حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

شوف تشوف

زيرو رحمة

 

 

 

يتداول متصفحو مواقع التواصل الاجتماعي صورة امرأة بأحد أحياء سلا الشعبية وهي تلوح بسيف فيما تحاول مجموعة من النساء ثنيها عن ذلك.

وهكذا فحمل السيوف لم يعد مقتصرا على المشرملين من الذكور بل أصبحت بعض النساء ينافسن هؤلاء في ذلك.

ومؤخرا شاهد الجميع فيديو أحد المجرمين بفاس وهو يهدد رجال الأمن بسيف فيما كانوا يصوبون نحوه مسدساتهم دون إطلاق النار عليه.

وبعد يومين صدر بلاغ من الإدارة العامة يقول إن رجال الأمن أردوا مجرما خطيرا بسبع رصاصات، بعدما هدد حياتهم وحياة المواطنين.

ومن تابع تعليقات المواطنين على هذا البلاغ سوف يكتشف حجم الارتياح الذي خلفه استعمال رجال الأمن لسلاحهم الوظيفي من أجل قتل هذا المجرم، حتى أن كثيرين طالبوا بأن يتم إطلاق الرصاص على كل من يتجرأ عَلى حمل سلاح أبيض في الشارع العام حتى دون إنذاره بأية رصاصة في الهواء.

هكذا سيفهم جميع المجرمين والجانحين أن الجواب الطبيعي والمباشر على حمل سيف أو سكين في الشارع العام وتهديد المواطنين ورجال الأمن هو الرصاص.

وطبعا إلى جانب هذا الرأي الذي يكاد يكون عاما، هناك أقلية ترفع شعار لا للرصاصة القاتلة، بحجة أن إطلاق النار على المجرمين الهائجين في الشوارع فيه انتهاك بشع لحقوق الإنسان.

وأنا لدي سؤال بسيط لأصحاب هذا الرأي الذين ينادون بتطبيق مبادئ حقوق الإنسان مع أمثال هؤلاء الميكروبات، هل عندما سيوقفه أحد هؤلاء المجرمين وينزع له عصب رجليه بشفرة سيفه الحادة سيظل مدافعا عن تمتيع المعتدي عليه بحقوقه كإنسان ؟

ولست أدري حقيقة ماذا يريد أصحاب هذا الرأي من رجال الشرطة أن يفعلوه عندما يهاجمهم مسعور بسيف طويل، هل يريد منهم أن يرموه بالورد عوض الرصاص؟

وفي ظرف وجيز تم اعتقال المئات من المبحوث عنهم في فاس وحدها، والملاحظة التي يجب تسجيلها هي أن أغلب المجرمين الذين يتم إيقافهم على خلفيات مذكرات بحث هم من ذوي السوابق، أي أنهم محترفو إجرام وليسوا هواة.

إن ما يقوم به الأمن في الشوارع من مطاردة للمجرمين واعتقالهم ليس سوى المظهر الخارجي لمعضلة الإجرام المتفشي في المدن المغربية نتيجة الإدمان على المخدرات والبطالة، فيما صلب المشكل يوجد في السجون، فالمجرمون الذين يتم اعتقالهم على خلفية مذكرات بحث محترفون، أي خريجو سجون، مما يعني أن أمرهم ميؤوس منه.

والحال مع أمثال هؤلاء الذين يدخلون ويخرجون من السجون كما لو كانوا يترددون على بيوتهم، هو تشديد العقوبات ضدهم، مع إرسالهم إلى سجون بعيدة عن مدنهم.

ثانيا يجب الكف عن التعامل مع المؤسسة السجنية كما لو كانت معهدا لتخريج الأطر وحملة الشواهد، السجن مؤسسة عقابية ويجب أن تظل صورته مثيرة للخوف في النفوس. السجن ليس نزهة يذهب إليها المرضى للتداوي مجانا والذين بدون مأوى لكي يناموا تحت سقف والجوعى لكي يأكلوا ثلاث وجبات في اليوم.

يعتقد الناس أن السجناء كلهم سواء. وبحكم التجربة، استطعت أن أعرف أنهم ليسوا كذلك. فهناك من جهة السجناء “البوجاديون” الذين يدخلون السجن للمرة الأولى، وهناك العريقون في السجن، أو من يسمونهم “المحبّسينْ”. فهؤلاء يشبهون الكائنات البرمائية، فهم لا يستطيعون أن يعيشوا طلقاء دائما، إذ تلزمهم، بين فترة وأخرى، حصة من الغوص داخل مياه السجن الضحلة لكي يتنفسوا ويستمروا في العيش .

أغلب هؤلاء من الحشاشين، باعة الكوكايين ولصوص الوكالات البنكية وقطـّاع الطرق ومحترفي الاغتصاب وبيع المسروقات والنصابين والمحتالين وحمَلة السيوف والخناجر، الذين يصعدون الحافلات أو يسرقون حقائب النساء بالخطف فوق صهوات الدراجات النارية السريعة. بالنسبة إلى هؤلاء فالسجن هو بمثابة “حادثة شغل”، فهم يشتغلون في هذه الجرائم يوميا ويضعون في حسابهم سنة أو سنتين أو خمساً من السجن في أي لحظة. لذلك فهم يجتهدون في ما يرتكبونه من جرائم من أجل جمع أكبر قدْر من المال وإيداعه لدى العائلة. وعندما يتعرض أحدهم لـ”حادثة شغل” تمنعه من مزاولة “العمل” وينتهي معتقلا، فإن العائلة تتكفل بمصاريف الفترة التي سيقضيها في الحبس. وإذا كان محترفا في بيع المخدرات فإن العائلة تمده بها داخل السجن لكي يبيعها ويهرّب عائداتها إليهم خلال الزيارة العائلية، وكثيرا ما يتم ضبط عمليات التهريب هذه خلال تفتيش الزيارة فتنتهي العائلة كلها في السجن.

إن الجريمة إذا لم يتم القضاء عليها في المهد، فإنها تكبر وتنتشر. وهذا ما تعاني منه مدن المغرب قاطبة، خصوصا مع مراهقين يحملون سيوفا أكبر منهم ولا يتورعون عن طعن ضحاياهم في أماكن مميتة من أجل هاتف أو حقيبة يد.

لقد رأيت كثيرا من هؤلاء المراهقين في قاعة الزيارة في السجن، أغلبهم ليس في وجهه مكان خال من آثار “القميش” وضربات السكاكين وأمواس الحلاقة، بعضهم يتعمد فتح ندوب عميقة في وجهه لكي يبدو شريرا وخطيرا تمهيدا لنقله من جناح “البيبي” إلى جناح الراشدين. وهذا الانتقال عند أغلبهم يعتبر ترقيا “طبقيا” عظيما يتفاخرون به بينهم. فكثيرون ممن يقضون عقوبتهم في “البيبي” ينتظرون فقط اليوم الذي يغادرون فيه نحو أجنحة الكبار. هكذا يتحولون من مجرمين بالهواية إلى “حباسة” حقيقيين. وحتى عندما يقضي بعضهم عقوبته في “البيبي” ويغادر، فإنه يقترف جنحة أو جريمة جديدة لمجرد العودة من جديد و”التشرف” بدخول سجن الراشدين.

والمشكلة العظمى هي أن هناك في المغرب اليوم ما يمكن تسميته “ثقافة الإجرام”، وهذه الثقافة تعرف إقبالا منقطع النظير من طرف مراهقي ومراهقات اليوم، والحل الوحيد لمحاربتها هو وضع سياسة جنائية جديدة متشددة وصارمة تعمل بقاعدة “زيرو رحمة” مع هؤلاء المجرمين الذين أصبحوا يهددون السياحة والاستثمار وصورة المغرب في الخارج.

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى