
يونس جنوحي
على هامش العمل الرسمي من لقاءات رسمية مع مصالح الخارجية والرؤساء والملوك، بالعواصم التي اشتغل فيها سفيرا للمغرب، عاش محمد التازي تجارب إنسانية في كل العواصم التي اشتغل فيها بداية من بيروت وصولا إلى الرياض.
ومن أهم التجارب التي عاشها، المهمة التي كلف بها في القاهرة، بعد أن التقى بالمعارض المغربي الفقيه البصري، منتصف الثمانينيات، وكان النقاش وقتها في المغرب منصبا حول ترتيب عودة المعارض الشهير إلى البلاد.
يحكي التازي عن اللقاء:
«الفقيه البصري هل هو المهدي المنتظر؟ من المنقذ من الضلال؟
هذا التساؤل ليس من عندي، وإنما طُرح عليّ بعد أن نشرت جريدة الأهرام يوم الأربعاء ثامن يوليوز 1987 مقالا في صفحة الحوار القومي، كتبه الكاتب اللامع المرحوم لطفي الخولي، من غير أن يوقعه باسمه، مع صورة للفقيه محمد البصري ممسكا غليونه بين شفتيه، وهو يتطلع بنظرات مركزة إلى المجهول.
حين قرأت المقال بعد عودتي من المغرب اتصلت بالصديق لطفي، وعاتبته على إساءته لصديقنا المشترك الفقيه البصري، من حيث أراد أن يطريه وبقدمه لقراء الأهرام وهم أزيد من مليون قارئ، ولعل قراءة المقال أفيد من تلخيصه.. وقبل ذلك.. أنا واثق من أن الصديق الفقيه البصري لن يكون له اعتراض على ما سأكتب في هذا الموضوع، قد تكون عنده توضيحات أو إضافات، ولكن لن يكون لديه إنكار لحوار طويل ممتع وشيق معه على عشاء في بيتي حضره المرحوم لطفي الخولي يوم الخميس الثالث من شهر غشت، من العام نفسه.
بعد هذا الاجتماع مباشرة في صباح اليوم التالي رجعت إلى المغرب فقد أبلغت نبأ وفاة والدي، وكنت قد عدت من المغرب قبل ذلك بثلاثة أيام.
ولهذا اللقاء مع الفقيه البصري مقدمة، فقد كنت في المغرب للاستشارة، وبعد نهاية مقابلتي مع جلالة الملك، قال لي طيب الله ثراه:
-لقد أصدرت عفوا عن الفقيه محمد البصري، فمهما يكن فإنه مواطن، أخطأ في حق ملكه ووطنه، ولكن الوطن غفور رحيم، ولا ننكر أنه جاهد مع المجاهدين، وقاوم مع المقاومين، وكان له دور بارز في هذه المقاومة، وبالنسبة لي فلم تعد لي مشكلة معه، وإنما أخشى أن تكون مشكلته في المستقبل مع أصدقائه في الحزب. على أي حال من جانبنا أصدرنا عفونا عنه، وباستطاعته أن يعود إلى وطنه متى شاء. وقد أمرت بأن يعطى وعائلته جوازات سفر، فلا يليق به أن يعود لوطنه بجواز سفر غير مغربي.. إذا اتصل بك فأعطه جوازات سفر له ولعائلته، وقد أمرت – ادريس البصري وزير الداخلية – أن يبعث لك برقية بهذا.
عقب عودتي اطلعت على المقال المذكور، فاتصلت بلطفي الخولي، بعد ذلك كلمني الفقيه البصري فأخبرته بموضوع جوازات السفر وأنها جاهزة متى أرادها، فأبدى رغبته في لقائي فرحبت به ودعوته لعشاء خاص، مع لطفي الخولي، ودار بيننا حوار من حسن الحظ سجلته في أوراقي قبل أن أنام، وكنت أفكر في دعوة محمد حسنين هيكل ليحضر معنا لولا إلحاح لطفي الخولي في الحيطة مما قد يكتبه من بعد مما قد يحرج أحدنا، ولعله كان موفقا في نصيحته».





