حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

هكذا التقيتُ بوتفليقة مع المعارض المغربي الفقيه البصري في الجزائر

يونس جنوحي

لا شك أن المقارنة التي عقدها الصحافي هشام عبود بين الرئيسين اليمين زروال وعبد العزيز بوتفليقة لم ترق لبعض الأوساط التي كان وضعها السياسي مستقرا أيام زروال. فرغم أن هذا الأخير لم ينه تعليمه المتوسط ولم يكن لديه مسار مميز في الجيش، إلا أنه كان يعرف كيف يكسر حدة الأمواج العاتية التي كانت تستهدفه، لذلك فكر الجنرالات، أعضاء المافيا، في إبعاده سنة 1998. أما عبد العزيز بوتفليقة فكان دبلوماسيا ومن أطر وزارة الخارجية الجزائرية ولديه علاقات وطيدة في الشرق والغرب، وقد يفك الجنرالات من العزلة السياسية التي وضعوا فيها أنفسهم منذ عقدين، إذ لم يكن أي واحد من الجنرالات، بداية بخالد نزار والعماري، وصولا إلى حمروش والضباط التابعين لهم، قادرا على ربط اتصالات مؤثرة مع شخصيات دولية. كل ما هنالك أنهم كانوا يدفعون بسخاء لكي يظهروا أمام الرأي العام أنهم رجال دولة، لكنهم فشلوا في هذا المسعى.

 

أنا وبوتفليقة

يقول هشام عبود إنه تعرف عن قرب على شخصية عبد العزيز بوتفليقة بالضبط سنة 1989. وذكر في هذه المذكرات: «في شتنبر 1989 قابلتُ بوتفليقة في الفيلا التي تبعد أمتارا قليلة عن القصر الرئاسي، والتي كان يسكن فيها المعارض المغربي محمد الفقيه البصري الذي كان وقتها لاجئا سياسيا في الجزائر.

تركنا الفقيه البصري يبحر في نقاش حماسي عن القضية الفلسطينية مع عاطف أبو بكر، الذي كان يُلقب بأبو فرح، الناطق الرسمي باسم مجموعة أبو نضال. وانخرطتُ بدوري في حديث لا يقل أهمية مع بوتفليقة.

طوال ساعتين، قام عبد العزيز بوتفليقة بنصب محاكمة للنظام. عندما سألته عن احتمال عودته إلى الحياة السياسية، أجابني بعربية منقحة:

-لقد مارستُ السلطة عندما كانت مُقدسة. لكن اليوم، أنت تعلم جيدا في أي حالة توجد السلطة. ماذا يمكن أن تقول عن سلطة تتحكم في الوزراء وتدعوهم إلى جمع النعال طيلة تسعة أشهر؟ أنا اليوم مثل لاعب كرة متقاعد قضى زمنه، ويشاهد اللاعبين الآخرين من منصة المتفرجين».

يقول هشام عبود إن عبد العزيز بوتفليقة بدا يومها فاقدا للشغف في المشاركة. لكن أشد من عارض هذا التوجه الذي أظهره بوتفليقة بشكل علني في كثير من الاجتماعات وحتى الجلسات والسهرات، كان هو الجنرال خالد نزار. هذا الأخير كان في حاجة إلى بوتفليقة، وحفزه للمشاركة في الانتخابات وقدم له وعودا بأن نجاحه بات مضمونا ما دام أنه كان أقرب المقربين للهواري بومدين. وبالنظر إلى ما عاشه الجزائريون من مآس طيلة سنوات الثمانينيات والتسعينيات، فإنهم سوف يتحمسون بكل تأكيد لاسم بوتفليقة الذي يعود، بالنسبة إليهم في ذلك الوقت، إلى الفترة الذهبية التي كان فيها رئيس الجمهورية هو الحاكم الفعلي للدولة. وبحكم أن بوتفليقة كان قد مارس السلطة سابقا وكان وزيرا للخارجية، فإن الرأي العام الجزائري قد يمنحه الثقة من جديد، على عكس كل الرؤساء الآخرين الذين لم يكن لهم أي سابق عهد بالسلطة.

يمارس هشام عبود هنا دور الأخصائي النفسي، ويقول، انطلاقا ربما من الجلسة الحماسية التي جمعته بعبد العزيز بوتفليقة، ومن الجلسات الأخرى التي التقاه فيها، إن الرجل كان لديه حنين واضح إلى السلطة القديمة، وكانت لديه رغبة قوية في استعادة أمجاده وتاريخه الشخصي، ولم يفلح في إخفاء هذه الأحاسيس رغم أنه كان غير متحمس في البداية للعمل مع الجنرالات، خصوصا وأنه رأى، كما يقول، كيف أنهم أجبروا الوزراء على خدمتهم. لقد كان بوتفليقة إذن خائفا من أن ينزل من عليائه، باعتباره أحد أقدم وزراء الخارجية العرب منذ ستينيات القرن الماضي، لينتهي ملمعا لأحذية الجنرالات.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى