأسئلة، بدا كما لو أنّه لا يسمع قطّ أسئلتي. وما كشف لي هذه الحقيقة هي بعض الكلمات التي كانت تُلفظ بالصدفة من حين لآخر. وهكذا، حين أبصر للمرّة الأولى طائرتي (لن أرسم طائرتي، لأن رسمها شديد التعقيد بالنسبة لي) سألني: ما هذا الشيء؟

-هذا ليس شيئا. إنه يطير. إنّها طائرة، طائرتي. وكنت فخورا بأن أخبره بأنّي طيّار، فهتف: كيف؟ أسقطتَ من السماء! أجبته بتواضع: نعم.

-إنّه شيء غريب!… وانفجر الأمير الصغير بضحكة بديعة أغاظتني كثيرا. فأنا أرغب في أن تؤخذ مصائبي على محمل الجدّ. ثم أضاف: إذن، فأنت أيضا أتيت من السماء! من أيّ كوكب أنت؟

-أنت قادم إذن من كوكب آخر؟ لكنّه لم يجب، واكتفى بأن هزّ رأسه ببطء وهو يحدّق في طائرتي: حقّا، لا يمكن أن تكون أتيت من بعيد على متن هذه الطائرة… وغرق في حلم دام طويلا، ثم أخرج من جيبه خروفي، وراح يتأمّل كنزه باستغراق.

ولكم أن تتصوروا كم شغلني ما أسرّ لي به عن «الكواكب الأخرى». وسعيت إذن إلى معرفة المزيد، فرحت أسأله: من أين أتيت أيّها الفتى؟ أين موطنك؟ إلى أين ستأخذ خروفي؟ أجابني بعد تأمل صامت: أجمل شيء في ما أعطيتني هو أنّ الصندوق سيكون بمثابة بيت له في الليل.

-بالطبع، وإذا بقيت لطيفا، سأعطيك حبلا أيضا لكي توثقه به نهارا، وسأعطيك وتدا كذلك. وبدا كما لو أنّ الملاحظة صدمته: أوثقه به؟ ما أغربها من فكرة!

– ولكن، إذا لم توثقه سيذهب إلى أيّ مكان، وسيشرد. وانفجر صاحبي ضاحكا وهو يقول: ولكن، أين عساه يذهب!

– إلى أيّ مكان، سينطلق ويسير إلى الأمام… وعندها علّق الأمير الصغير بنبرة جادّة: لا ضير في ذلك، فبيتي ضيّق للغاية! ثم أضاف بنوع من الكآبة ربّما: إذا سار المرء إلى الأمام، فلن يكون بوسعه أن يمضي بعيدا.

… وبهذا اطلعت على أمر ثان بالغ الأهمية: إنّ كوكبه بالكاد أكبر من بيت! لم يكن ذلك ليثير استغرابي. كنت أعلم أنّه توجد مئات الكواكب الأخرى غير الكواكب الكبرى التي حظيت بأسماء كالأرض والمشتري والمريخ والزهرة. بعض تلك الكواكب الصغيرة أصغر من أن يشاهد أحيانا بالمنظار. وإذا ما اكتشف فلكيّ أحدها، يمنحها رقما، فيكون بمثابة اسم لها. يدعوها مثلا «الكويكب رقم 325». لديّ أسباب معقولة لكي أعتقد بأنّ الكويكب الذي جاء منه هذا الأمير الصغير هو بـ612. وهو كويكب لم يلتقطه التليسكوب إلّا مرّة واحدة سنة 1909. التقطه أحد الفلكيين الأتراك. وقدّم ذلك الفلكيّ حينئذ، خلال مؤتمر عالمي للفلك، عرضا مفصلا عن اكتشافه، لكن لم يصدّق كلامه أحد بسبب زيّه. ذلك أنّ الرّاشدين يتصرفون هكذا».

 

باتريك زوسكيند.. الحمامة

 

 

يحملنا الروائي الألماني باتريك زوسكيند Patrick Süskind، صاحب الرواية الشهيرة «العطر»، في روايته القصيرة «الحمامة»، إلى موضوعه المفضل عن عزلة الإنسان وغربته المتمثلة في شخصية «جوناثان نويل» والحمامة التي جرّدها من كلّ رمزيتها ومعانيها المتداولة والشائعة في الفكر الإنساني:

«… توصّل جوناثان إلى حقيقة مفادها أنّ الناس لا يمكن الوثوق بهم أو الاعتماد عليهم، وأنّ المرء لن يجد الطمأنينة والسلام في حياته إلّا إذا نجح في الابتعاد عنهم. ولأنّه أصبح مثار سخرية الناس وتفكههم، هذا بحد ذاته، لم يزعجهم قدر انزعاجه من كونه قد أصبح، وبسبب ما حدث، محطّ اهتمام الرأي العام. فقد أقدم ولأوّل مرّة في حياته على اتخاذ قرار يخصّه، فذهب إلى بنك التسليف الزراعي وقام باسترداد كلّ مدخراته، ثم حزم حقيبته وتوجّه إلى باريس.

في باريس… استأجر جوناثان الغرفة مقابل أجر شهري مقداره خمسة آلاف فرنك قديم، وكان يذهب من هنا كلّ صباح إلى مقر عمله القريب، ثم يعود مساء ومعه خبز وسجق وتفاح وجبن، يأكل وينام ويشعر بالسعادة والرضى. خلال أيام الآحاد ما كان يغادر الغرفة مطلقا بل ينظفها ويغيّر ملاءة سريره. هكذا عاش بهدوء ورضى عاما بعد عام وعقدا بعد عقد.

… كان يهمّ بوضع قدمه المرفوعة على عتبة الباب الخارجية، وبدا فخذه منثنيا متأهبا للخطو حين رأتها عيناه فجأة تجلس أمام بابه، حوالي عشرين سنتمترات بعيدا عن العتبة في ضوء الصباح الباهت الداخل عبر نافذة الممر الضيقة. كانت تقف بأرجلها الحمراء ذات المخالب، وريشها الرمادي الأملس على بلاط المدخل ذي اللون الأحمر القاني: حمامة!

… إنّك سوف تذهب إلى السجن حتما حين تطلق النار على الحمامة! لا، إنّك لن تستطيع قتلها، ولكن إذا تركتها حيّة فإنّك لن تتمكن من العيش معها، لم يحدث أبدا أن تمكّن أيّ إنسان من العيش في البيت نفسه الذي تعيش فيه حمامة، فالحمامة هي رمز الفوضى العارمة. إنّها ترفرف وتطير في كلّ الاتجاهات، تُخرج مخالبها وتنشبها في العينين، إنّها تتبرّز بدون انقطاع وتنشر الجراثيم المهلكة وفيروسات مرض الالتهاب السحائي. الحمامة لا تبقى أبدا وحيدة، إنّها تجتذب حمامات أخرى، فتتجامع وتتكاثر بسرعة مذهلة وتجد نفسك عندئذ محاصرا بجيش من الحمام، بحيث لن تتمكّن من مغادرة غرفتك أبدا، فتموت إمّا جوعا أو غرقا ببولك وبرازك أو ترمي نفسك من النافذة فتسقط على الرصيف وتصبح هشيما. لكن حتّى هذا يتطلب منك شجاعة لا تملكها، لذلك سوف تمكث سجينا في غرفتك وتصيح في طلب النجدة، وقد تطلبها من رجال الإطفاء ليأتوا إليك ويرتقوا نحوك بالسلالم لينقذوك من الحمامة، من حمامة! ومن ثم تصبح مسخرة العمارة، بل هدفا لسخرية الحيّ كلّه: هل سمعتم؟ إنّ السيد (نويل) طلب إنقاذه من حمامة! هذا ما سيقوله الناس مشيرين إليك بأصابعهم، وسوف يتمّ تحويلك إلى مصحّ للأمراض العقلية. آه يا جوناثان، إنّ حالتك ميئوس منها، أنت ضائع لا محالة يا جوناثان!».

 

صبري موسى.. حادث النصف متر

 

 

 

رواية «حادث النصف متر»، للروائي المصري صبري موسى، نموذج واضح للرواية القصيرة العربية في استهلالها وبنائها الفني وأبعادها الجمالية. تتناول الرواية، بشكل ساخر لا يخلو من تحليل نفسي عميق لشخصيات الرواية، موضوع التشابك بين القيم التقليدية والحديثة وصراعها الحاد الذي يتخفى تحت الكثير من المظاهر الخادعة والتعبيرات المزيفة:

«تمت المسألة بطريقة متحضرة محاطة بكل مظاهر الكبرياء والعظمة. كان طويلا، فانحنى وهو يقدّم لي نفسه… ثمّ طلب مني أن أبتعد عن حبيبتي لأنّه سيتزوجها!

لم أكن أعرفه… لكن حبيبتي كانت قد تعوّدت في الأيام الأخيرة أن تنقنق باسمه في لذة، كأنّما تهددني به… وقد سارع فأخبرني أنّه يتشرّف بلقائي بناء على رغبتها، فأخفيت مخالبي وشددت على يده… وأحكمت قناع الكبرياء على وجهي وأنا أتمنى لهما السعادة معا. وسرّني جدا أن أكون متحضرا وعصريا إلى هذا الحدّ!

 

 التاريخ السرّي لرجل عادي

أنا رجل عادي على وجه التقريب…

وجميع غرائزي تطلّ برأسها من داخلي في حذر وهي ترمق قوانين المجتمع بنصف عين. ولكي نكون على وفاق أحبّ أن تفهموا أنّه لا خبرة لي بالحكايات… إنني أحدثكم وأمامي نصف زجاجة من خمر نسائية بيضاء يسقونها للتلميذات في أمريكا… وبعض المطر قد سقط في أوّل المساء، فبلل زجاج نافذتي وفي مثل هذا الجو ليس في نيتي أن أخدعكم.

عيناي لونهما أزرق. وشعري كأنّه محروق من الشمس. ووجهي وسيم… ورغم ذلك أبدو للوهلة الأولى ريفيا ثقيل الظلّ. وقد ولدت في طبقة اجتماعية لا تميل إلى تربية الكلاب… يمكنكم إدراك ما أقصده إذا تذكرتم أنّ الطبقة السفلى في مجتمع ما، تولد في بيئة صالحة لنمو هذه الحيوانات المتواضعة… أمّا الطبقة العليا المدللة فإنها غالبا ما تكون في حاجة إلى مخلوق حقيقي دافئ. تمارس فيه غريزة الشفقة… فتختار الكلاب، لأنّها لا تعرف كيف تسيء استغلال هذه الشفقة… وتظلّ دائما حيوانات متواضعة!

والطبقة التي بين هاتين الطبقتين، سكانها فرديون شديدو الأنانية، لا يهتمون بشيء سوى ذواتهم. إنّهم يواصلون التسلق… زاحفين في التواء وخبث على أعتاب الطبقة العليا بينما القلق يطحنهم، لأنّ الرعب من السقوط في الطبقة السفلى لا يزايلهم لحظة واحدة… وفي مثل تلك الحال المتوترة لا يجد الإنسان وقتا لتربية الكلاب!

في هذه الطبقة الأخيرة إذن… التي لا تستطيع أن تعطي شفقتها للحيوانات المتواضعة… والتي تصاب بالجنون إذا فقدت شيئا تملكه، ولدت أنا… أنا الأزرق العينين الذي –ذات صباح خريفي حزين البهجة- انحنى أمامه رجل طويل لا يعرفه… وطلب منه بتواضع واضح الافتعال، أن يتنازل عن حبيبته… ليتزوجها!

 

 فكرة الوقوع في الحبّ

من المؤكّد أنني لم أقع في غرام حبيبتي هذه، عندما رأيتها لأوّل مرة… ففي تلك الأيام كنت قد بدأت أشعر ببعض القلق على سمعتي الاجتماعية حين وجدت نفسي محاطا بنوع من النساء لكلّ الرجال… وكانت فكرة شيطانية تخدش كبريائي في ذلك الحين… هو أنني ما دمت قد قبلت التعامل مع هذا النوع، فأنا بالتالي رجل لكل النساء… وكانت هذه الفكرة العنكبوتية ممسكة بتلابيب ذهني المستيقظ توّا من النوم، وأنا أحشر نفسي ذات صباح، في النصف المضاعف الأجر من الأتوبيس الذي يقلني إلى عملي… وقد علّقت ذراعي في ماسورة السقف داخل الأتوبيس حتى لا تسقطني اهتزازاته، وأنا أفكّر بأنه قد أصبح من الضروري بالنسبة لي تصفية هذه العلاقات المتعددة… والاحتفاظ بواحدة فقط على طريقة الرجال الفاضلين الواضحي التهذيب! وقد اهتزّ الأتوبيس فجأة ففقدت الحسناء التي بجواري توازنها… وتعلّقت بذراعي المعلّق بشكل غير إرادي… وخلال هذا الحادث قابلتها… ولم أكن ساعتها أعلم أنّها ستكون تفاحة حزني… وما كان باستطاعة أيّ عرّاف ذائع الشهرة… أن يجعلني أصدق أنّه بعد عامين من هذا الحادث الصغير الخاطف الذي لا تكاد تزيد مساحة الأرض التي وقع فيها عن نصف متر… سوف ينحني أمامي رجل طويل لا أعرفه… ويطلب مني بطريقة عصرية مهذبة، أن أبتعد عن هذه الحسناء… لأنّه سوف يتزوجها!».

 

جورج أورويل.. مزرعة الحيوان

 

 

تعدّ «مزرعة الحيوان» أشهر رواية قصيرة وخيالية للكاتب الإنجليزي جورج أورويل (1903- 1950) يحكي فيها عن ثورة تقوم بها مجموعة من الحيوانات في مزرعة إنجليزية. الروح الفكهة التي تغمر أجواء الرواية لا تخفي كونها مجازا رمزيا يحمل الكثير من الانتقاد للأنظمة الشمولية بأشكالها المختلفة:

«… الآن أيّها الرفاق، ما طبيعة الحياة التي نعيشها معشر الحيوانات؟ دعونا نواجه أمورنا بصراحة: حياتنا جدّ قصيرة، نقضيها في كدّ وعناء! نحن نولد فلا يسمح لنا إلّا بالكفاف الذي يكاد لا يمسك علينا رمقنا، والحيوانات يستغلها الآدميون في أعمالهم فتشقى بها حتّى أنفاسها الأخيرة! فإذا انتهت الحاجة إليها قادوها للذبح بقسوة بالغة! وقد وئدت الحرية بإنجلترا حتّى أصبحت الحيوانات لا تعرف معنى السعادة أو الراحة منذ بداية حياتها إلى نهايتها! إنّ حياتنا في حقيقتها هي الشقاء مجسّدا والعبودية في أبشع صورها!

أمّا من جانبنا معشر الحيوانات فهل كتب علينا الاستسلام لهذه الأوضاع على أنّها من طبائع الأشياء؟ وهل الأرض التي نعيش عليها من الشح والقحط بحيث لا يمكنها أن تجود علينا بعيش كريم؟.. فعلام إذن نواصل تلك الحياة التعسة؟ ما من سبب يدعو لذلك إلّا جشع الإنسان الذي يستحوذ على فائض الإنتاج، وهي الحقيقة المرّة التي تفسر لنا أسباب تعسنا وإن دارت كلّها حول محور واحد هو الإنسان! إنّ الإنسان هو عدونا الأوحد والأزلي، فإذا استبعدناه من طريقنا فإننا نكون بذلك قد محونا جذور الجوع والعبودية إلى الأبد!

فالإنسان –أيّها الرفاق- هو المخلوق الوحيد الذي يستهلك ولا ينتج. فهو لا يدر اللبن ولا يبيض، وهو أوهى من أن يحرث الأرض بنفسه، وهو أبطأ من أن يلحق بالأرانب ليصيدها بيده، ومع ذلك فإنّه السيد على جميع الحيوانات، يسخرها في العمل ولا يجود عليها إلّا بالكفاف مستأثرا لنفسه بكلّ الطيبات! أمّا نحن الذين نحرث الأرض ونسمدها فليس لدينا ما نمتلكه حتى جلودنا!»… ويواصل خطبته قائلا: «تذكروا أيّها الرفاق: لا ينبغي أن يفتر عزمكم، إنّ أخطاءكم الجسيمة غير مبررة. لا تنصتوا لمن يقول لكم إنّ هناك مصالح مشتركة تجمع الإنسان والحيوان، هل تصدّقون فعلا أنّ نجاح أحدهما مرهون بنجاح الآخر؟ هذه مجرّد أكاذيب. الإنسان لا يعرف مصالح أخرى غير مصالحه. إذا، فلتسد بين الحيوانات طيلة فترة المقاومة، الوحدة المطلقة والتضامن الذي لا يشوبه أيّ تصدع. الإنسان هو العدو. والحيوانات كلّهم رفاق».

محمد سعيد أحجيوج.. كافكا في طنجة

 

يعتبر الكاتب والروائي المغربي محمد سعيد أحجيوج، في أحد حواراته، أنّ موقع الرواية القصيرة (النوفيلا) في الرواية العالمية والعربية مهم جدا من خلال نماذج كثيرة: «لو جلسنا نسطر قائمة أروع الروايات العالمية، لوجدنا عدداً غير هيّن منها ينتمي تقنيا إلى تصنيف النوفيلا. مثلا: (العجوز والبحر)، (التحوّل)، (الغريب)، (الأمير الصغير)، (ليس لدى الكولونيل من يكاتبه)، (مزرعة الحيوان).. عربياً، كل روايات محمد البساطي والطيب صالح وغسان كنفاني، هي روايات قصيرة. وحتى الكُتاب الرّوس أصحاب الأعمال الضخمة كتبوا الرواية القصيرة وكانت روايات ممتازة: (قلب كلب) لميخائيل بولغاكوف، (موت إيفان إيليتش) لتولستوي و(مذكرات قبو) لدوستويفسكي».

في رواية «كافكا في طنجة»، ومن خلال العنوان ذاته، نعيش مسارين أحدهما ينتمي إلى المتخيّل الروائي وثانيهما يترسخ وجوده انطلاقا من الواقع الاجتماعي. إنّ هذا التقاطع بين هذين المسارين هو ما يذكي جذوة أحداث الرواية ممّا يمكّنها من رصد المفارقات ويوطّد رمزيتها ودلالاتها، ما بين جريجور سامسا بطل رواية «التحول» لفرانز كافكا وجواد بطل رواية «كافكا في طنجة». غني عن البيان القول إنّ الرواية توظف مدينة طنجة فضاء رمزيا يحيل على المجتمع المغربي وغيره من المجتمعات المتشابهة. رواية تقدّم نقدا اجتماعيا وتكشف عن العلاقات الاجتماعية المتسمة بالقهر واختلال القيم المتقنعة بالزيف والنفاق التي تفضي إلى استيلاب الفرد من إنسانيته شأنه شأن جريجور سامسا في رواية فرانز كافكا:

«… لا مفرّ من الاعتراف بأنّ هذه الخرافة التي أحكيها لكم الآن، أو الرواية كما تسمونها في هذا العصر، تشبه بشكل أو آخر، الحكاية التي أوحيتُ بها لفرانز كافكا منذ أزيد من مئة عام. لكنّها بالتأكيد ليست نسخة مطابقة، على غرار تلك القصة سأتوقف الآن لأحكي قليلا عن خلفية بطلنا قبل العودة إلى صباح التحول وماذا حدث بعد ذلك، وربما كيف حدث ذلك.

كان جريجور سامسا مندوب مبيعات متجوّلا. كان شابا عازبا ضحى بنفسه وبطموحاته طيلة خمس سنوات، وكان قد قرر مواصلة التضحية لسنوات أخرى قادمة، ليعيل عائلته، المكونة من أب وأم وأخت صغرى، بعد أن خسر الأب تجارته وغرق في الديون. اضطر الشاب للعمل في وظيفة لا تعجبه لينقذ عائلته من الفقر. الغريب أنّه كان لدى العائلة طباخة وخادمة رغم أنّها عائلة فقيرة، كما يفترض، هذه الجزئية لم أسردها على كافكا. هو أضافها من عنده.

أمّا بطل هذه الحكاية فقد كان متزوجا، وكان يشتغل معلما من الصباح إلى ما بعد الظهر، وبائع خضروات وفواكه في المساء، خلال الأيام التي لا يعود فيها منهكا خائر البدن من المدرسة. كان طموحه أن يتخرج في كلية الآداب ناقدا أدبيا يُشار له بالبنان، يجعل العالم يرمي بالنظريات الأدبية كلّها إلى أقصى أعماق تاريخ الأدب ويعتنقون جميعهم نظريته الفذة التي لم يضع بعد خطوطها العريضة. لكنّه سيتخلّى عن حلمه أو سيؤجله، بعد عامين وسيقفز إلى معهد تكوين المعلمين ليتخرج بعد سنة واحدة معلما متجهم الملامح متهدّل الكتفين.

كان عمره واحدا وعشرين عاما، وكان خلال سنة دراسته في المعهد يعمل في مهن وحرف صغيرة متعددة ليغطي مصاريفه. المنحة الدراسية المتواضعة التي يمنحها المعهد، بجانب مدخرات والدته، التي كانت تدبرها خفية عن والده، بالكاد كانت تكفي لسدّ رمق العائلة، بعد أن قرر الأب فجأة أن يتوقف عن العمل ويفترش سجادة الصلاة في البيت متعبدا مستغفرا ربه من ذنوبه طيلة سنوات اشتغاله ساقيا في حانة.

قبل أن أنسى: يوم الأحد، الذي سبق صباح الاثنين الذي اكتشف فيها بطلنا تشوهه والذي سيكون بداية اكتشافه للروابط العائلية الحقيقية. خرج يتمشى ولم يذهب إلى السوق حيث يفترض أن يحصل على دخل إضافي من عربة الخضروات. لم يكن تعبا طامعا في الاستجمام. لم يذهب أيضا يوم السبت ولا مساء الجمعة. السبب ببساطة أنّ عربته أخذت منه مساء يوم الخميس. سأعود طبعا لهذه التفصيلة لاحقا…

… أغمض عينيه بأسى، ثم رفع رأسه وتجول ببصره في أرجاء غرفته. انتبه إلى أنّه أثناء سقوطه عن الفراش أسقط معه مصباح القراءة ومعه كتابا كان على المنضدة المجاورة للفراش. تذكر أنّ يده اندفعت، تلقائيا، حين شعر باختلال توازنه وبدأ سقوطه، للاستناد على المنضدة التي يستخدمها مكتبا، لكن يده اصطدمت بالكتاب الذي قرأه قبل نومه، فانزلقت وانزلق معها الكتاب وسقط وبجانبه الكتاب على وجهه.

دقق نظراته المندهشة في الصورة على غلاف الكتاب. تذكر الآن أين رأى ذلك الوجه. الرجل الملتحف بالسواد الذي رآه في القنطرة وبدا له مألوفا جدا أمس، إنّه يشبه كافكا. بل كأنّه فرانز كافكا ذاته، ما لم يكن يتخيّل كلّ هذا.

… أحسّ بقلبه يتكسّر ويتفتت مع تهشّم الكأس خلف الباب. تذكر أنّ جريجور سامسا عانى أيضا معاناة شبيهة حين خرج إلى عائلته صباحا ورأته كيف صار حيوانا نجسا، حشرة مدنسة عفنة. والدته أغمي عليها وانطلق أبوه يبكي. أمّا السكرتير الذي جاء موفدا من مديره ليستفسر منه سبب تغيبه عن العمل قد قفز مرعوبا وهرب من الشقة قافزا درجات السلم كأنّ الشياطين تطارده تاركا عصاه التي قام إليها الأب لاحقا وبدأ يهشّ بها على جريجور المسكين ليعيده إلى غرفته. وفي أثناء ذلك تعرض لأذى جسدي كبير قبل أن يقفل عليه في الغرفة مكوّما على الأرضية مصدوما تنزف جراحاته دما.

 

 مقتطفات

 الفكر العربي وسوسيولوجيا الفشل

 

يقدّم كتاب «الفكر العربي وسوسيولوجيا الفشل» للمفكر والمترجم المصري شوقي جلال تحليلًا معمّقا لأزمة الفكر العربي، مبيّنا أن تجاوز هذه الأزمة يتطلب نقدًا جذريًا للتراث، وتبنّي فكر عقلاني نقدي، وثورة في التعليم، وبناء وعي تاريخي نقدي يستوعب التفاعلات والتناقضات.

يقول الكاتب: «خيط واحد يجمع بين فصول هذا الكتاب وإن بدت عناوينُها متباينة، هذا الخيط هو أزمة الفكر العربي التي هي في جوهرها أزمة حضارة أو أزمة فعل التحوّل الحضاري. والحضارة، هذه الكلمة المستحدثة، هي فكرة أو مفترض ذهني أو مصطلح ملتبس تباين مدلوله باختلاف زمان عصرنا الحديث، وكذلك باختلاف المكان حسب الأهواء والمصالح. بيد أنّ الكلمة أصبحت عملة متداولة وإن غاب عنّا تاريخها وتطور مدلولها والمسكوت عنه لدى المتحدّثين بها، ولكننا في حياتنا تلقّفنا هذا وذاك على نحو ما اعتدنا دون نقد».

ويضيف متسائلا: «لكننا ننسى أن نسأل أنفسنا بلغة العولمة، موضة العصر، بل وكاشف الطريق إلى المستقبل. لماذا احتجبت عن الفعل والتأثير العناصر الإيجابية في حياتنا، في حضارة الشرق الأوسط حين كان الشرق العربي منارة للعطاء الفكري والتقني أي الحضاري؟ أو لنُعد السؤال بلغة العولمة: لماذا اغتَربت المنطلقات الإيجابية الفكرية والعلمية والتقنية، البيروني والخوارزمي وابن رشد وابن الهيثم وابن خلدون…، اغتربوا جميعا في أوطانهم قرونا؟ أي كما يُقال غيّبوا أو اغتربوا عن الوطن، ولماذا توطّنوا وتعولموا في أوروبا فكانوا البداية والمنطق لتأسيس حضارة جديدة؟ ابن خلدون عالم الاجتماع وصاحب مدرسة العمران الفكرية. غاب عنّا واغترب ثم توطّن وتعولم في أوروبا، وكان بالإمكان افتراضا، تطوير فكره عن العمران ليكون أساسا لفكر جديد وموضوعي عن الحضارة.

نحن بحاجة إلى دراسة سوسيولوجية وأنثروبولوجية وتاريخية نقدية لواقع حركتنا في التاريخ وبنيتنا الثقافية الاجتماعية المتوارثة وأثرها على السلوك العرفاني، ومسؤوليتها عن التقاعس والتواكل، وأن نُعيد إحياء إيجابيات حياتنا الفكرية مع تجديد أو تثوير قواعد تفكيرنا وتنشئتنا وتعليمنا، وأن يقترن هذا بإنتاج وجودنا على مستوى حضارة العصر وفي صراع الوجود الخالق. وهذا ما حاولتُ الإشارة إليه في الفصل المعنون «الفكر العربي وسوسيولوجيا الفشل»، وكذلك فصل «تجديد الفكر الاجتماعي». هي محاولة قاصرة يقينا ولكنّها دعوة إلى ذوي الكفاءة والأهلية للانطلاق ووضع تصوّر عقلاني نقدي لمسيرتنا الفكرية أو الحضارية صعودا وهبوطا لتكون نبراسا لنا لتصحيح الذات، بل الثورة على الذات لكسر القيود التي تعوق حركتنا».

يطرح الكتاب عدّة تساؤلات أساسية منها سؤال الفكر: متى يمكن القول إن لأمة فكرًا؟ ويؤكد أن الفكر هو نتاج التفاعل الجدلي بين الإنسان والمجتمع، ولا يمكن فصله عن الواقع الاجتماعي والتاريخي. وعن أسباب الفشل يرى الكاتب أن الشعوب العربية تعاني من سكون حضاري منذ القرن الخامس عشر، ويربط ذلك بعدة عوامل منها: تقديس التراث والنظر إلى التراث كموروث مقدس غير قابل للنقد. إضافة إلى فهم مغلوط للهوية الإسلامية واعتبارها كينونة متجانسة، دون وعي بصيرورتها التاريخية. وأخيرا إخفاق الخطاب اليساري: نتيجة استخدامه آليات قديمة غير فعالة. كما ينتقد جلال الفهم السائد للهوية الإسلامية، معتبرًا إياه وعيًا زائفًا يعيق التقدم، ويدعو إلى وعي تاريخي نقدي يستوعب التفاعلات والتناقضات. ويشدد الكاتب على أهمية تبني فكر عقلاني نقدي، يرفض الجمود والتقليد، ويؤمن بأن جميع الحقائق قابلة للنقد والتفنيد. ويدعو أخيرا إلى ثورة في التعليم، تركز على تنمية العقل النقدي، وغرس قيم التسامح، والنهج العلمي، والقدرة على الإبداع.

شوقي جلال عثمان (1931- 2023) مفكر ومترجم مصري بارز، وُلد في القاهرة، ودرس الفلسفة وعلم النفس في جامعة القاهرة. عُرف بمشروعه الفكري التنويري وقدّم العديد من المؤلفات والترجمات التي أثرت المكتبة العربية، منها:

– الترجمة في العالم العربي

– التفكير العلمي والتنشئة الاجتماعية

– المصطلح الفلسفي وأزمة الترجمة

نال شوقي جلال عدة جوائز تقديرية، منها «جائزة رفاعة الطهطاوي» من المركز القومي للترجمة عام 2018.

 

 رف الكتب

 الكتب في حياتي

 

كان الأمريكي هنري ميلر (1891- 1980) Henry Miller كاتبا متمردا في أسلوب حياته ونمط كتاباته المغايرة والمرتبطة برؤيته الحادّة للوجود، بنى عالمه الروائي من خلال مزيج معقد من سيرته الذاتية ورؤاه الوجودية وتجاربه الخاصة في حياته الهامشية ومعاناته من الفقر وحياة التيه وتسكعه خاصة في مقامه الباريسي ورفقته مع كبار الكتاب والرسامين، ورفضه رفضا قاطعا لقيم المجتمع الأمريكي الذي بادله هو الآخر مشاعر الكره وعامله ككاتب منبوذ سيئ السمعة، لذلك كان من الطبيعي أن يكون قارئا غير عادي يملك وصفاته التي لا تشبه قارئا آخر، ربّما كانت وصفته الأساسية لا تقتصر على عدد الكتب بقدر ما تشمل بالأساس نوعيتها. يتحدث هنري ميلر عن حياته في مكتبته قائلا: «أجلسُ في غرفة صغيرة، أحد جدرانها أصبح الآن مكسواً برمته برفوف من الكتب. إنّها المرّة الأولى التي أحظى فيها بمتعة العمل بأي شيء يشبه مجموعة من الكتب. لعلها في المُجمل لا تتجاوز الخمسة آلاف، ولكنّ غالبيتها تمثّل اختياري الخاص. وهي المرّة الأولى منذ أن بدأتُ مسيرتي في الكتابة التي أجد فيها نفسي مُحاطاً بعدد ضخم من الكتب طالما تُقْتُ إلى امتلاكها. ولكن كوني في الماضي قمتُ بعملي في مُعظمه من دون الاستعانة بمكتبة أعتبره مزيّة وليس نقيصة. أحد أوّل الأشياء التي أربطها بقراءة الكتب هو الصراع الذي خُضْته من أجل الحصول عليها. لا أقول أمتلكُها، انتبه، بل أنْ أضع يدي عليها. ومنذ اللحظة التي تملكني فيها الشوق لم أُواجه إلّا العقبات، فالكتب التي أردتها، من المكتبة العامة، كانت دائما طبعاتها نافدة، وطبعا لم يكن في حوزتي المال اللازم لشرائها».

يتساءل الكاتب عن الأسباب التي تجعل الكتاب يبقى حيا: «كم من مرّة طُرِح هذا السؤال! والجواب، في اعتقادي، بسيط. الكتاب يبقى حيا عبر التوصية المُحبّة التي يقدّمها قارئ إلى الآخر. لا شيء يمكنه أن يخنق هذا الحافز الأساسي عند الكائن البشري، وعلى الرغم من آراء الساخرين وكارهي البشر، اعتقادي هو أنّ البشر سوف يُكافحون أبدا للتشارك في أعمق تجاربهم. إنّ الكتب هي أحد الأشياء التي يُدللها البشر بعمق. وكلّما كان الإنسان راقيا يتشارك بشكلٍ أسهل بمقتنياته العزيزة، وكتابٌ يتمدّد بتكاسل على رفٍ هو ذخيرة ضائعة سُدى. وكالمال، يجب جعل الكتب في حالة تداول مستمر. استعِرْ وأعِرْ إلى أقصى مدى، كتبا ومالا معا! سيّما الكتب، لأنّ قيمة الكتب أعلى بما لا يُقاس من قيمة المال. فالكتاب ليس فقط صديقا، بل يصنع لكَ أصدقاء. وعندما تمتلك كتابا ذا عقلٍ وروحٍ، تغتني. ولكن عندما تعطيه لشخصٍ آخر تغتني ثلاثة أضعاف».

أخيرا يقدم الكاتب نصيحة للقارئ: «هناك طريقة ممتازة لاختبار هذه النصيحة النفيسة التي لم أعطها بتهوّر. فعندما تصادف كتابا ترغب في قراءته… دعه وشأنه بضعة أيام… دع العنوان واسم الكاتب يدوران في عقلك. اسأل نفسك بحدّية إذا كان ضروريا أن تضيف هذا العمل إلى مخزونك من المعرفة أو إلى ذخيرتك من المتعة».

 

 متوجون

 تكريم الصغير أولاد أحمد بجائزة محمود درويش

تمّ منح جائزة «محمود درويش للشعر والأدب والفنون»، في دورتها الأولى، تكريما للشاعر التونسي الراحل محمد الصغير أولاد أحمد عن مجمل أعماله الشعرية والأدبية ومسيرته الإبداعية. وتنظم «جائزة محمود درويش للشعر والأدب والفنون» من قبل مركز الفنون والثقافة والآداب بقصر السعيد وكلية الآداب والفنون والإنسانيات بمنوبة وكرسي الإيسيسكو «ابن خلدون للثقافة والتراث» وهو من ضمن شبكة الكراسي الدولية للفكر والآداب والفنون التابعة لمنظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)، التي تضم جامعات ومعاهد بحثية مرموقة. ويرأس اللجنة العلمية لجائزة محمود درويش للشعر والأدب والفنون المؤرخ الجامعي عبد الحميد لرقش، وعضوية كل من لطيفة لخضر مؤرخة ووزيرة ثقافة سابقة، وفوزي محفوظ مؤرخ ورئيس كرسي ابن خلدون.

وقال رئيس اللجنة العلمية لجائزة محمود درويش للشعر والأدب والفنون، تنويها بالفائز الراحل محمد الصغير أولاد أحمد: «هو الأكثر شعبية والأكثر حبا بين النخب المثقفة في تونس وفي جزء كبير من العالم العربي وخاصة الفلسطيني»، متابعا «بفضل إتقانه الاستثنائي للتقاليد الشعرية العربية، وإعجابه اللامحدود بأساتذة الأدب، وعبقريته اللفظية التي تجمع بين الدقة والجمال، والتزامه الإنساني، فرض الصغير أولاد أحمد نفسه كشاعر متكامل، وشخصية لا يمكن تجاوزها في الشعر المعاصر».

سبق للشاعر محمد ألصغير أولاد أحمد أن نال، خلال حياته، جائزة قرطاج العالمية للشعر عام 2011، ومن أبرز أعماله: «ليس لي مشكلة» (1989)، «تفاصيل» (1989)، «جنوب الماء» (1991)، «الوصية» (2002)، «حالات الطريق» (2013) و»قيادة شعرية للثورة التونسية»(2013).

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى