
فاس: لحسن والنيعام
في الوقت الذي قال العمدة إدريس الأزمي إنه يراهن على مجموعة مغلقة في «الواتساب» تضم مستشارين جماعيين وإداريين وكبار المنتخبين عن حزب العدالة والتنمية، لـ«مواصلة تحقيق الإنجازات» بمدينة فاس، لا تزال رقعة الاحتجاجات ضد حصيلة العمدة الأزمي في تنام مستمر بسبب تدهور الأوضاع وغياب مشاريع للتجهيز والتأهيل والتنمية. فبعد احتجاجات متتالية لمواطنين في مقاطعة «جنان الورد»، شهد الباب الرئيسي لدار الشباب «الزهور» بمقاطعة سايس، مساء أول أمس الخميس، احتجاجات لعشرات المواطنين الذين رفعوا شعارات ولافتات تطالب برحيل رئيس المجلس الجماعي لفاس، لأنه لم ينفذ الوعود التي قدمها خلال حملته الانتخابية، ولأن أوضاع المدينة في تدهور مستمر.
وقرر العمدة الأزمي الدخول إلى القاعة التي احتضنت اللقاء من باب خلفي للمؤسسة، وغادر من الباب نفسه وسط حالة استنفار لحراسه الخاصين، خوفا من أن تتم مطاردته من قبل المحتجين.
هذا واتهمت فعاليات شاركت في هذه الاحتجاجات حزب العدالة والتنمية بالاستعانة بـ«بلطجية» لمنع عدد كبير من المواطنين من الولوج إلى المؤسسة، وحضور لقاء تقديم الحصيلة، والذي قدم على أنه موجه للعموم، فيما اقتصر في النهاية على أعضاء حزب «البيجيدي».
وقال العمدة الأزمي، وهو يدافع عن إنجازاته، إنه يراهن على مجموعة مغلقة في «الواتساب» تضم المستشارين الجماعيين والمسؤولين في مكاتب التسيير بمجلس المدينة والمقاطعات التابعة لإحداث التغيير بالعاصمة العلمية. وعوض أن يستقبل المحتجين ويفتح معهم قنوات الحوار للاستماع إلى همومهم وتطلعاتهم، ذهب العمدة إلى أن هذه الاحتجاجات يحركها البرلماني التجمعي رشيد الفايق، لأن العمدة الأزمي «لم يرد السلام عليه». وتحدثت مصادر مقربة من البرلماني التجمعي عن أن العمدة الأزمي يحاول، بهذه الاتهامات التي وصفتها بالفارغة، أن يحرف القضية الحقيقية إلى قضية هامشية مختلقة، وأضافت أن السؤال الجوهري الذي تطرحه الفعاليات الجمعوية بمدينة فاس ومعها الساكنة المحلية، له علاقة بالإنجازات على أرض الواقع، وبتنفيذ الوعود المقدمة خلال الحملة الانتخابية.
وأكدت المصادر أن العمدة الأزمي يكاد يقول إن كل الحفر التي تملأ شوارع المدينة هي من صنع رئيس جماعة أولاد الطيب. وقالت إن هذه الخطابات تسيء إلى العمدة الأزمي في البداية والنهاية لأن الساكنة المحلية تعرف المحتجين وتعرف الفعاليات الجمعوية التي تؤطر هذه الاحتجاجات، وهي فعاليات مستقلة تنخرط في مبادراتها بشكل حر وتلقائي، ولا تحتاج إلى توجيه من أي كان، بما فيه حزب العدالة والتنمية الذي يسعى إلى كسب ود العشرات من الجمعيات عن طريق إدراجها في لوائح المنح المقدمة في مختلف المجالس التي يترأسها. وتحدثت الفعاليات المحتجة عن أن مدينة فاس تعيش تراجعا خطيرا على جميع المستويات، وباستثناء ما أسموه عملية «تقليم» بعض الأشجار في شوارع المدينة، فإن المجلس الجماعي والمقاطعات التابعة، لم تنجز أي برنامج لتأهيل المدينة التي تعاني شوارعها الرئيسية من الاهتراء، إلى درجة أن سائقين نظموا وقفات احتجاجية سابقة ضد الحفر وتقاعس المجلس في إصلاحها. لكن رئيس المجلس الجماعي يرى الوضع بعيون أخرى تقدم المدينة على أنها «بخير». فقد تحدث عن انتعاشة تعيشها السياحة، وأرجع ارتفاع ليالي مبيت السياح في الفنادق ودور الضيافة إلى ما يقوم به المجلس من مجهودات. وقدم مشاريع ملكية لتأهيل المدينة العتيقة ضمن المشاريع المستقبلية للمجلس الجماعي، وهو ما اعتبر من قبل المحتجين، محاولة للترامي على المشاريع الملكية التي تهدف إلى تأهيل البنايات والمعالم والمسارات في فاس العتيقة، وإعادة الاعتبار للدورة الاقتصادية بها.
إلى ذلك، تشير الفعاليات المحلية المنتقدة إلى أن المدينة تعاني من انسداد في المناطق الخضراء وملاعب القرب، وغياب أي مبادرات لتأهيل الأحياء ناقصة التجهيز. واحتج سكان حي «جنان لبيض» في مقاطعة «جنان الورد»، في الآونة الأخيرة، على غياب الماء الصالح للشرب والكهرباء، واتهموا حزب «البيجيدي» بالتخلي عنهم. ورد عليهم العمدة الأزمي، في لقاء مقاطعة سايس، بأن لا أحد بإمكانه أن ينسق عملية تزويدهم بالكهرباء والماء الصالح للشرب سوى المجلس الجماعي بتنسيق مع السلطات المحلية، في إشارة إلى تصريحات للبرلماني التجمعي رشيد الفايق، رئيس جماعة أولاد الطيب، قال فيها وهو يزور السكان المتضررين في إحدى ليالي ظلمتهم، إنه سيطرق جميع الأبواب لحل هذا القضية التي تمس بالكرامة الإنسانية. وتعاني العشرات من المعامل والمصانع في كل من المنطقة الصناعية الدكارات وسيدي ابراهيم من الإغلاق، وبعضها تحول إلى بنايات مهجورة تشبه الأطلال.
وتحدث العمدة الأزمي عن مشاريع مستقبلية لتأهيل المدينة، وقدم مجددا، وسط تصفيقات أنصاره، معطيات حول شركة التنمية المحلية للإنارة العمومية، والتي أعلنت الجماعة عن إحداثها برفقة مجموعة استثمارية أجنبية، لإصلاح أعطاب الإنارة العمومية التي تعاني من تقادم المحولات الكهربائية وأعطاب الأسلاك، واهتراء الأعمدة والمصابيح.





