الرئيسية

قصة إدخال «فولسفاغن» الألمانية إلى المغرب ثم إلى أمريكا.. المالح باع في حياته مليوني سيارة 

الأخبار

كان فيكتور المالح رياضيا أيضا. رجل أعمال برقم معاملات يساوي ملايين الدولارات وقتها، ورحلات لا تتوقف بين أوربا والمغرب وأمريكا، لكن كل هذا لم يمنع فيكتور المالح من مواصلة مساره الرياضي. اعترف بأنه استبدل ملاعب كرة اليد التي كان يدمنها في شبابه ويلعبها باستمرار، بملاعب رياضة السكواتش. انخرط في اللعبة ليس على سبيل تبديد التعب والبحث عن اللياقة وإنما كمحترف شارك في البطولة الأمريكية. وكان مثيرا جدا للانتباه أنه لعب اللعبة طوال سنوات الخمسينيات وبداية الستينيات، دون أن يعتزل، بل ولعب البطولة الأمريكية وهو في سن الثانية والأربعين، وفاز ضد لاعبين كانوا في عمر 24 سنة. وحصد إعجاب متتبعي البطولة الذين كانوا يراقبون كيف أن رجل أعمال ناجحا ورب أسرة كثير الانشغال، كان مواظبا على التداريب في رياضة «السكواتش»

 

++++++++++++++++

 

بعد أن تصالح فيكتور مع والده رفاييل المالح، بطريقة عجيبة، يكمن سرها في ترك الزمن لمحو الخلاف وتقبل زواج فيكتور بـ«سونو» اليابانية التي لم تكن يهودية الديانة، رغم تهديد الوالد بالانتحار في المغرب إن تم ذلك الزواج، انخرط فيكتور في سلسلة من الاستثمارات في الاستيراد والتصدير بين الولايات المتحدة الأمريكية والمغرب. شملت بعض المواد الاستهلاكية والألبسة، ثم مرّت العائلة إلى الاستثمار في مجال السيارات.

في آخر حياته، اعترف فيكتور المالح بأنه باع في ثلاث ولايات أمريكية ما يزيد عن مليوني سيارة، بينها سيارات فاخرة جدا من ماركات عالمية تصنع لزبنائها تحت الطلب. وهو رقم كبير جدا، بل وقياسي، باعتبار أن فيكتور المالح لم يكن مُصنعا وإنما كان مستوردا فقط.

 

قصة «فولسفاغن»

يقول فيكتور المالح إن أحد أصهاره الذي شاركه في تجارته الأولى بغطاء مكتب والده رافاييل في نيويورك، عرفه على ثري أوربي قصد استيراد السيارات. يقول: «من بين المشاريع التي بدأناها في المغرب، مشروع يتعلق بتجارة السيارات، وحصلنا على بعض الامتيازات. سيارات صنعت من طرف «كريسلر»، ولاحقا تعاملنا مع «جيب» و«فولسفاغن». كنا خامس موزع أجنبي لشركة «فولسفاغن» في العالم كله.

كانت سيارة صغيرة وبشعة. لم يكن بيعها سهلا، لكنها كانت مناسبة جدا للمغرب. لم يشهد المشروع نجاحا كبيرا لأنه كان من الصعب بيع سيارة ألمانية في بلد تابع لفرنسا. بطريقة أو بأخرى أصبحنا أصدقاء للدكتور «هانز نوردهوف» الذي كان على رأس المصنع».

يقول فيكتور المالح إن الامتياز الذي حصل عليه، جاء بفضل الصداقة التي جمعت بين صهره «لاري» ومدير المصنع الذي غادر المنصب بعد مدة تمكن خلالها فيكتور وشركاؤه من الفوز ببعض الامتيازات عن الموزعين الآخرين، بفضل تلك الصداقة طبعا.

لكن أكبر امتياز حصل عليه فيكتور المالح من المدير العام لشركة سيارات «فولسفاغن»، كان هو إدخال هذه السيارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع بداية الخمسينيات. إذ إن المبيعات كانت في ارتفاع كبير، ولاحظ السيد «هانز» أن رقم معاملات بيع السيارة يتجه نحو الارتفاع وأراد استغلال صداقته مع فيكتور المالح وصهره، ليعرض عليهما أن يتوليا إدخال السيارة الألمانية إلى أمريكا، وبالتالي احتكار توزيعها في كل ربوع البلاد.

هذا الامتياز، الذي قال فيكتور المالح إنه جاء عن طريق الصدفة من خلال العلاقة الإنسانية مع مدير المصنع في أوربا، جعل المالح في الحقيقة يدخل التاريخ في أمريكا. حتى أنه عند وفاته سنة 2014، تحدثت الصحف عن أحد إنجازاته وهو إدخال السيارة الألمانية إلى الولايات المتحدة، رغم أن عمليات أخرى كثيرة كانت وراء إنشاء ثروته الضخمة التي أثارت الإعجاب حوله لسنوات طويلة.

يقول متحدثا عن العرض الذي كان وراء إدخال «فولسفاغن» إلى أمريكا: «طبعا قبلنا العرض لكي نصبح موزعين للسيارة في أمريكا. بدأنا بخمس ولايات، وأصبحنا الموزعين الأوائل قبل إنشاء «فولسفاغن أمريكا». كنت أبيع السيارات في شيكاغو، بوسطن، واشنطن ونيويورك.

بعنا 1600 سيارة في السنة الأولى. والمثير أن الذين بعنا لهم هذه السيارات، أصبحوا أنفسهم لاحقا موزعين لـ«فولسفاغن أمريكا»، وأصبحوا ناجحين تماما كما كنا نحن أيضا.

في سنة قمة نجاحنا قمنا بشحن 85 ألف سيارة إلى ثلاث ولايات أمريكية. نيويورك، نيوجرسي وكونيكتيكوت. وعلى مدى 37 سنة بعنا حوالي مليوني سيارة، بما فيها سيارات «أودي» و«بورش».

 

فيكتور «المغربي»

سرت بعض الشائعات بخصوص مضايقات تعرض لها فيكتور المالح عند توزيعه لماركة «فولسفاغن» في المغرب، أبطالها نافذون مغاربة وفرنسيون كانوا يرون فيه منافسا لهم. وهو الأمر الذي لم يكذبه فيكتور المالح. إذ إن التجربة التي قضاها في المغرب موزعا للسيارة، سواء خلال الحماية مع بداية الخمسينيات، أو بعد استقلال المغرب بفترة قصيرة، كانت ناجحة بكل المقاييس. اللهم إذا قارنها فيكتور المالح مع الأرباح التي راكمها في الولايات المتحدة، فوقتها سوف تبدو الأرقام المحققة في المغرب متواضعة جدا.

تردد أن فيكتور المالح تعرض لبعض المضايقات من رجال أعمال نافذين، كانوا يستقوون بعلاقاتهم النافذة في الرباط، في وقت لم يكن فيه فيكتور المالح يتوفر على معارف وازنة في المغرب. وربما كان هذا الأمر متعمدا من طرفه، فقد بقي شبه معزول حتى عن معارف والده. وهي استراتيجية لجأ إليها فيكتور المالح طيلة حياته في ما يخص عالم المال والأعمال. فقد كانت كل علاقاته الاجتماعية مع الفنانين فقط، وكان يتجنب ربط علاقات إنسانية مع منافسيه في التجارة وإدارة الأعمال.

في الرباط، كان بعض النافذين يأتون إليه بتوصيات من سلطات عليا في المغرب، يطلبون منه منحهم سيارات، وهو ما جعل فيكتور المالح يتبرم من تعميق علاقاته ببعض الشخصيات النافذة. وهو أيضا سبب غير مباشر في جعله يقلص عدد السيارات التي كان يوجهها نحو المغرب، إذ كان يفضل توجيه تركيزه نحو الولايات المتحدة.

التبست ظروف إغلاق تجارة المالح في المغرب، لكن، كما سوف نرى لاحقا، فإن القرار ارتبط بانتقال والده النهائي إلى نيويورك، عندما ازدهرت أعمال العائلة بشكل كبير، إلى أن توفي فيها سنة 1990. وفي نهاية الخمسينيات، كان مشروع السيارات في المغرب قد أصبح في خبر كان.

يقول فيكتور المالح إنه تردد على المغرب مرات كثيرة خلال مدة اشتغاله، وقضى به فترات شبه مستقر للتركيز على تجارة السيارات وتصدير السلع نحو الولايات المتحدة، مستغلا قرب المغرب من أوربا. لكن علاقاته مع المغاربة، مشاهير وسياسيين، كانت شبه منعدمة. لماذا امتنع فيكتور المالح، الذي كان على صلة بأشهر نجوم أمريكا والعالم، عن إنشاء صداقات مع الأثرياء المغاربة الذين كان لهم وقتها وزن كبير في المغرب وفي صناعة القرار؟

حتى في أمريكا، كان المالح بعيدا تماما عن رجال السياسة. وربما كان هذا أحد مبادئ أسرة المالح التي اعتنقت المال وحده، في المغرب كما في أمريكا.

 

استبدال كرة اليد بـ«السكواتش»

خلال تلك الفترة، وإلى نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات، كان فيكتور المالح رياضيا أيضا. رجل أعمال برقم معاملات يساوي ملايين الدولارات وقتها، ورحلات لا تتوقف بين أوربا والمغرب وأمريكا، لكن كل هذا لم يمنع فيكتور المالح من مواصلة مساره الرياضي. اعترف بأنه استبدل ملاعب كرة اليد التي كان يدمنها في شبابه ويلعبها باستمرار، بملاعب رياضة السكواتش. انخرط في اللعبة ليس على سبيل تبديد التعب والبحث عن اللياقة وإنما كمحترف شارك في البطولة الأمريكية. وقد كان مثيرا جدا للانتباه أنه لعب اللعبة طوال سنوات الخمسينيات وبداية الستينيات، دون أن يعتزل، بل ولعب البطولة الأمريكية وهو في سن الثانية والأربعين، وفاز ضد لاعبين كانوا في عمر 24 سنة. وحصد إعجاب متتبعي البطولة الذين كانوا يراقبون كيف أن رجل أعمال ناجحا ورب أسرة كثير الانشغال، كان مواظبا على التداريب في رياضة «السكواتش». تداريب قاسية للحفاظ على اللياقة البدنية العالية التي تتطلبها المشاركة في البطولة الوطنية الأمريكية التي تتنافس فيها مئات الفرق الثنائية والفردية. وعند تتويجه بالبطولة رفقة فريقه، كان فيكتور المالح منتشيا أيضا بازدهار أعماله التجارية التي كانت  تتخذ منحى آخر أكثر إثارة في منتصف الستينيات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى