حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

كوماندان يعترف: قتلى منطقة «باش جراح» سقطوا برصاص الجيش

يونس جنوحي

وضع غريب عاشه هشام عبود خلال مرحلة التسعينيات، حيث العشرية السوداء، أو الحمراء القانية حتى نكون أكثر تحديدا، كانت عنوان المرحلة. إذ عندما كان منهمكا في العمل الصحافي، ورئيسا لتحرير أسبوعية جزائرية واسعة الانتشار، كان جل أصدقائه المقربين في المؤسسة العسكرية برتب عليا، ومناصب يلجون من خلالها إلى «المعلومة». إذ إن صديقه الكوماندان البشير كان مفتاح عدد من الملفات الصحافية التي اشتغل عليها عبود، وأصبح بسببها صحافيا غير مرغوب فيه من طرف الجنرالات الذين شكلوا نواة المافيا.

 

جثث «باش جراح»

يقول هشام عبود متحدثا عن زياراته إلى مكتب الكوماندان البشير: «في غمرة حديثنا، سألتُ البشير عن الجثث التي وُجدت في منطقة «باش جراح». بدون أي تردد وبكثير من الاقتناع، قال لي:

-انتهى كل شيء الآن. لا يستطيعون أبدا تنفيذ جرائمهم في واضحة النهار ثم يدخلون منازلهم بهدوء في الليل.

شرح لي أن «هذه العملية كان الهدف منها بث الخوف في حلقات الجماعات الإرهابية».

ليلا، قام بعض الرجال الذين كانوا يلبسون «قشابيات» ومسلحين بالكلاشينكوف، بطرق أبواب المنازل التي تم تحديدها سلفا والتي كانت تسكنها عناصر إرهابية».

كانت هذه الواقعة مشوقة جدا بالنسبة لصحافي يأخذ تفاصيل القصة مباشرة من عسكري مقرب من المعلومة. إذ إن الكوماندان البشير صرح لهشام عبود قائلا إن العناصر الأمنية التي تكلفت باعتقال «المجاهدين» كانت تجيب بعبارة «خوك مُجاهد» كلما سألهم صوت من وراء الباب عن هويتهم، وإذا قام الرجل بفتح الباب فإنه يتلقى رصاصة في الرأس.

يكمل الكوماندان البشير كلامه قائلا: «بغض النظر عن هوية الشخص الذي يتم البحث عنه، سواء أكان أخاه أو أباه. الأهم، أن يعرف الإرهابي الآن أنه لم يعد بإمكانه أن يكون لاجئا في منزله. إذا كان أخ الإرهابي أو والده، فإنه يعرف بالضرورة أنشطة قريبه، وبالتالي فإنه متورط».

كان هذا منطق الكوماندان البشير في الدفاع عن النظرية الأمنية التي كان يتبعها الجيش أثناء الحرب الضارية ضد الجماعات الإسلامية التي كان بعضها متطرفا فعلا.

 

إرهاب العسكر

ألم يكن الجيش الجزائري بدوره يمارس الإرهاب عندما يتعلق الأمر بإبادة قرى بأكملها بحثا عن متورطين في الانضمام إلى الجماعات الإرهابية؟ لقد أشار هشام عبود مرات كثيرة في هذه المذكرات إلى أن الجنرالات كانوا فعلا وراء عمليات بيع للسلاح وتهريب لأسلحة وصلت إلى أيدي الجماعات الإرهابية، وكان الرئيس السابق هواري بومدين يريد فعلا أن يتحرك ضد هيمنة الجيش على السلاح، وكأنه تنبأ بأن البلاد سوف تدخل حمام دم إن بقي أولئك الجنرالات في السلطة. أزالوه من طريقهم، ووصلوا إلى غايتهم، وهي أن يحكموا الجزائر ويخطفوا «الريموت» من السياسيين، وهذا فعلا ما قاموا به.

قضية الجثث التي وُجدت في حي «باش جراح» كانت لغزا محيرا للرأي العام الجزائري، قبل أن يكشف هشام عبود، لاحقا، أن الأمر كان يتعلق بعملية تطهير قامت بها مجموعات من الجيش بأوامر من الجنرالات لإنهاء حالة التعاطف التي أعلنت في بعض القرى، حيث كان يتم تقديم المأوى للمجاهدين، وبعض أفراد الجماعات الإسلامية، بطبيعة الحال، لم يكونوا كلهم متورطين في عمليات مسلحة، بل إن أغلبهم كانوا من جبهة الإنقاذ، العدو التقليدي للجنرالات، حيث فروا بجلدهم إلى قرى نائية ومناطق بعيدة عن العاصمة ومخبري المدن، لكن وصلت إليهم قوات الجيش في مخابئهم.

انتشار هذه القصة التي حكى هشام عبود تفاصيلها على لسان الكوماندان البشير، كان حاسما في إنهاء حالة التعاطف الشعبي لدى الجزائريين مع أفراد التنظيمات الإسلامية. وهكذا شن الجيش حربه ضد الإسلاميين، وكانت النتيجة مئات القتلى في كل مناطق البلاد، حيث كانت تجري مثل هذه العمليات بانتظام وبشكل دوري شهريا.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى