الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

أكثر من الوقاحة

بلغت الوقاحة بالبرلمان الأوروبي أعلى درجاتها، عندما حاول تسويق المغرب كدولة تنتمي إلى عهود القرون الوسطى غارقة في خرق حقوق الإنسان والتجسس على المواطنين، آمرا السلطات المغربية بضرورة إطلاق سراح معتقلين، دون اعتبار لحقوق الضحايا، ودون احترام لسيادة المؤسسات القضائية.

مقالات ذات صلة

والسؤال هنا هل تقبل دولة أوروبية تحاول أن تملي قراراتها على المغرب، التدخل الأجنبي في أحكام القضاء على أراضيها؟

من يقرأ رسائل قرار البرلمان الأوروبي، يلاحظ الآتي:

أولا: الخلط المتعمد والمضلل والمقصود بين أكاذيب حقوق الإنسان وأوهام التجسس واتهامات بلدنا بتقديم رشاو للبرلمانيين الأوروبيين، وكل ذلك دون توفر حجة واحدة تثبت هذه المزاعم الكاذبة، والدليل على ذلك أن لجنة تتكون من 38 نائبا برلمانيا أوروبيا شكلها البرلمان نفسه، خلصت إلى أنه ليست هناك أدلة على مسؤولية المغرب عن التجسس على الهواتف.

ثانيا: يتجاهل البرلمان الأوروبي عن سابق تصميم وإصرار كل التطور الحاصل في مجال حقوق الإنسان في بلادنا، والذي سبق للمؤسسة نفسها أن أشادت به، والذي يعترف به قادة دول الاتحاد الأوروبي أنفسهم، دون الحديث عن البلاغات والتصريحات الرسمية الأوروبية التي تعترف بدور المملكة المغربية في تثبيت الأمن والاستقرار في الضفة الجنوبية للمتوسط، ومجهوداتها على وجه الخصوص لحل الأزمة الليبية، وجهودها لدعم الحوار وتقريب وجهات النظر بين مختلف الفرقاء الليبيين.

ثالثا: محاولة ضرب مبادئ السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول عن طريق الإملاءات، وهذا ما يرفضه المغرب جملة وتفصيلا، فالمغرب ليس حائطا قصيرا يمكن القفز عليه، والأكيد أن الإملاءات وكل تدخل يحمل رمزية سلطوية أو وصاية من أي طرف أجنبي لن تفضي إلا لمزيد من التعقيد، فلا يمكن لبلدنا أن يتفاعل إيجابا مع قرارات تتغذى في معلوماتها على تصفية الحسابات والشائعات والفبركات المسمومة.

لذلك فالقرار الذي أصدره البرلمان الأوروبي، وهو بالمناسبة لا أثرا قانونيا له ولا قيمة ملزمة له، هو قرار سياسوي قائم على قلب حقائق التاريخ والتطور الحقوقي والإعلامي للدولة المغربية، ليس هذا فحسب، إنما يغمض عينه كليا عن كل الإنجازات، بسبب العنصرية القاتلة والمتوحشة واليمينية المعشعشة والمتجذرة في المؤسسات الكولونيالية.

لذلك فما بُني على أكاذيب ومعلومات مغلوطة ويجافي الحقيقة، وجاء متحيزا وغير موضوعي، بهدف التشويه على سياسة وجهود المغرب الناجحة لا يمكن سوى مواجهته، لأنه تدخل سافر ومساس غير مقبول باستقلال القضاء، ما يعد إخلالا بضمانات استقلال القضاء وفق المواثيق الدولية.

وفي الختام فإن قرار البرلمان الأوروبي يؤكد فقط ازدواجية المعايير التي تعمل بها مثل هذه الكيانات، مع ما تعتبرها «دولا ما وراء البحار»، ويكشف عن وجهه القبيح لفرض وصاية على الدول لصالح تحقيق المصالح الخاصة لبعض الدول الأوروبية، التي تختبئ وراء البرلمان الأوروبي لمخاطبة المغرب. 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى