م.ع
فازت رواية الكاتب الليبي محمد النعاس”خبز على طاولة الخال ميلاد” بجائزة البوكر للرواية العربية. نقدم هنا نبذاً عن الروايات العربية الأخرى التي تنافست على الجائزة.
كانت رواية الكاتب المصري طارق إمام «ماكيت القاهرة» (دار المتوسط، 2021) من الروايات المرشحة للجائزة. وما ربحه طارق إمام هو ذلك الكمّ الهائل من المقالات التي كُتبت عن الرواية منذ صدورها، ثم ظهورها في لائحة البوكر الطويلة، ثم اللائحة القصيرة.
رواية طارق إمام غنية بالمعرفة التقنية حول فن الغرافيك، أو الغرافيتي، طرق تنفيذه المختلفة. ثم فنّ الخط العربي وأنواعه غير الشائعة والمدارس التي تدرّسه. ثم تتوسّع الرواية في تقديم معلومات عن أنواع كاميرات التصوير السينمائي الحديثة، والفروق الدقيقة بينها، بحسب اختلاف الأمكنة والسياقات. لم تقف الرواية عند هذا الحدّ، بل عادت إلى أغاني التسعينات المصرية، فتَمَّ الوقوف على لحظات الازدهار والأفول، كما تمّت العودة إلى ثورة يناير 2011. لهذه الأسباب، يمكن اعتبار «ماكيت القاهرة» موسوعة من المعارف في المجالات المشار إليها.
صدر للكاتب طارق إمام أحد عشر كتاباً، بين روايات ومجموعات قصصية، من أبرزها «هدوء القتلة» 2007، «الحياة الثانية لقسطنطين كفافيس» 2012، «ضريح أبي» 2013، «مدينة الحوائط اللانهائية»2018 و«طعم النوم» 2019.
لم تكن الروائية والقاصة العمانية بشرى خلفان معروفة بما يكفي عند القارئ العربي، إلى أن رشحت روايتها «دلشاد سيرة الجوع والشبع» للفوز بجائزة البوكر للرواية العربية، رغم أنها ذائعة الشهرة في بلدها عمان. كتبت سيناريوهات أفلام للأطفال والفتية، وشغلت منصب مديرة لمختبر السرديات في سلطنة عُمان، ومؤسسة لجمعية الكُتاب والأدباء العمانية، ونشرت العديد من الروايات في دور نشر عربية متعددة على امتداد الوطن العربي.
تنقسم رواية «دلشاد» إلى ثلاثة فصول، يحمل كل فصل عنوان حارة من حارات مسقط التي تدور فيها الأحداث الرئيسية للرواية، في النصف الأول من القرن العشرين. الشخصية الرئيسية «دلشاد»، الفتى المسقطي، مجهول النسب، الذي يكبر في حارة من حارات «البلوش»، متأثراً بثقافتهم ومن جاورهم من العرب. منه ترث مريم الجوع والضحك، وتكون طفلته وأمه ورفيقته في عماه، لكنه ولشدة فقره، يضطر لتسليمها إلى بيت تاجر مسقطي، لتعمل مقابل لقمتها. في ذلك البيت، تعرف مريم تناقضات الحياة، حيث تعيش مطمئنة ثم تضطر للهرب. «دلشاد» رواية عن الجوع والحزن، المغامرة والحب، تتوالد فيها الحكايات بأصوات متعددة، وبلغات مختلفة تعنون لتعدد الثقافات في مسقط.
ومن الروايات المرشحة «يوميات روز» (دار الآداب، 2021) للكاتبة الإماراتية ريم الكمالي. تدور أحداث الرواية في منتصف ستينات القرن الماضي بين دبي والشارقة، زمن حركات الاستقلال، وصعود فكرة العروبة، وقبل قيام دولة الاتحاد في الإمارات، مع الطالبة روز، القارئة المحترفة، التي لديها ملكة الكتابة. تكتب روز يومياتها وتصبُّ غضبها فيها، بعد أن تحرم من البعثة الدراسية لتلقي بدفاترها في الخور بعد الكتابة، إذ كان من المعيب على المرأة آنذاك كتابة إبداعها.
اعتبرت مجموعة من المقالات التي كُتبت عنها في الصحافة العربية أنها ضدّ تهميش المرأة داحل المجتمعات الذكورية. يكتشف قارئ «يوميات روز» أن المرأة البطلة مهمشة على ثلاثة أصعدة: على الصعيد الوجودي وعلى الصعيد العاطفي وعلى الصعيد الفكري، ثلاثة أصعدة تلخص هوية الأنثى، ثلاثة أصعدة تجد الأنثى نفسها فيها سجينة عاجزة، لا هي قادرة على الهرب ولا هي قادرة على البقاء.
كانت رواية «الخيط الأبيض من الليل» للكاتب الكويتي خالد النصر الله، من الروايات التي حازت إعجاب النقد والصحافة. رواية النصر الله انضمت إلى سلسلة روايات البوكر، وتدور أحداثها حول شخصية البطل المهووس بعالم القراءة والاطلاع، والذي يدفعه للمعاناة حينما تمارس الرقابة دورها في منع الكتب.
في رواية «الخيط الأبيض من الليل» يتابع القارئ مسار الشخصية الأساسية التي تعيش حالة من هوس الاطلاع والقراءة منذ طفولتها التي أمضتها وهى تبحث عن الكلمات وتلهث وراء أية ورقة أو قصاصة تضمُّ أحرفا وعبارات، حتى انتقلت في شبابها من مقاعد الدراسة إلى الوظيفة التي اختارتها لتمارس حياتها مدققاً للكتب في إدارة المدونات المنشورة.
خالد النصر الله حاصل على بكالوريوس في مجال التربية البدنية، وعمل معلماً في وزارة التربية بدولة الكويت. نشر العديد من المقالات في جريدة الوسط والقبس الكويتية. حصل على المركز الأول في مسابقة قصص على الهواء لمجلة «العربي»، وصلت روايته «الدرك الأعلى» إلى القائمة الطويلة لجائزة الشيخ زايد، عام 2017.
من بين الترشيحات للبوكر رواية المغربي محسن الوكيلي «أسير البرتغاليين، حكاية الناجي» (دار ميم، 2021). تحضر في رواية «أسير البرتغاليين» مفاهيم الوطن، والحب والموت، والجنس والشهوة، والصراع، والجاه والتسلط، والخديعة والملهاة، تسلط السلطان حين يبلغ ذروته، وجفاف القلوب عندما يمتصها اليأس، جنون الغريزة وهي تفعل فعل نقيضها. ووصفها صاحبها بكونها تستثمر التاريخ من أجل إضاءة قضايا الحاضر.
وجاء في بيان للجنة الانتقاء أن الروايات التي تم اختيارها تعبر عن تنوع المجتمعات العربية على الأصعدة الاجتماعية والعرقية والدينية، بينما تدين استغلال أزمات المنطقة لتكديس الثروات غير المشروعة، كما تمنح صوتا للمرأة العربية والإفريقية.
