حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةتقارير

المعرض الدولي للنشر والكتاب يكرم الراحل بنعيسى

احتفاء بالتراث الإماراتي وإبراز لموروث نصف قرن للمجموعات الغنائية

 النعمان اليعلاوي

 

احتضن المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، يوم الأحد، تكريماً خاصاً لروح الفقيد محمد بن عيسى، وزير الخارجية ووزير الثقافة الأسبق، ومؤسس موسم أصيلة الثقافي الدولي، في جلسة خُصّصت لتخليد مسار رجل كرّس عمره للشأن الثقافي وجعل من الثقافة جسرًا للتواصل والنهضة والتنمية.

 

بصمات لا تنسى

«بصمات في اتجاه الخُلد» كان عنوان الجلسة التي أدارها الأكاديمي والروائي مبارك ربيع، والتي استحضر فيها المتدخلون فصولًا من حياة محمد بن عيسى، التي بدأت من الإعلام الدولي، مروراً بالمناصب الدبلوماسية والسياسية الرفيعة، وانتهاءً ببناء مشروع ثقافي رائد في مدينة أصيلة الصغيرة التي جعل منها نافذة مغربية مشرقة على العالم.

وفي كلمات اختزلت حجم الخسارة والفراغ الذي خلفه رحيل هذا الرجل الفريد، كما وصفه وزير الثقافة محمد المهدي بنسعيد، في كلمة تأبينية ألقاها بالنيابة عنه الكاتب العام بالنيابة لقطاع الثقافة، صلاح الدين عبقري. قال فيها: «برحيل محمد بن عيسى يفقد المغرب والعالم المتوسطي شعلة مضيئة في سماء الثقافة والفكر والدبلوماسية»، مشيراً إلى أن الفقيد تميز بخصال إنسانية رفيعة ورصيد مهني وإبداعي امتد لعقود.

وأكد بنسعيد أن الراحل كان فاعلاً مؤثراً في المشهد الثقافي الوطني والدولي، بدءاً من الإعلام، مروراً بالعمل الدبلوماسي كوزير وسفير، وصولاً إلى تأسيس موسم أصيلة الثقافي، الذي أصبح منصة سنوية جامعة للفكر والفن والسياسة من مختلف أنحاء العالم.

أما الروائي ووزير الثقافة الأسبق محمد الأشعري، فاستحضر بن عيسى باعتباره رجلاً استثنائياً «راهن على المستقبل ولم يستغرق في تمجيد الماضي»، مبرزاً أن «الكتاب» كان بمثابة وصية تركها الفقيد، وأن الاحتفاء بإرثه الثقافي يتطلب تجديد الالتزام بجعل الثقافة والقراءة في قلب المشروع المجتمعي المغربي، كما أكد أيضاً على أهمية مشروع موسم أصيلة، الذي أظهر أن بإمكان مدينة صغيرة أن تحفر اسمها في ذاكرة الثقافة العالمية، ودعا إلى الاقتداء بهذا النموذج لإطلاق بؤر ثقافية متعاونة في مختلف جهات المغرب.

من جانبه، عبّر حاتم البطيوي، الأمين العام لمؤسسة منتدى أصيلة، عن تأثره برحيل محمد بن عيسى الذي رافقه طويلاً، واصفاً إياه بـ«المرشد والمربي والفنان والإنسان»، مؤكداً أن مشروعه الثقافي كان في جوهره إنسانياً، وأنه راهن منذ البداية على الطفل باعتباره حجر الزاوية في بناء مجتمع سليم وخلاق. وأبرز البطيوي أن الجداريات التي تزين أزقة أصيلة القديمة، لم تكن مجرد زينة، بل انعكاساً لفلسفة عميقة تبناها الراحل، قوامها الإيمان بأن بيئة الطفل تؤثر على تكوينه النفسي والفكري.

 

الشارقة.. عروض فنية وأهازيج شعبية

في إطار مشاركتها ضيف شرف للدورة الثلاثين من المعرض الدولي للنشر والكتاب بالرباط، أضاءت إمارة الشارقة فضاء المعرض يوم الأحد 20 أبريل بعروض تراثية إماراتية أصيلة، قدّمتها فرقة الشارقة للفنون الشعبية، التابعة لمعهد الشارقة للتراث.

وشكّلت العروض، التي حظيت بإقبال جماهيري لافت، لحظة احتفاء بتنوع وغنى الفنون الشعبية الإماراتية، من خلال تقديم نماذج حية من فنون «العيالة» و «الحربية» و«الرزفة»، التي أبدعتها الفرقة بأسلوب جماعي متناغم، مصحوب بإيقاعات الطبول والدفوف وآلات تقليدية مثل «الرواحيل»، ما أضفى على العرض طابعًا احتفاليًا يعكس بصدق الأبعاد الثقافية والاجتماعية للبيئة الخليجية. وتخللت العروض أهازيج شعبية جماعية تمجد قيم الفخر والانتماء والوحدة، وتتناول مضامين البطولة والمآثر القبلية، في تجسيد حيّ لعمق العلاقة بين الموسيقى والغناء في الموروث الشفاهي الإماراتي.

وتفاعل الجمهور المغربي وزوار المعرض مع هذه العروض بشكل لافت، حيث شكّلت مناسبة لاكتشاف أحد أعرق أشكال التعبير الفني في منطقة الخليج، الذي لا يزال يحتل مكانة مركزية في الاحتفالات الوطنية والاجتماعية بدولة الإمارات. وأكد منظمو الجناح أن هذه العروض التراثية ستتواصل طيلة أيام المعرض، ضمن برنامج ثقافي متكامل يهدف إلى إبراز ثراء التراث الإماراتي، وإبراز دوره كرافعة للهوية الثقافية العربية وجسر للتقارب والتواصل بين الشعوب.

ويقدم جناح الشارقة، خلال أيام المعرض الدولي، برنامجا نوعيًا يضم أزيد من 50 فعالية تشمل جلسات فكرية، وأمسيات شعرية وورشات موجهة للأطفال واليافعين، إلى جانب لقاءات مهنية تجمع ناشرين ومبدعين من الإمارات والمغرب، في أفق تعزيز التعاون الثقافي وتبادل الخبرات. وتشارك أكثر من 18 مؤسسة ثقافية وأكاديمية من الإمارات في هذه الدورة، حيث تعرض مئات الإصدارات الحديثة، بما يفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات الترجمة والنشر والتوزيع المشترك.

وفي إطار اهتمامها بالفئات الناشئة، تنظم الشارقة أنشطة تفاعلية بالتعاون مع المجلس الإماراتي لكتب اليافعين ومبادرة «كان يا ما كان»، تروم ترسيخ حب القراءة والتعريف بالتراث الإماراتي عبر وسائط بصرية حديثة تناسب الأطفال والشباب، وتربطهم بجذورهم الثقافية بطريقة مبتكرة وجذابة.

 

ناس الغيوان في قلب ندوة فكرية

احتضنت قاعة «تواصل» بالمعرض الدولي للنشر والكتاب ندوة فكرية بعنوان «المجموعات الغنائية بالمغرب، نصف قرن من الأداء والتفاصيل»، استعرض فيها باحثون ونقاد تجربة المجموعات الفنية المغربية التي شكّلت منذ سبعينيات القرن الماضي ظاهرة ثقافية وجمالية فارقة في الذاكرة الجماعية للمغاربة.

وسعى هذا اللقاء إلى تقديم قراءة نقدية لتجربة مجموعات مثل «ناس الغيوان»، و«جيل جيلالة»، و«لمشاهب»، و»السهام» و«إزنزارن»، مسلطا الضوء على السياقات الاجتماعية والسياسية التي واكبت نشأتها، والتحولات التي شهدها هذا اللون التعبيري في ظل التطورات الفنية والتكنولوجية المتسارعة.

وفي مداخلته، اعتبر الباحث في التراث الشعبي والناقد الفني، حسن بحراوي، أن ظهور «ناس الغيوان» ومثيلاتها كان بمثابة تحوّل عميق في الذوق الفني المغربي، حيث شكلت هذه المجموعات بديلاً جماهيرياً عن الأنماط الغنائية السائدة آنذاك، التي فقدت بريقها بسبب التكرار والسطحية. وأشار بحراوي إلى أن هذه المجموعات استمدت روحها من المسرح الشعبي، واستثمرت غنى التراث المغربي وتنوعه، ولامست هموم الناس اليومية بلغة فنية صادقة، رغم غياب التكوين الموسيقي الأكاديمي لدى أغلب أفرادها، ما جعلها تبتكر أسلوبها الخاص وتتبوأ مكانة متفردة في المشهد الغنائي.

أما الباحث في اللسانيات، مبارك حنون، فركّز على الأبعاد الموضوعاتية للأغنية الغيوانية، مشيراً إلى أنها جاءت محمّلة برسائل إنسانية وقومية، وواكبت قضايا اجتماعية وثقافية آنية، بلغة شعرية معبّرة وجذابة. وأكد حنون أن هذا النمط الجديد في الغناء المغربي خلق نوعاً من الانسجام التام بين الكلمة واللحن والأداء، ونجح في بناء علاقة مباشرة مع الجمهور، الذي وجد نفسه معنيًا وممثّلاً في مضامين الأغاني ورسائلها.

بدوره، شدد الأستاذ الجامعي حسن حبيبي على أن المجموعات الغنائية المغربية أسهمت في تجديد الأغنية الوطنية، وشكلت خلال السبعينات «انقلاباً فنياً» على القوالب المستوردة من المشرق أو الغرب، موضحًا أن تلك المرحلة شهدت تبلور «حركة الجيل»، التي ساهمت في توسيع قاعدة الإنتاج الفني الجماعي، حتى صارت لكل حي أو زقاق مجموعته الخاصة، في مشهد غير مسبوق في تاريخ الأغنية المغربية.

 

الدبلوماسية الموازية والدفاع عن القضية الوطنية

أطر عبد العزيز الدرويش، رئيس الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم، ندوة فكرية نظمتها هيئة المحامين بالرباط يوم السبت 19 أبريل الجاري، وذلك ضمن الفعاليات الموازية للدورة الثلاثين للمعرض الدولي للنشر والكتاب، المنظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس. وتناولت الندوة موضوع «دور الدبلوماسية الموازية في الدفاع عن القضية الوطنية»، حيث قدم الدرويش مداخلة مطولة أبرز من خلالها أهمية الدبلوماسية الموازية كرافد حيوي مكمّل للدبلوماسية الرسمية، في ظل التحديات الراهنة التي تواجهها المملكة على الساحة الدولية.

واستهل الدرويش مداخلته بتعريف مجال الدبلوماسية الموازية، مشيرًا إلى أن التعاون اللامركزي يمثل اليوم أفقًا جديدًا في العلاقات الدولية، تتبوأ فيه الجماعات الترابية موقع الفاعل الرئيسي، عبر تجاوزها لأدوارها المحلية التقليدية نحو الحضور الفعّال في القضايا ذات البُعد الدولي. وأكد المتحدث أن القوانين التنظيمية الخاصة بالجماعات الترابية المغربية، بمستوياتها الثلاثة، مكنت هذه الهيئات من الاضطلاع بدور أساسي في هذا الإطار، من خلال التنصيص على اختصاصها في إبرام اتفاقيات شراكة وتعاون مع نظرائها الأجانب في مختلف المجالات.

وتوقف الدرويش، كذلك، عند مضامين الخطاب الملكي الذي ألقاه الملك محمد السادس أمام البرلمان بمناسبة افتتاح الدورة التشريعية لسنة 2024، والذي دعا فيه جلالته مختلف القوى الوطنية من برلمان وأحزاب وجماعات ترابية ومجتمع مدني ومغاربة العالم، إلى التعبئة الشاملة من خلال الدبلوماسية الموازية، دفاعًا عن قضية الصحراء المغربية، باستعمال الحجاج القانوني والسياسي والتاريخي والروحي، والانتقال من موقف الدفاع إلى موقع المبادرة.

وفي هذا السياق، استعرض عبد العزيز الدرويش الأنشطة التي تقوم بها الجمعية المغربية لرؤساء مجالس العمالات والأقاليم في مجال التعاون اللامركزي، مبرزًا سعي الجمعية إلى تقوية الحضور المغربي في مختلف المؤتمرات والمحافل الدولية، والتعريف بالنموذج المغربي في مجال اللامركزية وحكامة الشأن العام الترابي، إلى جانب الدفاع عن القضايا الوطنية الكبرى. وأوضح الدريوش أن الجمعية عضو فاعل في عدد من الهيئات والمنظمات الإقليمية والدولية، مثل مؤتمر السلطات المحلية والجهوية التابع لمجلس أوروبا، والصندوق الإفريقي لدعم التعاون اللامركزي، ومنظمة المدن والحكومات المحلية الإفريقية  (CGLUA)، والجمعية الإقليمية والمحلية الأورومتوسطية(ARLEM) ، وقامت الجمعية، كذلك، بعدد من المبادرات، من بينها توقيع اتفاقيات تعاون مع جمعيات وهيئات مماثلة من عدة دول، واستقبال وفود أجنبية لاستشراف آفاق التعاون، وتنشيط شبكة العلاقات الدولية في أفق الدفاع عن قضايا المغرب ومصالحه الاستراتيجية.

وأشار المتحدث إلى أن الجمعية حريصة على التواجد الدائم في مختلف المحافل، باعتبارها واجهة تعكس تقدم المغرب في مجال الجهوية واللامركزية، ومُنصة للدفاع عن عدالة قضية الوحدة الترابية في وجه مناورات خصومها، مبرزًا أن هذا التوجه يأتي انسجامًا مع التوجيهات الملكية السامية، التي تدعو إلى التفعيل الأمثل لأدوار الدبلوماسية الموازية وتوسيع نطاقها لتشمل الفاعلين المحليين.

واختتم عبد العزيز الدرويش مداخلته بالتأكيد على أن كل فاعل، من موقعه، مدعو إلى الانخراط في دبلوماسية استباقية تساهم في رفع صورة المغرب بين الدول، مشددًا على ضرورة استثمار النجاحات التي تحققها المملكة في مجالات مثل الأمن والرياضة والثقافة، لتسويق صورة المغرب كبلد للاستقرار والتسامح والتعايش، وبناء خطاب تواصلي مقنع يخاطب الرأي العام الدولي بلغته ورموزه، ويعكس حقيقة النموذج المغربي وتشبثه بقضاياه العادلة.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى