شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

ماذا لو كان زعيم حزب الاستقلال أمازيغيا؟

يونس جنوحي

عندما سألتُ قادة حزب الاستقلال عن مدى قوة الحزب، أجابوني:

-«باستثناء أولئك الفرنسيين الحمقى، المغرب كله معنا»، لكن هذا الأمر لم يكن صحيحا.

في المناطق النائية التقيتُ أناسا لم يسبق لهم أبدا أن سمعوا بحزب الاستقلال، أو لم يعرفوا ما معناه. ورغم التحفظ الذي أبداه المغاربة، إلا أنني شعرتُ بأن عددا كبيرا من الناس، وربما أغلب المغاربة، لم يكونوا مُبالين بالسياسة.

كان هذا مُتوقعا عندما تعلق الأمر بالمُزارعين، إذ إن اهتماماتهم وارتباطاتهم كانت محلية جدا. وبما أن حزب الاستقلال كان، بالأساس، تأسس في المدينة، فإن انجذابهم له كان محدودا جدا.

قلة فقط من الزعماء الذين التقيتهم أعربوا عن أخذهم بعين الاعتبار الفجوة بين المدينة والقرية، وهو الأمر الذي ليس سمة مغربية بأي حال من الأحوال.

في بعض المناطق الوضع غاية في البساطة. قد يُلقي عضو من حزب الاستقلال خطبة أمام قرية ما، وسيتمكن، على ما يبدو، من إقناع الجمهور. لكن إذا أعلن زعيم قبيلة، بعد ذلك بأيام: «هناك مشاكل في المدينة، وهناك إمكانية لحدوث أعمال نهب! هيا بنا!»، فإن رجال القبيلة سيتبعونه.

إذا صنع حزب الاستقلال زعيما بشخصية لديها خلفية أمازيغية، فربما كان الوضع في المغرب مُختلفا. لكن النزعة الفكرية العاطفية لمواطني المدينة تجعل شعبية علال الفاسي تكاد تكون غير محسوبة عندما يتعلق الأمر بجذب الفلاحين الأمازيغ الذين يكون ولاؤهم للمغرب. وهؤلاء لا زالوا يشكلون مصدر جذب قوي، إلا أن الحزب لا زال مفهوما غامضا لبعضهم.

ومع ذلك، اللامبالاة تبقى حالة خطيرة.

الرجل الذي يقول: «في ماذا يعني أن أعرف من يحكم؟»، فإنه يخطو الخطوة الأولى نحو تكريس الشمولية. إن التاريخ المغربي يقدم نماذج لرجال ثبتوا على مبادئهم، لكن الكثير من الناس يقبلون حقيقة مكتملة أمام أعينهم دون أن يُبدوا أي احتجاج.

هناك من يزعمون أن مثل هذا السلوك يتفق مع الدين الإسلامي. بالنسبة لهؤلاء، الرجل أو الجماعة أو القبيلة، عندما تصل إلى السلطة، يكون الأمر مشيئة من الله. والواضح أن التاريخ يشير إلى وجود استحسان أن يقف المرء دائما مع الجانب المُنتصر. وفي المغرب نادرا ما يدفعُ الخاسر ثمن خسارته، إذ إن عنصر التخوف يسود المشهد مرة أخرى. بعد خوضي عددا من المحادثات اتضح لي أن عددا كبيرا من الناس، الذين لم تكن لديهم أي قناعات سياسية قوية، كانوا خائفين. لم تكن لديهم أي شكاوى حقيقية ضد الفرنسيين. لكن هل أصبحت فرنسا ضعيفة نتيجة للحرب؟ إذا كان الأمر كذلك لنفترض أن قادة حزب الاستقلال أصبحوا هم حُكام المغرب! فإنه من المستحسن ألا تُهينهم، وربما يجدر بك أن تجلس بجانب السياج وترى كيف تسير الأمور.

قام ملايين الألمان، في أوائل ثلاثينيات القرن الماضي، بالأمر نفسه ولم يختاروا من يحكمهم على أساس الصواب أو الخطأ، أو حتى على أساس أخذ منفعتهم الخاصة بعين الاعتبار. لكن، في ما يتعلق بالمسألة البسيطة المتمثلة في من سيصل إلى السلطة، فإن الألمان، عندما تقرر أن يصوتوا على من يحكمهم، نسبة منهم اختارت أن تحكمهم النازية وصوتت لها بإخلاص.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى