حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسية

الانعطافة

ما زال الكثير لم يستوعب بعد أن المغرب متجه إلى تحقيق انعطافة استراتيجية كبيرة، تهدف في النهاية إلى إعادة تموضع عميقة لبلدنا، سواء في محيطه الإقليمي أو داخل المشهد الدولي قيد التشكل. ولعل العديد من الأحداث والوقائع لا يمكن تفسيرها بمعزل عن هاته الانعطافة، وعلى رأسها الزيارة التي قام بها بيني غانتس، وزير الدفاع الإسرائيلي، إلى المغرب، من أجل التوقيع على اتفاقيات هامة في المجال الأمني والعسكري.

وبدون شك، فإن هاته الانعطافة التي طرأت على السياسة الخارجية المغربية، وضعت نصب عينيها عدة عوامل، في مقدمتها الدفاع عن مصالحنا الاقتصادية ومحددات أمننا القومي، وتحقيق التوازنات الإقليمية والدولية المطلوبة، سيما في شمال إفريقيا. فلا يمكن للمغرب تحت شعارات شعبوية أن يبقى مكتوف الأيدي، أمام اندساس إيران وحزب الله وقوى دولية أخرى تكن لنا العداء، وأن يتحول إلى رهينة لدى محاور تعادي وحدته الترابية وسيادته الوطنية، دون أن يقوم بأي رد فعل تجاه تلك الخطط المعادية التي تتوخى عزل بلدنا. وفي الوقت نفسه، سيكون من السذاجة الرهان على تحالفات وعلاقات أصبح ضررها أكبر من نفعها.

لذلك باتت الحاجة ضرورية إلى القيام باستدارة ديبلوماسية جريئة ومحسوبة العواقب، للحد من الآثار الجانبية لبعض التحركات المعادية والمواقف الرمادية، وكان من إحدى أهم نتائج ذلك توجه المغرب نحو إبرام الاتفاق الثلاثي الأمريكي الإسرائيلي، الذي يخلد مرور سنته الأولى.

في المقابل لا يبدو المغرب في وارد مواقفه التراجع عن مسار علاقته الكلاسيكية مع حلفائه التقليديين، بل يرغب في تعميق التفاهمات مع الاتحاد الأوروبي وفرنسا وإسبانيا وألمانيا قدر الإمكان، دون أن يكون ذلك على حساب وحدتنا الترابية. فمن جهة، لا غنى لأوروبا عن استمرار علاقتها الحيوية بالمغرب، سعيا إلى تحقيق مصالحها الاقتصادية والأمنية. ومن جهة أخرى، لا يبدو أن المغرب مستعد للتخلي عن شركائه، إذا ما تركوا دائرة الغموض والمواقف الرمادية تجاه قضيته الأولى. وبالتالي فحالة التقارب المتسارع مع أمريكا وإسرائيل، ستصل إلى أقصى حد معين، دون المخاطرة بقطيعة تامة مع حلفائنا التقليديين.

ومع ذلك فإن هاته الانعطافة ليست نزهة في حديقة ذات يوم مشمس، فصناع القرار الديبلوماسي المغربي يدركون أن أي تحول استراتيجي ليس آمنا ومستقرا وبلا مخاطر وبلا كلفة. فمن ناحية، لا نضمن استمرار وفاء الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل بالتزاماتهما تجاه قضيتنا حتى النهاية، وفي الوقت ذاته سيتعرض بلدنا لوابل من المواقف الابتزازية من دول ألفت العيش بالمغرب، لدفعه إلى التراجع.

ومع ذلك فإن هذه الانعطافة الاستراتيجية ضرورية وتستحق المضي فيها، من بلد لا يقبل الابتزاز والمساومة في أمنه وسيادته.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى