حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرربورتاج

هكذا كشفت السماء فساد الأرض بأزيلال

أمطار رعدية تلحق أضرارا بالغة بالبنية الطرقية وتعزل دواوير بأكملها

شهدت منطقة أزيلال، مساء يوم السبت الماضي، أمطارا غزيرة جعلت السكان يلزمون بيوتهم ومنعتهم من التحرك خارجها. التساقطات المطرية التي بدأت رعدية، وتحولت إلى خفيفة بوتيرة متزايدة طوال ليلة كاملة، خلفت سيولا جارفة دمرت العديد من الطرق والمسالك الجبلية، وحولتها إلى أخاديد لمسافات طويلة. سكان المنطقة المتضررة سيستفيقون، يوم الأحد الماضي، بعدما أصبحوا شبه معزولين، على مشاهد صدم هولها الجميع، فقد فضحت الأمطار البنية التحتية الضعيفة، وكشفت المنشآت الفنية المغشوشة بالمنطقة.

 

محفوظ آيت بنصالح

 

كانت عقارب الساعة تشير إلى حوالي الساعة السابعة من مساء يوم السبت 12 أبريل 2025، عندما بدأ الرعد يزمجر في أرجاء واسعة من مقدمة جبال الأطلس المتوسط على مشارف إقليم أزيلال، وبدأت السماء تتلبد بغيوم تزداد سوادا مع اقتراب مغيب شمس ذلك اليوم. وبحسب عدد من سكان المنطقة، فإنه لم يكن أحد يستطيع التكهن بما سيقع، باستثناء بعض كبار السن الذين رأوا في ألوان السماء نذير خطر قادم.

وما أن عاد آخر المصلين من المساجد، بعد أداء صلاة مغرب ذلك اليوم، حتى بدأت الأمطار تتهاطل بغزارة. ومع مرور الوقت، لزم الناس بيوتهم، بعدما تعذر عليهم التحرك، بسبب كميات الأمطار الكبيرة التي أخذت تتساقط واستمرت بوتيرة تصاعدية لأزيد من نصف ساعة، ثم انحسرت الأمطار الرعدية، لتفسح المجال لأمطار خفيفة، استمرت طيلة الليل.

 

صباح الأهوال

مع شروق شمس يوم الأحد 13 أبريل الجاري، خرج الناس من بيوتهم ليكتشفوا ما فعلته السيول بالطرق والمسالك القروية، فلم يجد سكان مجموعة من الدواوير الطريق التي سيسلكونها إلى الأسواق، خاصة بكل من جماعة بني حسان وتابية وبني عياض، فقد تسببت السيول الجارفة في جرف العديد من المنشآت الفنية وحولت بعض المسالك إلى أخاديد طويلة يتعذر معها المرور بواسطة العربات الخفيفة وغيرها، بل إن بعضها أصبحت تشكل خطورة حتى على الدواب، وقد توزعت الأضرار على عدة جماعات قروية تابعة لقيادة فم الجمعة، سيما جماعات بني حسان وتابية وفم الجمعة، حيث تعرضت الطرق والمسالك إلى انقطاعات كلية.

الطريق الرابطة بين دوار أسقنبر وبني حسان تضررت بشكل بالغ، في حين انهارت أجزاء من الطريق بجماعة تابية، مما أدى إلى عزل دواوير تعزيط، آيت عبد الرحمان، وزاوية سيدي عبد الحق، كما عرفت قنطرة «مسكاون» الشهيرة بقصتها التي لا تنتهي، والتي كانت قيد الإصلاح، انهيارا جزئيا أعاق السير تماما، مما زاد من تعقيد الوضع. وقد شُلّ التنقل في أكثر من ستة دواوير لساعات طويلة، بالإضافة إلى دوار آيت الغالي، وانقطاع الطريق الرابط بين تسليت وتاوريرت ملون بجماعة تابية.

 

إعدادية وسط الأوحال

في إعدادية بني حسان الوحيدة، زاد سمك الأوحال بها على ستين سنتيمترا وبدأت الأسوار تتداعى، مما أضحى يشكل خطورة على التلاميذ، إذا لم يتم إعادة بنائها، كما تم الإعلان عن توقف الدراسة ليومين الاثنين والثلاثاء الماضيين، إلى حين تنظيف الأقسام.

بالإضافة إلى أن الخسائر كانت بسبب السيول العارمة التي اخترقت أسوار الإعدادية، إلا أن موقع بنائها في مجرى مائي زاد من حدة الكارثة، فالموقع الذي تم اختياره للإعدادية كان واديا منخفضا، تجتمع فيه جميع المياه القادمة من الجبال المطلة على دوار أيت بوشعو.

أحد سكان المنطقة ذكر بأن للوديان ذاكرة، مشيرا إلى أن «الزهايمر الهندسي» قد أصاب العديد من القائمين على مثل هذه المشاريع الحيوية، والتي تضم أعدادا كبيرة من التلاميذ، مما يقتضي الحرص على احترام معايير السلامة في اختيار مواقع البناء. بالإضافة إلى ذلك، فقد فقدت مدرسة أسقنبر جزءا كبيرا من سورها المحاذي للوادي، الذي تمر عبره الطريق المعبدة المتوجهة اتجاه العثامنة وبزو.

 

طريق أسقنبر

الخسائر التي خلفتها الأمطار الرعدية بالإقليم كانت فادحة. الطريق المعبدة الرابطة بين جماعة بني حسان، في اتجاه جماعة العثامنة وبزو، تحول أسفلتها إلى طبقة رقيقة تطفو فوق المياه، بعد أن جرفت السيول ما تحتها من أتربة، وكشفت عن غش وهشاشة لا تخطئهما العين المجردة.

الطريق التي تم تمريرها عبر الشعاب المنحدرة كانت أيضا عرضة للسيول الجارفة، التي زادت من سرعتها شدة الانحدار، مما تسبب في انقطاع هذا الممر الذي تستعمله حافلات النقل المدرسي، من أجل نقل تلاميذ من دواوير تعزيط آيت عبد الرحمان وأسقنبر، سواء إلى الإعدادي أو الثانوي.

 

عرقلة عمل جرافة

بالرغم من مسارعة كل السلطات المحلية والمصالح المعنية بجماعة بني حسان، إلا أن الجميع كانت تعوزهم الإمكانيات اللازمة للتدخل في مثل كوارث من هذا الحجم، فقد أعطيت الأولوية للمسارات التي تمر منها حافلات النقل المدرسي، من أجل تجنب إطالة مدة توقف الدراسة.

الحرص الذي عبر عنه المجلس الجماعي لبني حسان والسلطات المحلية، التي هبت منذ الساعات الأولى، اصطدم بحجم كبير من الأنانيات التي عبر عنها بعض السكان الذين عرقلوا عمل الجرافة الوحيدة التي حلت بالمنطقة، والذين كان همهم فتح الممرات إلى بيوتهم بدل ترجيح المصلحة العامة.

ومن غرائب الأمور أن يعمد أحدهم بدوار تعزيط إلى الوقوف في وجه الجرافة ومحاولة منعها من العمل، بدعوى أنه يريد طريقا أسفلتيا وليس ما أسماه بالترقيع، في حين عمد آخرون إلى وضع أحجار في طريق الجرافة، من أجل عرقلة سيرها، الأمر الذي استدعى تدخلا من السلطات المحلية مدعومة بأفراد من رجال الدرك، من أجل تأمين عمل الجرافة.

التأخر في تهيئة الطرق والمسالك بالشكل المطلوب أعاد إلى الواجهة معاناة عدد من الدواوير مع غياب الطرق المعبدة، الأمر الذي بدأت معه الاحتجاجات في الدواوير وداخل المجموعات «الواتسابية»، ما دفع البعض إلى التفكير في العودة إلى تنظيم المسيرات نحو عمالة أزيلال، من أجل المطالبة بالطرق المعبدة للربط بين الدواوير والجماعات.

 

القنطرة الفضيحة

الأمطار الرعدية أعادت إلى الواجهة الجدل الذي أثارته وتثيره قنطرة مسكاون الشهيرة، التي تربط بين ثلاث جماعات، تابية وفم الجمعة وبني حسان، والتي بدأت بها الأشغال دون أن تنتهي، بالرغم من تعاقب أزيد من ثلاث مقاولات على الأشغال بها.

هذه القنطرة أصبحت كاللعنة التي تطارد المقاولين، بسبب العديد من الأخطاء التي قد تتعلق إما بسوء تقدير تكلفة الأشغال، أو بالأخطاء الهندسية التي لا تتناسب والمعطيات الهيدروليكية للوادي الذي ستنشأ عليه، كما أن السيول الجارفة تباغت من حين لآخر الأشغال قبل الانتهاء، إضافة إلى وتيرة الأشغال البطيئة والتي لم يستطع أحد أن يفسرها.

العديد من الفاعلين المدنيين والمواطنين طالبوا بإيفاد لجان تقنية مركزية للوقوف على الخروقات التي تطول مشاريع البنية التحتية من قبيل هذه القنطرة، والتي غالبا ما تنفذ دون احترام المعايير التقنية. كما شددوا على ضرورة تعزيز المعدات اللوجستية بالجماعات القروية، لتكون قادرة على التدخل السريع في حالات الطوارئ، وضرورة إدماج الدواوير المتضررة في مخططات التنمية الجهوية.

 

مشكلة التضامن بين الجماعات

تم إنشاء مجموعة الجماعات على مستوى إقليم أزيلال، من أجل توحيد الجهود بين 44 جماعة وخلق آلية للتضامن بين هذه الجماعات، التي يمثل قاسمها المشترك ضعف الإمكانيات، وعدم القدرة على توفير آليات وجرافات للتدخل في الوقت المناسب.

وقد كشفت هذه الواقعة عن غياب التضامن الفعلي بين الجماعات، وخضوع الإمكانيات التي تتوفر عليها هذه المجموعة للحسابات السياسية الضيقة والولاءات، ففي الوقت الذي تقطعت فيه أوصال ثلاث جماعات، تم إرسال جرافة من المجلس الإقليمي لفك العزلة عن سكان يبلغ تعدادهم أزيد من 20 ألف نسمة.

هذه الآليات تخضع لمزاج سائقها، الذي يفرض إرادته على أعوان السلطة، الأمر الذي يجعل التدخل جد محدود وغير ناجع، في غياب فريق متكامل من الآليات والتقنيين الخبراء في مثل هذه التدخلات الحاسمة.

فالاستعانة بأعوان السلطة الذين لا خبرة لهم في المجال التقني المتعلق بالطرق، تزيد من احتقان الأوضاع داخل هذه الدواوير، خاصة مع سقوط بعضهم في المحاباة وإرضاء البعض على حساب الآخر.

 

خسائر فلاحية

لم تنحصر الخسائر فقط في الطرق، بل لحقت أيضا عددا من الأنشطة الفلاحية والأشجار المثمرة، وعلى رأسها أشجار الزيتون التي توجد في مرحلة الإزهار، بعد أزيد من خمس سنوات من الجفاف، الأمر الذي يستدعي تدخل مصالح وزارة الفلاحة، من أجل إحصاء الخسائر، ومواكبة الفلاحين في هذه المناطق، بغية إعادة إحياء التشجير بالمنطقة ومحاصرة بوادر التصحر بها.

 

حلول ناجعة

لمنع تكرار هذه الأضرار مع كل تساقطات مطرية، يقترح مختصون وفاعلون محليون اعتماد خطة تأهيل شاملة للبنية التحتية القروية، تشمل تقوية المسالك، وتعزيز شبكات تصريف المياه. كما يجب تسريع وتيرة الأشغال الجارية بقناطر ومسالك المنطقة، واعتماد مراقبة صارمة على المقاولات المنجزة للمشاريع، فضلا عن التعجيل ببناء السدود التلية التي من شأنها تحقيق العديد من المكاسب، من قبيل حماية الدواوير من السيول وتغذية الفرشة المائية.

إضافة إلى ذلك، يبقى من الضروري خلق وحدات استجابة محلية مدعمة بالآليات والمعدات، قادرة على التدخل الفوري في مواجهة الكوارث المناخية، خاصة في المناطق الجبلية المعزولة.

 

…………………………………………..

 

 

نوافذ:

إعدادية بني حسان الوحيدة زاد سمك الأوحال بها على ستين سنتيمترا وبدأت الأسوار تتداعى مما أضحى يشكل خطورة على التلاميذ إذا لم يتم إعادة بنائها

 

يجب تسريع وتيرة الأشغال الجارية بقناطر ومسالك المنطقة واعتماد مراقبة صارمة على المقاولات المنجزة للمشاريع فضلا عن التعجيل ببناء السدود التلية

 

 

 

 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى