شوف تشوف

الرئيسيةبانوراما

هكذا سيصبح السفر عبر الطائرة بعد فيروس كورونا

إجراءات جديدة بالمطارات وشركات الطيران وتدابير لتأمين الركاب

سهيلة التاور
بسبب فيروس كورونا الذي انتشر في كل القارات، والذي فرض حالة طوارئ عامة شملت بلدانا عديدة، قامت مجموعة من الحكومات بإغلاق مطاراتها كإجراءات احترازية لتقليل تسرب الفيروس إلى أراضيها. إلا أن هذا جعل شركات الطيران تخسر أموالا طائلة، وحفز الشركات المسؤولة عن المطارات بشراكة مع الحكومات على أن تبحث عن طرق عملية لاحتواء الوضع ما بعد كورونا، والأهم أن تكسب ثقة المسافر وإقناعه بالسفر عبر الطائرة مرة أخرى.

كان هناك قبل وبعد هجمات 11 شتنبر 2001، والآن سيكون هناك قبل وبعد «كوفيد- 19». وما هو مؤكد أنه لن يكون السفر كما كان من قبل، فإذا كانت الهجمات الإرهابية قد أدت إلى زيادة الإجراءات الأمنية في المطارات حول العالم، فـ«كوفيد- 19» سيسبب القلق نفسه أو أكثر. بالهوس ذاته يجب على الحكومات والمطارات أن تعمل جاهدة، لزرع الاطمئنان من جديد في قلوب المسافرين.

مطار باريس
تستعد مجموعة «ADP»، التي تدير مطارات باريس، لجميع الاحتمالات. حيث تم اختبار درجة حرارة جسم الراكب في المبنى 2 E بمطار رواسي شارل دوغول، خلال الأسبوعين الماضيين، وهي كاميرا حرارية قادرة على القياس عند مسافة 7 أمتار، تم تثبيتها عند الخروج من منطقة توصيل الأمتعة، وتحدد ما إذا كان هذا المسافر أو ذاك يعاني من الحمى «يتم إجراء القياسات بشكل مستمر ومتسلسل، بمعدل 16 مسافرا في الوقت نفسه». وعلى شاشة، إذا كان وجه المسافر محاطا بمربع أخضر، يمكنه الانتقال. أما إذا كان المربع أحمر فهذا معناه أن المسافر يعاني من الحمى، وبالتالي يتم أخذ المسافر المحموم لإلقاء نظرة فاحصة، يشرح ماتيو رونديل، مدير قسم خبرة المجموعة والأداء التشغيلي.
ويصر إدوارد أركرايت، المدير العام لمجموعة «ADP»، على أن «الأمن الصحي ليس إجراء، بل عدة إجراءات. نحن نعمل على عدة فرضيات بالتنسيق مع العديد من المطارات، من أجل تصور دورة صحية تكون نفسها في كل مكان. من بين الأفكار، جواز السفر الصحي الذي يمكن أن يتخذ عدة أشكال؛ إما وثيقة تثبت أن الراكب غير إيجابي للفيروس التاجي أو شهادة طبية أو شهادة ميثاق للراكب»، يقول إدوارد أركرايت. لكن كل هذا يبقى في أيدي الحكومة.
فكرة أخرى هي حظر أمتعة المقصورة، تريد الشركات تحديد نقاط الاتصال. في الخطوط الجوية الفرنسية تم تعزيز فرق تنظيف الطائرات واستخدام المطهرات النشطة لعدة أيام. وقالت كاثرين فيلار، مديرة تجربة العملاء في الخطوط الجوية الفرنسية: «لقد أزلنا كل ما يقلق العملاء، مثل الصحف أو بيع المنتجات المعفاة من الرسوم الجمركية على متن الطائرة، وفي الرحلات التي تقل عن ساعتين ونصف الساعة تم إلغاء الوجبات. وأكثر من ذلك، يتم تقديم كل شيء في طبق واحد».
أيضا، أولوية الصعود انتهت. «ركاب المقاعد الخلفية أولا»، يحدد المدير التنفيذي لشركة الخطوط الجوية الفرنسية. باختصار، تريد الشركة أن تظهر قدرتها على الطيران بدون مخاطر، دون تحديد مسافة الأمان بين الأشخاص. وقال فنسنت فويلي، المستشار الطبي للشركة: «منذ اللحظة التي يرتدي فيها الركاب أقنعة، لا حاجة إلى ترك مقعد شاغر بين مقعدين». وأسئلة لم تقرر بعد من قبل سلطات الطيران الأوربية، يقول مصدر وزاري: «نحن نبحث عن موقف مشترك».

مطار هونغ كونغ
مطار هونغ كونغ أدخل مجموعة من التعديلات على إجراءات السفر المعتادة، لضمان عدم تفشي الفيروس، حيث قبل خروج المسافر من المطار في المدينة الآسيوية، فإنه بحاجة إلى نحو 12 ساعة داخل أروقة المطار، قبل الخروج إلى شوارع المدينة.
وتبدأ الإجراءات بوجه عام من خلال إجراء مسحة للتأكد من إصابة الراكب من عدمه، وهو الإجراء الذي يلزم به المطار جميع شركات الطيران التي تحط الرحال في مطار المدينة.
وبمجرد أن تطأ قدم المسافر أرض المطار، فإنه يمر على أجهزة تعقيم للتأكد من التخلص من أي تواجد محتمل للفيروس بين صفوف الركاب، بالإضافة إلى وجود معقمات لليدين، مع إلزام الركاب باستخدام الكمامات والقفازات الطبية داخل أروقة المطار.
ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد، فبعد الانتهاء من منطقة الجوازات يتم عمل تحليل آخر داخل المطار، مع إعطاء الراكب سوارا يرتديه على يده لتتبع مكان إقامته، والتأكد من عدم مغادرته خلال فترة الحجر لمنزله أو الفندق الذي يقيم به، ومن ثم يستطيع الراكب مغادرة المطار، ولكن حاملي الجنسيات الأوربية والأمريكية يتعين عليهم الانتظار في المطار لمدة 12 ساعة، للتأكد من عدم إصابتهم بالفيروس قبل الانطلاق في شوارع المدينة.
وفي المطلق، فإن هونغ كونغ إحدى قصص النجاح في مواجهة الفيروس، ولكن الإجراءات التي يتخذها المطار خفضت من عدد الطائرات التي يمكن التعامل معها بصورة يومية من نحو 1100 طائرة قبل الأزمة إلى عدد محدود من الطائرات، بيد أن تلك الإجراءات ساهمت إلى حد كبير في كبح جماح انتشار الفيروس، وسمحت أيضا باستمرار الحركة الجوية في أحد مراكز المال والأعمال بآسيا، في وقت أصاب الشلل التام مطارات أخرى كبرى حول العالم.

هواء الطائرة نقي
تُجهز الطائرات الحديثة بمصفيات هواء خاصة تدعىHEPA» » شبيهة بالتي توجد في غرف العمليات بالمستشفيات، ومع ذلك يجادل تشينجيان تشين، أستاذ الهندسة الميكانيكية في جامعة «بوردو» بإنديانا، الذي أجرى بحثا عن انتشار جزيئات الهواء في السيارات وكيفية تعقبها، أن ذلك لا يعني أن كل الهواء في مقصورات الطائرات نظيف.
ويؤدي عطس وسعال وتحدث وتنفس شخص ما إلى انتشار قطرات قد تنتقل إلى الركاب المجاورين، قبل أن يتمكن مرشح HEPA» » من التقاطها، لذلك اقترح تشين نوعا جديدا لنظام تهوية يُكون غلافا من الهواء يحيط بكل مسافر بدون مزجه مع الهواء الذي يتنفسه الأشخاص المجاورون، ويستخدم تصميم تشين مرشح مخصص لكل مقعد عند مستوى القدم.
ويعتبر خطر الإصابة بمرض معدي في طائرة أقل مقارنة بأماكن محصورة أخرى، وفقا لاتحاد النقل الجوي الدولي، وقد تكون أجزاء أخرى من الرحلة أكثر خطورة من الوقت الذي يقضيه المرء في الطائرة ذاتها، مثل إجراءات الصعود إلى الطائرة.
واستجابةً لتفشي إيبولا في عام 2014، درس فريق من الباحثين طرق بديلة للصعود على متن الطائرة تشكل خطرا أقل لانتقال العدوى، ووجد البحث أن صعود الركاب بشكل عشوائي يقلل خطر العدوى، وذلك لأن الأشخاص كانوا أقل عرضة لقضاء فترات طويلة بالقرب من بعضهم البعض، لكن يترتب عن الأمر فترة انتظار أطول.
وقد وجد فريق من الباحثين الذين يدرسون سلوك الركاب فى 10 رحلات عبر القارات في عام 2018، أنه رغم تنقل 62 في المائة من المسافرين أثناء تحليق الطائرة، إلا أنه لم تحتو أي من العينات السطحية والهوائية الـ229 التي تم جمعها أي آثار لأمراض الجهاز التنفسي.
وقالت فيكي ستوفر هيرتزبيرج، عالمة الإحصاء الحيوي في جامعة «إيموري» في أتلانتا بالولايات المتحدة، التي قادت البحث: «ما وجدناه هو أن البكتيريا الموجودة على متن الطائرة تشبه إلى حد كبير ما قد تجده في منزلك، وفي مكتبك، أو في الأماكن التي يرتادها الأشخاص عادة».
كما أضافت أن حالات إصابة الأشخاص بالمرض نتيجة الاتصال بشخص على متن الطائرة قليلة ومتباعدة، ومع ذلك أشادت هيرتزبيرج بإجراءات النظافة الجديدة في الطائرات.

الخطر ضئيل
وفقا لتقرير «بلومبيرج»، فإن خطر الإصابة بعدوى فيروسية خطيرة مثل فيروس كورونا على متن طائرة منخفض، وذلك نتيجة أنه يختلف تزويد الهواء بطائرة حديثة تماما عن السينما أو مبنى المكاتب،  فالهواء داخل الطائرة عبارة عن مزيج من الهواء النقي والهواء المعاد تدويره، بقدر نصف كل منهما تقريبا، ويمر الهواء المعاد تدويره من خلال مرشحات من النوع نفسه بالضبط التي يتم استخدامها في غرف العمليات الجراحية، ويضمن أن يكون الهواء المزود خاليا من الفيروسات والجزيئات الأخرى بنسبة 99.97 في المائة أو أفضل، لذا فإن الخطر، إذا كان هناك خطر، لا يأتي من الهواء المزود داخل الطائرة.
ووفقا لتقرير لوكالة «بلومبيرج» العالمية، ففي حالة أن الشخص المسافر عبر الرحلات الجوية وركوب الطيارة نسي اقتناء أو ارتداء أقنعة الوجه وقفازات مطاطية، فإن أفضل طريقة لتجنب فيروس كورونا هي غسل اليدين بشكل متكرر، وفقا لما أكده مستشار طبي لشركات الطيران في العالم.
وقال ديفيد باول، وهو طبيب ومستشار طبي في الرابطة الدولية للنقل الجوي، إن الفيروس لا يمكنه البقاء طويلا على المقاعد أو مساند الذراعين، لذلك فإن الاتصال الجسدي بشخص آخر يحمل أكبر خطر للإصابة على متن رحلة جوية.

تصميم جديد للطائرة
أطلقت شركة التصميم الإيطالية، (أفيو أنتيريرز Avio Interiors ( مفهومين لتصميم مقاعد الطائرة، والتي يمكن أن تحافظ على سلامة المسافرين أو على الأقل جعلهم أكثر أمانا في عالم ما بعد الوباء. ويمكن أن تكون المفاهيم -التي رصدها موقع )«ذي درايف»(The Drive- أحد الحلول الممكنة التي توفرها تكنولوجيا السفر المستقبلية لمنع العدوى أو الوضع المزعج، في حال جلوس شخص يسعل أو يعطس بجانبك خلال الرحلة الجوية.
ووفقا لموقع الشركة على الإنترنت، فإن التصميم الأول الذي أطلقت عليه اسم («غلاس سيف»(Glassafe يعد «حلا سهلا يتم عن طريق تثبيت حواجز زجاجية على مستوى الركاب بشكل كامل، ويمكن تثبيته على المقاعد الحالية لوضع حاجز أكثر أمانا بين الركاب، الذين يتقاسمون المقعد نفسه».
وترى الشركة في شرحها التصميم، أن هذه الحواجز الشفافة ستغني عن المسافة الاجتماعية المطلوبة لمنع العدوى، وذلك «بتجنب أو تقليل الاتصالات والتفاعلات عبر الهواء، وتقليل احتمالية التلوث بالفيروسات أو غيرها».
وتتمحور فكرة التصميم الثاني لمقاعد الطائرة، التي سمتها الشركة (مقعد غانوس (Janus Sea، حول «مقعد ذي وجهين»، يمكن أن يسمح بفصل ثلاثة ركاب عن طريق درع مصنوعة من مادة شفافة تعزل المقعد الأوسط، مع تغيير اتجاهه ليكون عكس المقعدين الجانبيين، وهو ما يعد حاجزا وقائيا للجميع.
وعلى عكس تصميم «غلاس سيف»، سيتطلب تصميم «غانوس» إعادة تشكيل كاملة، حيث إنها ليست مجرد أداة إضافية بسيطة لمقاعد الطائرة الحالية.
وجاءت فكرة هذا التصميم بعد أن ارتدى ريك بيسكوفيتز، رجل الأعمال، خيمة شخصية وشفافة في مقعد طائرة تجارية، في أوائل فبراير الماضي، لتجنب الإصابة بالفيروس القاتل.

منظمة الصحة العالمية
تؤكد منظمة الصحة العالمية أنه لا يوجد سوى خطر منخفض نسبيا لانتقال فيروس كبير على متن الطائرة، وهو الخطر نفسه الذي يتعرض له الشخص حين يكون في مكان عام كالقطار والحافلة والمسرح والسينما وغيرها من الفضاءات المغلقة. وتؤكد المنظمة أن خطر انتقال العدوى يزداد، حين يكون الشخص جالسا في الصف نفسه مع مسافر آخر أو أكثر. وإذا كان أحدهم مصابا، فإن إمكانية انتقال العدوى تصبح مرتفعة، خاصة إذا عطس الشخص أو تحدث أو لمس جاره في المقعد وغير ذلك من الطرق التي قد تتسبب في العدوى.
وبالنظر إلى صعوبة احترام معايير السلامة والتباعد داخل الطائرات، تتم دراسة إمكانية فرض احترام تلك المسافة على شركات الطيران، عبر جلوس مسافر واحد فقط في الصف. لكن شركات الطيران تؤكد عدم إمكانية ذلك، بالنظر إلى الخسائر الكبيرة التي ستتكبدها. وقد أعلنت بعض شركات الطيران منخفضة الثمن أنها لن تحرك طائراتها في تلك الشروط، لأن ذلك يعني إصابتها بالإفلاس. كما تستبعد العديد من الشركات اللجوء إلى المبالغة في رفع سعر التذكرة لتعويض الخسائر.

خسائر بالملايير
قد تخسر شركات الطيران العالمية 113 مليار دولار من مبيعاتها، في حال استمرار انتشار فيروس كورونا، وفقا لما ذكره اتحاد النقل الجوي الدولي. كما حذر اتحاد النقل الجوي الدولي من أن الخسائر التي قد تتكبدها صناعة الطيران ستكون مماثلة لتلك التي عانى منها القطاع، خلال الأزمة المالية العالمية في العام 2008. وقالت المجموعة إن شركات الطيران قد تخسر 19 في المائة من أعمالها، في حال عدم احتواء الفيروس قريبا.
وارتفعت تقديرات المجموعة للخسائر بشكل كبير على مدى الأسبوعين الماضيين، بعد أن كان توقع اتحاد النقل الجوي الدولي حينها خسائر مبيعات تبلغ 30 مليار دولار.
وقال ألكسندر دي جونياك، الرئيس التنفيذي للمجموعة، إن «تحول الأحداث نتيجة لفيروس كورونا هو أمر لم يسبق له مثيل، إذ في حوالي شهرين، اتخذت آفاق الصناعة في معظم أنحاء العالم منعطفا دراماتيكيا نحو الأسوأ»، مضيفا أنه من غير الواضح كيف سيتطور الفيروس، «إلا أن هذه أزمة كبيرة». وأضاف دي جونياك أنه في حال احتواء الفيروس قريبا، وانتعاش اقتصادات العالم بسرعة جراء ذلك، فقد تكون خسائر الصناعة محدودة بـ63 مليار دولار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى