حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

ماذا يحدث في طرابلس؟

يونس جنوحي
لن تمر قضية وفاة مواطن مغربي في ليبيا، نهاية الأسبوع الذي ودعناه، مرور الكرام. ولم تمر قبلها أيضا قضية المغاربة الذين كانوا عالقين في أحد المخافر الليبية. ولولا التدخل الدبلوماسي لما تم إطلاق سراحهم، علما أن تهمتهم كانت هي محاولة العبور إلى إيطاليا عن طريق ليبيا. أي أن هؤلاء المغاربة لم يكونوا يخططون في سنة 2018 لأي نشاط في ليبيا، وإنما حلوا بها بطريقة قانونية تماما للعبور منها إلى أوربا. ورغم ذلك تم التعامل معهم بقسوة وتعرضوا للتعذيب والتجويع والضرب المبرح، دون حتى أن يُفتح تحقيق معهم. والحمد لله أن بعضهم كانوا يتوفرون على هواتف ذكية وثقوا بها لما وقع وطلبوا التدخل العاجل من الجهاز الدبلوماسي المغربي، وهو الذي أنهى الأزمة بإطلاق سراحهم.
المغربي الذي توفي بسبب قصف قوات الجنرال خليفة حفتر في الأراضي الليبية، بعد أن أصيب بقذيفة قاتلة، كان مخططا أن يُدفن في ليبيا. لكن تدخل السفارة المغربية في تونس على الخط، أوقف عملية طي الحادث، ليتم الشروع، مباشرة بعد التواصل مع عائلة الضحية المغربي البالغ من العمر 42 سنة، في إجراءات نقل جثمانه ليُدفن في المغرب.
عاد آلاف المغاربة الذين اشتغلوا في ليبيا إلى أرض الوطن فور بدء الانفلات الأمني في ليبيا. سواء في مرحلة ملاحقة العقيد القذافي، أو بعد مقتله. وسُجل تحرك للمغاربة صوب الأراضي الليبية إما بحثا عن العمل أو العودة إليه، وإما كوجهة للعبور نحو أوربا، وبالضبط إلى إيطاليا، طبعا في إطار الهجرة السرية.
الله وحده يعلم عدد المغاربة العالقين في الأراضي الليبية وسط أحداث القصف والاغتيالات والانفلات الأمني. ولا بد أن بعض المفقودين الذين لا تعرف عنهم عائلاتهم في المغرب أي شيء سوى أنهم فقدوا الاتصال بهم في طرابلس والنواحي، ماتوا تحت القصف أو يتم احتجازهم في ظروف متشابكة على اعتبار أنهم مُقاتلون من المعارضة.
يجب أن نتساءل عن السبب الذي يجعل كل هؤلاء يتركون المغرب ويتوجهون إلى بلد يعرف كل هذه التقلبات ويعرضون حياتهم للخطر الداهم في مغامرة لكسب القوت أو العبور إلى أوربا، رغم أن مخاطر التعرض للقصف أو الاعتقال في أحسن الأحوال، تبقى مرتفعة.
هذا السؤال لم تطرحه الأحزاب، للأسف، رغم أن ظاهرة عودة المغاربة إلى ليبيا بدأت منذ الأسبوع الأول لإعلان خبر مقتل العقيد القذافي وسقوط نظامه. وكان شارع الجيش الملكي في الدار البيضاء شاهدا على تلك الصفوف التي كانت تنتظر الدور أمام عمارة الأحباس للتأشير على جوازاتها قصد التوجه إلى ليبيا على الفور، قبل أن يتم الإعلان عن الانفلات الأمني، الذي عاد إثره البعض وبقي آخرون عالقون هناك وفضلوا انتظار انقشاع الغبار على العودة إلى المغرب.
عمليات القصف العشوائي التي راح ضحيتها هذا المواطن المغربي، تُعتبر موضوع إدانة دولية. فبعد القصف بساعات، أعلنت الأمم المتحدة إدانتها للعمليات التي يقودها خليفة حفتر، وسجل المنتظم الدولي، كالعادة، قلقه على استمرار الانفلات الأمني في الأراضي الليبية.
تدخل الخارجية المغربية لنقل جثمان الشاب المتوفي لا يمكن إلا أن يقابل بارتياح في الداخل والخارج أيضا. فجل المغاربة الذين اختاروا البقاء في البلاد رغم الأحداث العصيبة والأليمة التي تعرفها، لا شك وأنهم واعون بمخاطر البقاء في بلد مفتوح على كل الاحتمالات. لكن ما لا يمكن فهمه هو التجاوزات والخروقات السافرة لحقوق الإنسان التي تعرض لها المرشحون للهجرة السرية في أكثر من مناسبة. حتى أن الإيطاليين المعنيين الوحيدين بانعكاسات تلك الهجرة، استقبلوا المُهاجرين في أكثر من مناسبة ونقلوهم إلى ما يشبه معسكرات مؤقتة للإيواء والعلاج قبل ترحيلهم إلى بلدانهم الأصلية.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى