
حسن البصري
لم تكن الثالثة ثابتة ولا الرابعة، ولم ينجح المدرب التونسي فوزي البنزرتي في إعادة الوداد إلى سكة الانتصارات.
بعد ثلاثة أشهر من التجارب سيكشف مدرب الوداد، البالغ من العمر أربعة وسبعين عاما، عن نتائج «سكانير»، ويقول إن الفريق الذي أشرف على تدريبه اليوم ليس هو وداد الأمس.
رمى بالقنبلة في معسكر المسيرين والأنصار، وطلب من ابنه أيمن الاستعداد لما ستجود به الساعات القادمة، معلنا استعداده لانفصال بمعروف.
أيمن هو ابن المدرب فوزي البنزرتي ووكيل أعماله وعلبة أسراره، وهو الذي يدبر تنقلات والده من فريق لآخر، ويعد العقود ويحسم في مفاوضات التعاقد والانفصال.
«صدقة في المقربين أولى»، هذا هو الشعار الذي رفعه فوزي البنزرتي، مدرب الوداد الرياضي، وظل وفيا له، لأن ابنه أيمن يحصل على نصيبه من كعكة والده، ويدافع في إطار حفظ حقوق عائلة البنزرتي عن عرق وصراخ والده.
حين يصل أيمن إلى المطار، لا يلفت نظر الصحافيين والموظفين والمستخدمين، وحين يحل والده فوزي بأي بلد يقول مريدوه: «عاد شيخ القبيلة وعادت معه الانتصارات».
التوكيل العائلي في عالم الكرة والفن مدر للمال، لذا شجع بيب غوارديولا، مدرب مانشستر سيتي الإنجليزي، ابنه ماريوس على دخول التجربة، وعبد له الطريق ليحصل على نسب من صفقات لا تكلف إلا مكالمة هاتفية تبدأ بعبارة «معك ماريوس ابن غوارديولا ووكيل أعماله».
يرفع أيمن التونسي وماريوس الإسباني شعار «أفديك يا أبي»، وفي المفاوضات ينسى الوكيل دوره الرياضي ويتحول إلى ولد صالح.
ولأن الاحتراف مدر للمال، ولأن الكرة والأحزاب فضاء للمال السائب، فقد فوض كثير من اللاعبين لأبنائهم وزوجاتهم وأمهاتهم أمر التفاوض، وائتمنوهم على أموالهم.
حين فطن اللاعب الدولي المغربي بلال الخنوس لأهمية الوكيل العائلي، قال لأمه: «خيرنا ما يديه غيرنا»، وأقنعها بضرورة دخول مهنة الوساطة الرياضية، التي لا تحتاج إلا لشبكة علاقات وهاتف دائم الشحن ومعرفة بأحوال الطقس الكروي.
حصلت الأم على ترخيص من الاتحاد الدولي لكرة القدم، وواظبت على حضور المباريات وقراءة الصحف والمواقع الرياضية، وتتبع تقلبات صرف العملات.
ليست الوحيدة طبعا، فقد كانت الجزائرية فايزة العماري، أول أم تقوم بدور وكيل أعمال ابنها، النجم الفرنسي مبابي، لكن منذ الوهلة الأولى تبين أن هذه اللاعبة السابقة لمنتخب الجزائر لكرة اليد، تجيد اللعب باليد.
أما الدولي الجزائري يوسف بلايلي فكتب توكيلا لوالده حفيظ، وسلم مقاليد تدبير مساره الكروي أو ما تبقى منه، سيتحول الأب إلى ناطق رسمي وسيقضي أيامه في تبرير انفلات ابنه كلما خرج عن النص.
نعود إلى شيخنا فوزي البنزرتي، لنقف على مدى الترابط العائلي الذي يميز هذا التجمع الذي يتقاطع فيه السياسي بالرياضي بالفني.
شقيقه هو لطفي البنزرتي المدرب التونسي الذي لا يختلف كثيرا عن شقيقه الأكبر، حيث أضحى زبونا للجان فض المنازعات، بسبب قدرته الفائقة على تغيير فريق بآخر بالسرعة نفسها التي يغير بها بذله الرياضية.
ما يجمع الشقيقين هو هاجس الاستثمار في تكوين النشء الكروي، إذ أنشأ لطفي أكاديمية لتكوين اللاعبين في مسقط الرأس المنستير، وغير بعيد عنها بنى فوزي أكاديمية لتكوين المدربين، بعد أن منحه اللاعب السابق طارق ذياب، حين كان وزيرا للرياضة في تونس، ترخيصا ودعاه لإعداد الخلف وتصدير المدربين التونسيين إلى الخارج.
وحين شعر فوزي بالمد السياسي انضم لحزب نداء تونس، ودخل الانتخابات التشريعية عبر لائحة أطلق عليها اسم «الجرأة والطموح»، لكنه انهزم بركلات الترجيح فأعرض عن السياسة.
شقيقة فوزي الصغرى هي السيناريست سهام البنزرتي، أرملة الفنان الكوميدي الراحل سفيان الشعري، الذي اشتهر ببرنامج «سفيان شو»، سنوات قبل ظهور «بنزرتي شو».





