
لمياء جباري
فتح مجلس المنافسة في المغرب تحقيقا رسميا حول شبهات بوجود احتكار في سوق مادة الكلنكر، وهي المكون الأساسي في صناعة الأسمنت، وذلك بعد تلقيه بلاغا من مركز مستقل لطحن الأسمنت يتهم فيه عددا من الشركات الكبرى بخرق قواعد المنافسة، ومنع المراكز الصغيرة من الوصول إلى هذه المادة الحيوية.
سيطرة شركات على السوق
أشار المجلس، في بلاغ له، إلى أن التحقيقات الأولية كشفت عن مؤشرات قوية تدل على سيطرة بعض وحدات إنتاج الأسمنت المتكاملة على سوق تزويد الكلنكر، من خلال فرض شروط تجارية غير شفافة، واحتكار الكميات الفائضة من المادة، بالإضافة إلى اعتماد ممارسات تمييزية لفائدة الشركات التابعة لها في تسويق الأسمنت. واعتبر المجلس أن هذا السلوك يضعف من فرص التنافس ويقيد أنشطة مراكز الطحن المستقلة. وأضاف البلاغ أن محدودية توفر الكلنكر بالكميات اللازمة، إلى جانب فرض شروط تعاقدية مجحفة، واعتماد سياسة تمييزية بين الفاعلين في القطاع، قد يُفضي إلى تهديد التوازن التنافسي ويحول دون تطوير صناعة الأسمنت الوطنية. وبناء على هذه المعطيات، قرر المجلس تفعيل آلية «الالتزامات الطوعية» المنصوص عليها في القانون رقم 104.12، والتي تتيح للشركات المعنية تقديم حلول ملموسة لمعالجة الاختلالات القائمة، ووقف الممارسات المنافية للمنافسة.
مبدأ الحياد التنافسي
بحسب البلاغ، قدمت الشركات المعنية مجموعة من الالتزامات، من بينها إعطاء الأولوية لمراكز الطحن المستقلة في الحصول على الكلنكر، واعتماد سياسة تجارية تلتزم بمبدأ الحياد التنافسي وتضمن شروطا تسعيرية وغير تسعيرية منصفة وغير تمييزية تجاه هذه المراكز. كما التزمت تلك الشركات بتقليص الامتيازات التجارية الممنوحة لفروعها، بحيث لا تتجاوز الكميات المخصصة لاستهلاكها الذاتي في إنتاج الأسمنت، إضافة إلى التعهد بالامتناع عن أي ممارسات تؤدي إلى تقليص هوامش أرباح الفاعلين المستقلين، أو استخدام الدعم المتقاطع بين أنشطة الكلنكر والأسمنت بما يضر بمنافسيها في السوق. كما تلتزم الشركات أيضا بالفصل التشغيلي والإداري بين أنشطتها الإنتاجية والتجارية، لتجنب أي استخدام غير مشروع للمعلومات الحساسة. ويستلزم ذلك إعادة تنظيم هياكلها التنظيمية، وتعزيز إجراءات السرية، وإدارة منفصلة لمبيعات الكلنكر الوطنية.
مزيد من الشفافية والانفتاح على السوق
محور آخر مهم من الالتزامات يتمثل في الشفافية التسعيرية، حيث سيتوجب على الشركات نشر الخصائص التقنية للكلنكر، بالإضافة إلى شروط بيع عامة وواضحة، تتيح للمشترين اختيار صيغ الشراء بحرية (فوري، سنوي، متعدد السنوات) والضمانات المقبولة (تأمينات على الائتمان، كفالات بنكية). من جهة أخرى، تم الالتزام بالحد من طمر الرماد المتطاير المؤهل الناتج عن محطات الجرف الأصفر، وضمان إمكانية الوصول إليه من قبل الفاعلين غير المنتمين إلى التجمع الاقتصادي الذي يهيمن عليه الفاعلون التاريخيون. وأخيرا، تم الإعلان عن تعزيز برامج الامتثال الداخلي، سيما لتحسين إدارة تضارب المصالح المرتبط بالاندماج العمودي بين منتجي الأسمنت وموردي الكلنكر. تُعد هذه المرحلة من اختبار السوق حاسمة، حيث سيجمع المجلس خلال ثلاثين يوما ملاحظات الفاعلين في القطاع والأطراف المعنية، وعلى أساسها يمكنه اتخاذ قرار بإلزامية الالتزامات المقترحة، أو طلب تعديلات قبل إغلاق الإجراءات.
قرار نهائي مرتقب بعد اختبار السوق
يوضح مجلس المنافسة أن هذه المقترحات تخضع لاختبار سوق: حيث سيتم دراسة الملاحظات المقدمة من الأطراف المعنية خلال فترة التشاور، من أجل تقييم مدى جدوى وفعالية الالتزامات. وفي نهاية هذه المرحلة، يمكن للمجلس إما المصادقة على المقترحات بجعلها إلزامية بالنسبة إلى الشركات المعنية، أو طلب تعديلات، أو إعادة فتح التحقيق إذا تبين أن الالتزامات غير كافية. ويندرج هذا المسار في إطار المادة 36 من القانون رقم 104-12، التي تتيح للمجلس قبول التزامات تهدف إلى وضع حد للممارسات التي من شأنها الإضرار بالمنافسة، دون الحاجة بالضرورة إلى اللجوء إلى عقوبة قضائية.
ارتفاع في مبيعات الأسمنتBas du formulaire
سجلت مبيعات الأسمنت في المغرب ارتفاعا بنسبة 9,79 في المائة لتصل إلى 6,89 ملايين طن عند متم شهر يونيو 2025، مقارنة بالفترة نفسها من سنة 2024، وفق ما أفادت به وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة. وأوضحت الوزارة، في مذكرتها الشهرية حول تطور مبيعات الأسمنت، أن المبيعات توزعت على النحو التالي: 3,82 ملايين طن موجهة لقطاع التوزيع، و1,67 مليون طن للخرسانة الجاهزة للاستخدام، و714.605 أطنان للخرسانة المعدة مسبقا، و448.516 طنا للبنية التحتية، و196.579 طنا لقطاع البناء، و28.753 طنا للملاط. أما خلال شهر يونيو وحده، فقد بلغ حجم المبيعات 836.365 طنا، مسجلا ارتفاعا بنسبة 12,09 في المائة مقارنة مع يونيو 2024. وأشارت الوزارة إلى أن هذه المعطيات مستخلصة من بيانات أعضاء الجمعية المهنية لشركات الأسمنت، التي تضم «أسمنت تمارة»، و«أسمنت الأطلس»، و«أسمنت المغرب»، و«لافارج هولسيم المغرب»، و«نوفاسيم» التي انضمت إلى الجمعية منذ يناير 2024.





