ابن بورقيبة لبومدين وبوتفليقة: العالم يعرف أن البوليساريو واجهة للجيش الجزائري

يونس جنوحي
في شهادته على زيارة الرئيس الجزائري هواري بومدين مع وزير خارجيته عبد العزيز بوتفليقة إلى تونس يناير 1978، حيث استقبلهما الرئيس بورقيبة، وابنه، يحكي السفير محمد التازي ما دار بين الأربعة من حديث حول المغرب والملك الحسن الثاني.
إذ طلب بومدين وبوتفليقة، بشكل صريح، من ابن بورقيبة – بحكم علاقة الصداقة المتينة التي كانت تربطه شخصيا بالملك الراحل- أن يتوسط لدى الأخير للبحث عن مخرج من الورطة التي فجرتها الجزائر بتحرشها العسكري نهاية 1977.
يواصل التازي تسجيل ما دار بين الأربعة، ومصدره هنا هو رئيس الوزراء التونسي الذي كان حاضرا خلال اللقاء.
يقول:
«.. ويواصل السيد بورقيبة الابن كلامه:
-إني كنت السبب في شبه القطيعة بين المغرب وتونس بسبب موريتانيا، فقد كنا واثقين أن موريتانيا لم يكن أمامها خيار ثالث، فإما الاستقلال وإما البقاء تحت استعمار فرنسا، فآثر والدي أن يؤيد استقلال موريتانيا لأنه لم يكن هناك سبيل لضمها للمغرب آنذاك. فكيف تطلبون منا أن نحتج على الوجود الفرنسي، أو أن نطلب من موريتانيا – إذا كان لها ارتباط مع فرنسا – أن تزحزح ركنا من أركان مناعتها؟ إن هذا غير معقول.
أما بالنسبة للمغرب، يقول السيد بورقيبة:
-.. فعلينا أن نعترف أن بضع مئات أو آلاف من الصحراويين لا قدرة لهم على مواجهة المغرب، وإزعاج موريتانيا في عاصمتها إلا إذا كانوا من نوع خاص من البشر، ولقد أصبح معروفا عالميا أن البوليساريو ليسوا سوى واجهة للجيش الجزائري.
فقاطعه بوتفليقة قائلا:
-يمكن فرض كل شيء على شعب أو أشخاص، إلا حق الاستماتة.
وواصل السيد بورقيبة الابن المناقشة قائلا:
-هناك شيء آخر موضوعي وتتحدث عنه الصحافة العالمية، وهو كيف تفسرون – بصرف النظر عن إرادة الاستماتة عند الصحراويين – قدرتهم على امتلاك دبابات ومصفحات وصواريخ، وكيف يستطيعون التوغل في الصحراء للقيام بحملات على بعد أكثر من ألف كيلومتر ومهاجمة عاصمة موريتانيا ومواقع مغربية؟
لا يشك أحد في أن هناك دعما جزائريا وغير جزائري لهؤلاء الصحراويين، ألا ينطلقون في عملياتهم من الأراضي الجزائرية؟ أليست قواعدهم فيها؟ فكيف تريدون من تونس أن تلوم شخصا أو بلدا يحاول أن يذود عن استقلاله أو وحدة أراضيه؟ وكما قلت لكم إن التاريخ يكتب بالأمر الواقع.
لم تحقق هذه الزيارة أيضا أهدافها، كما لم تحقق زيارة الرئيس الجزائري للاتحاد السوفياتي قبل هذه الزيارة ما كانت تأمله الجزائر من دعم للبوليساريو، فقد رفض الاتحاد السوفياتي تقديم أي عون عسكري للمرتزقة أو تدريب أفرادهم على استعمال أسلحة حديثة كما كانوا يأملون.
بعد هذا الفشل على مستوى المنطقة، وعلى مستوى الحليف السوفياتي، اتجهت أنظار المسؤولين في الجزائر إلى استغلال الوضع العربي المتردي بعد اتفاقية كامب ديفيد، وتجميد عضوية مصر في جامعة الدول العربية وتكوين ما عرف بجبهة الصمود والتصدي. ففي اجتماع دول الرفض في دمشق شهر أكتوبر عام 1978 اقترح رئيس اليمن الجنوبي، آنذاك، عقد حلف دفاعي بين دول الرفض والاتحاد السوفياتي، فأيد الرئيس الجزائري الاقتراح، وعارضه الرئيس الأسد، وسكت العقيد معمر القذافي وتحمس له بعض أعضاء وفد منظمة التحرير الفلسطينية.
كانت وجهة نظر الرئيس السوري أن عقد مثل هذا الحلف ستكون له عواقب وخيمة في المنطقة وردود فعل دولية، وأن من الأفضل العمل على تدعيم التعاون مع الاتحاد السوفياتي وتوسيعه في جميع الميادين».





