
كيف تلقيت خبر تسريح مجموعة من الصحافيين المغاربة بعد فترة تألق في تلفزيون بي إن سبورت؟
الاشتغال في الحقل الإعلامي ليس وظيفة، وحين تذهب للعمل في القطاع الخاص اعلم أن مدة اشتغالك قد تطول أو تقصر، وقد يتخذ المشغل قرارا بإقالتك، كل شيء محتمل هناك خيارات، العمل التلفزيوني هو عمل صحافي وليس عملا وظيفيا صرفا، كما يعتقد البعض. ما حدث في القناة القطرية حين تم تسريح الزملاء المغاربة وغير المغاربة قلت إن الأمر طبيعي لم يفاجئني ولن يفاجئني حتى لاحقا، هذه أمور تحدث ليس في القناة القطرية بل في عدد كبير من المحطات التلفزية.
مسألة التعليق التلفزيوني تثير الجدل، خاصة من خلال الذاتية المفرطة حين يتعلق الأمر بمنتخب بلد المعلق أو الفريق الذي يسانده المعلق، ما رؤيتك لهذه الإشكالية؟
مسألة التعليق الآن مسألة شائكة، وهناك من يقول كمتلق أنا أريد معلقا حماسيا يصرخ دون توقف، أنا أشاهد بعض المباريات على الشاشة حيث يعيش المعلق المباراة بجوارحه يصرخ بلا انقطاع، يصيح، علما أنها شاشة والمتلقي يشاهد بعينيه. لكن خذ معي التعليق الإنجليزي والألماني والفرنسي ستكتشف أن المعلق التلفزيوني يتحدث في اللحظة التي يجب أن يتحدث فيها، إلا أن المتلقي العربي بصفة عامة لا يتفاعل مع هذا النوع من المعلقين الهادئين إن جاز التعبير، إنهم يودون لو أن المعلق لا يتوقف عن الصياح، يريدون الحماس وكأنهم يتابعون عبر الراديو والشاشة.
لكن بعض المعلقين العرب اكتسبوا نجوميتهم بالتعليق الصاخب..
هذا موضوع يخصهم، ويخص من يعجبه هذا النوع من التعليق، إذا تردى الذوق العام هل هو عربون نجاح؟ هل الموسيقى التي نسمعها الآن هي الموسيقى التي كانت قبل أربعين وخمسين سنة؟ أنا أتحدث عن الإبداع الفني، هل نقارن قامات فنية كبيتهوفن وموزار مع ما نسمعه اليوم من موسيقى؟ وحتى لا نذهب بعيدا ونبقى في المغرب، هل يمكن مقارنة الأعمال الفنية اليوم والقطع المشهورة بما قدمه عبد الوهاب الدكالي وعبد الهادي بلخياط ونعيمة سميح، بما نسمعه الآن، فرق شاسع كالفرق بين السماء والأرض، لنكن واقعيين النجاح لا يعني الجودة.
حين يتعلق الأمر بالمنتخب المغربي يختلف الأمر، يمكن للمعلق أن تكون له جرعة حماس زائدة..
أتمنى من الزملاء المعلقين المغاربة أن يمتلكوا قدرا كبيرا من الروية، ألا ينفعلوا بالنتيجة وبوقائع المباريات لمجرد تعليقهم على الفريق الوطني، أنا كمعلق علي أن أضع في ذهني صورة المتلقي المغربي جاء ليشاهد، جاء ليفرح بالانتصار لكن من حقه أن يستمتع بمعلق جيد ومباراة جيدة، أنا كمشاهد أريد أن أعرف ما ينقصنا.
أنت تفسد على المعلقين حفلاتهم التنكرية..
الصراخ لا يفيد وأحيانا يبيع الإعلامي الوهم للمغاربة من خلال النفخ في لاعب في مدرب في منتخب، كما حصل مع غيريتس الذي فاز على الجزائر يوما فبايعناه زعيما للكرة وحملناه في السماء. ما حدث بعد ذلك خرجنا من الدور الأول من نهائيات كأس أمم إفريقيا في الغابون بعد خسارتين أمام الغابون وتونس. اليوم منتخبنا تأهل لمونديال قطر صحيح لكن ماذا بعد هل هذا المنتخب يتطور، مباراة لا تشبه مباراة.
أنت مصر على تصيد غلطة عمر؟
لا أحد منزه عن الأخطاء..
أنا أتخذ القرار وفق قناعاتي سواء في حياتي الشخصية أو المهنية، لهذا لم أندم.
حدثنا عن اللقاء الذي جمعك بالرئيس المصري السابق حسني مبارك والذي انتهى بتوشيحك..
هذا اللقاء لم يجمعني بالرئيس المصري، بل نظم على شرف المنتخب المصري في سنة 1998، حين نجح الفراعنة بقيادة المدرب محمود الجوهري، في العودة بلقب كأس أمم إفريقيا من بوركينا فاسو، عقب الفوز على جنوب إفريقيا بهدفين دون رد في المباراة النهائية، وكان مبارك وقتها في استقبالهم من أجل تحفيزهم وتشجيعهم وتكريمهم عقب الإنجاز الكبير.
كنت من بين المدعوين للحفل رفقة البعثة الرياضية المصرية، كيف تمت دعوة صحافي مغربي لهذا الحفل الرئاسي؟
كانت هناك دعوة لحضور حفل التوشيح رفقة المنتخب المصري، حصل هذا في الثالث من مارس، ولهذا التاريخ دلالاته الاعتبارية في نفوس المغاربة، وأنت كتبت كلمة في ذلك الوقت حول هذه الواقعة، المهم حضرت إلى القصر الرئاسي رفقة زميلي عبد المجيد الشتالي التونسي وخالد الحربان الكويتي أطال الله في عمرهما، واستقبلنا رفقة المنتخب المصري مع الجوهري، وشحت عناصر الفريق المصري بوسام الرياضة من الدرجة الأولى، وأصر الرئيس على توشيحنا كصحافيين عرب واكبنا هذا الإنجاز اعتقادا منه أننا كنا في بوركينافاسو، والحال أننا كنا نعلق من روما ولما تناهى إلى علمه بأننا في إيطاليا زاد إصراره على حضورنا وتوشيحنا كعرب فجئنا إلى القاهرة.
كيف تعامل معك حسني مبارك؟
صدقني لقد اكتشفت رجلا ودودا رجل نكتة ودعابة بامتياز، يتحدث في التفاصيل بعمق، يعرف كل من كان حاضرا في القاعة، نادى على وزير إعلامه آنذاك صفوة الشريف وقال له: قل لصحافييك أن يشاهدوهم ويتعلموا منهم، ثم طلب من أحد المسؤولين تمديد مقامنا في مصر حتى نطلع على الحضارة المصرية ومعالم هذا البلد. لكن التزاماتنا المهنية في أوربت حتمت علينا العودة إلى روما لاستكمال عملنا في الاستوديو التحليلي شاكرين للرئيس حسن ضيافته. كانت تجربة رائعة وتبين لنا أن الإعلامي جزء لا يتجزأ من المنظومة الرياضية، للأسف لا نتذكر الإعلاميين إلا قبيل مباراة خارجية وهم آخر من يصعدوا الطائرة، الآن بدأ القائمون على الكرة يتفهمون أهمية التواصل وفتحت قنوات لتبادل المعلومات على مستوى الجامعات، في الماضي لم تكن هذه المقاربة حاضرة وكان الصحافي ينتظر جود المسؤول بخبر حسب المزاج.
كلمة أخيرة نختم بها حوارنا، أريدها توجيهات ونصائح للجيل الجديد من الصحافيين..
لا تعتقد أنك وصلت، في كل يوم اعتبر نفسك تخوض رهانا جديدا، وأهم شيء حتى حين يكون النجاح مواكبا لك، يجب أن تعرف أن في هذا الميدان لا يكفي أن تؤمن بما تفعل يجب أن تؤمن وتحب، أن يكون الشغف هذا العشق الذي يجعلني أواكب رغم أنني خارج التلفزيون، المواكبة اليومية ضرورية، من يتوقف سيلتحق به الآخرون.






