
في الخطاب الذي ألقاه يوم 12 أكتوبر 2018 أمام أعضاء مجلسي البرلمان، أعطى الملك محمد السادس توجيهاته لتعبئة الأراضي الفلاحية المملوكة للجماعات السلالية قصد إنجاز المشاريع الاستثمارية في المجال الفلاحي، ولكي تشكل رافعة قوية لتحسين المستوى الاقتصادي والاجتماعي وخاصة لذوي الحقوق، وهو ما قد يمكن من تعبئة، على الأقل، مليون هكتار إضافية من هذه الأراضي.
وتفعيلا لهذه التوجيهات، أصدر وزير الداخلية دورية موجهة إلى ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، حول تعبئة العقارات المملوكة للجماعات السلالية عن طريق الكراء لإنجاز مشاريع استثمارية، واعتبرت الدورية أن الأكرية المنصبة على عقارات الجماعات السلالية إحدى الوسائل المتاحة قانونا لتثمين هذه العقارات بهدف إنجاز مشاريع استثمارية في مختلف الميادين سيما في الميدان الفلاحي، كما تعد هذه العملية آلية من آليات التوظيف الجيد للأرصدة العقارية الجماعية بما يعود بالنفع على الجماعات السلالية المالكة وعلى الاقتصاد المحلي والوطني.
وتندرج طلبات العروض التي تعلنها وزارة الداخلية عملا بمقتضيات المادة 19 من القانون 17-62 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها الصادر بالجريدة الرسمية بتاريخ 26 غشت 2019، كما أن الغرض من إعمال المنافسة هو خلق طبقة وسطى في القطاع الفلاحي كفيلة بإحداث ديناميكية جديدة في هذا القطاع، وفق ما جاء في التوجيهات الملكية.
وبعد صدور النصوص القانونية والدوريات المنظمة لتمليك وتفويت الأراضي السلالية لذوي الحقوق، شرعت سلطات الوصاية متمثلة في وزارة الداخلية، في كراء بعض العقارات المملوكة للجماعات السلالية لإنجاز مشاريع استثمارية، لكن دخول “شناقة” و”سماسرة” على الخط تسبب في إفساد العملية، كما وقع مؤخرا بمنطقة الغرب، حيث تمكن نافذون من الاستحواذ على آلاف الهكتارات ثم قاموا بإعادة تفويتها أو كرائها لأشخاص أجانب بالملايير لإنتاج فاكهة الأفوكادو.
لكن طلبات العروض المعلنة من طرف مصالح الوصاية جاءت بنتائج عكسية لما ورد في التوجيهات الملكية، حيث يتبين من المعلومات الأولية المتعلقة بالمشاركين في طلبات العروض أن أغلبهم ليست لهم علاقة لا من قريب ولا من بعيد بالفلاحة وأن العديد منهم إنما هم مضاربون “شناقة” يسعون لحيازة هذه الأراضي وعرضها في ما بعد على مستثمرين أجانب إسبان أو إسرائيليين، مقابل مبالغ مالية خيالية.
والأخطر في هذه العملية هو أن تستعمل وزارة الداخلية مستقبلا الأثمنة المبالغ فيها كثمن مرجعي لكراء العقارات التابعة للجماعات السلالية وبالتالي ستضرب في الصميم كل فرص الاستثمار في المجال الفلاحي فوق أراضي الجماعات السلالية، لأن بعض “السماسرة” ساهموا في رفع السومة الكرائية، ما جعل أصحاب “الشكارة” يستحوذون على كل طلبات العروض، مقابل حرمان صغار الفلاحين.
فهل سيتم التحقيق مع “الشناقة” و”الفراقشية” الذين استحوذوا على آلاف الهكتارات بطرق مشبوهة، خاصة أن وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، قال تحت قبة البرلمان “اللي خذا شي أرض أو شي درهم يردها، ولا غادي نوصلو معاه لخزيت”.





