حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

أسواق عشوائية

مع تكرار قرارات الهدم التي تصدرها السلطات المحلية، وحوادث الحرائق الخطيرة بالأسواق داخل المدن، والتكلفة الباهظة التي تدفع من المال العام ويدفعها التجار المتضررون من الفئة الصغيرة والمتوسطة، تعود مطالب التحقيق في فشل المجالس الجماعية في سياسة بناء الأسواق، وتحولها إلى أداة انتخابية من خلال التلاعب في لوائح المستفيدين، وغياب استراتيجية واضحة لنجاحها في خلق الرواج التجاري، فضلا عن فشل تقديمها كبديل حقيقي عن عشوائية احتلال الملك العام.

لقد سجلت مصالح وزارة الداخلية فشل العديد من المجالس الجماعية، في هيكلة الأسواق والمراكز التجارية، رغم الميزانيات المرصودة من المال العام، حيث تحولت أسواق إلى أماكن مهجورة ما اضطر السلطات إلى هدمها كما وقع بالدار البيضاء وإعادة برمجة مشاريع وفق معايير تقنية وأهداف قابلة للتنزيل، فضلا عن فشل مجالس في استراتيجية معالجة مشكل الباعة الجائلين بسبب تشييد أسواق بعيوب تصاميم واضحة، وسط تقاذف المسؤوليات والصراعات الانتخابوية التي تزيد الطين بلة ولا تقدم أي حلول لمشاكل وتراكمات العشوائية والفوضى.

وأظهرت تقارير السلطات المختصة أن هناك العديد من الأسواق العشوائية داخل المدن، تحتاج الهدم وإعادة البناء لاستحالة نجاح أشغال الصيانة التي تهم المظاهر الخارجية فقط، في حين تبقى دروبها ضيقة جدا وتتشابك بها خيوط الكهرباء والأنترنيت مع خيوط كاميرات المراقبة واكسوسوارت التزيين بمحلات شبه قصديرية من الأصل، ما يرفع من خطر التماس الكهربائي واشتعال النيران، رغم محاولات تركيب قنينات الإطفاء الصغيرة التي تبقى أحيانا كديكور لعدم تغييرها وانتهاء صلاحيتها، وغياب التوعية والتحسيس بخطط الإنقاذ وإطفاء الحرائق قبل انتشارها بشكل سريع بسبب المواد القابلة للاشتعال بسرعة وعوامل أخرى.

إن ممارسة التجارة، في ظروف آمنة، تفرض المحاسبة في فشل بعض المجالس الجماعية في تدبير القطاع ما استدعى هدم أسواق بالكامل وإعادة بنائها، فضلا عن الحاجة لترحيل أخرى خارج الكثافة السكانية العالية، والتزام الصرامة في احترام التصاميم التي يجب أن تتضمن كافة شروط السلامة والوقاية من الأخطار، والمسارات الخاصة بطرق الإخلاء في حال تسجيل حوادث خطيرة، وضمان حماية الأرواح والسلع، والسهر على توفير شروط التأمين، والقطع مع العقلية العشوائية في تدبير الأسواق، والتخوف من الهيكلة وأداء الضرائب والحصول على التراخيص القانونية.

في مغرب 2030، لا يمكن القبول بأسواق نموذجية تتحول بفعل تدخلات وتعديلات عشوائية إلى أماكن تفتقر لأبسط مقومات التجارة الحديثة، وتغيب عنها شروط السلامة، في حين أن الصواب هو مواكبة روح العصر بالنسبة لقطاع التجارة بصفة عامة وتحديث المحلات وتجهيزها للعمل بأريحية وتوفير أجواء التنافس الشريف، والاطمئنان على رأس المال، وتأدية الضرائب والتأمين، وفتح آفاق تطوير المعاملات التجارية داخل البيئة المناسبة، واستغلال التكنولوجيا الحديثة التي تحتاج البنيات التحتية اللازمة.

إن تبعات فشل الأسواق بعد صرف الملايير عليها من المال العام يجب أن يتحمل مسؤوليتها رؤساء الجماعات الترابية، وهي التبعات نفسها التي تسببت في نشوب حرائق دمرت العديد من المحلات بالأسواق وتمتد لتشتيت شمل الأسر المعنية بفقدانها لمورد الرزق، وصعوبة الانطلاق من جديد في ظل ضياع رأس المال والديون المتراكمة، ما يرفع من نسبة البطالة والفقر والهشاشة، ناهيك عن الضرر البالغ الذي يلحق التجار الصغار ومعهم الاقتصاد المحلي والوطني بفعل الخسائر المادية الجسيمة، وعرقلة المجهودات التي تبذلها الدولة لتسريع الانتقال من فوضى القطاعات غير المهيكلة إلى فضاء القطاع المهيكل.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى