
تم، يوم الثلاثاء 28 أكتوبر الماضي بالدار البيضاء، التوقيع على الاتفاقية التنفيذية للبرنامج الحكومي «تدرج»، لتعميم التكوين بالتدرج المهني. وتعكس هذه الاتفاقية، التي وقعها كل من يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، ومحمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، إرادة الحكومة، تماشيا مع التوجيهات الملكية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، لجعل التكوين بالتدرج المهني رافعة أساسية لتنمية الرأسمال البشري، وتعزيز الإدماج الاقتصادي والاجتماعي للشباب.
لمياء جباري
أكد يونس السكوري، وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات، في تصريح للصحافة، أن الاتفاقية المتعلقة ببرنامج «تدرج»، الموقعة مع وزارة الشباب والثقافة والتواصل، تندرج في إطار مقاربة حكومية تهدف إلى تعزيز التكوين بالتعلم.
وسجل السكوري أن هذا البرنامج سيمكن، ابتداء من هذه السنة، من تكوين 4000 شاب وشابة في عدة مراكز، بهدف تسهيل إدماجهم في سوق الشغل. وأضاف أن هذا النظام يقوم على منهجية توازن بين الجانبين النظري والتطبيقي، حيث يقضي المستفيدون 20 في المائة من وقتهم في التكوين النظري و80 في المائة في التعلم داخل مقاولات شريكة، خاصة تلك الواقعة بالقرب من المراكز المعنية.
وتابع وزير الإدماج الاقتصادي والمقاولة الصغرى والتشغيل والكفاءات أن هذه المنهجية تتيح إدماج الشباب مباشرة وبشكل مستدام في النسيج الاقتصادي، عقب مسار تدريبي يمتد من سنة إلى سنتين.
وأكد الوزير أن هذا البرنامج، الذي خصصت له ميزانية تقدر بـ800 مليون درهم، يطمح إلى تكوين وإدماج 100 ألف شاب وشابة في أكثر من 200 مهنة، من بينها عشرات المهن المرتبطة بقطاع الشباب، مشددا على أن الأمر يتعلق بتجربة حكومية متكاملة تعبئ جميع الفاعلين العموميين لربط التكوين بالشغل، مع تعميم تدريجي للنظام على جميع النوادي النسوية ومراكز التكوين بالمملكة.
ارتفاع نسبة قابلية التشغيل إلى 50 بالمائة
أبرز محمد مهدي بنسعيد، وزير الشباب والثقافة والتواصل، أن الوزارة تعمل على تعزيز قابلية تشغيل الشباب، من خلال تقديم عروض تكوينية ملائمة مع حاجيات سوق الشغل، مشيرا إلى أن البنيات التحتية للوزارة، مثل دور الشباب والمراكز النسوية، معبأة لتقديم تكوينات معتمدة أو مؤهلة للحصول على شهادات، بشراكة مع مختلف الفاعلين المؤسساتيين، وعلى رأسهم الوزارة المكلفة بقطاع التشغيل.
وأضاف أن هذه التكوينات تهدف إلى خلق جسر مباشر بين الشباب والفرص الاقتصادية المحلية، كما هو الحال في الدار البيضاء قرب المناطق الصناعية، مبرزا أن نسبة قابلية التشغيل ارتفعت من 35 في المائة سنة 2021 إلى 50 في المائة حاليا، مع هدف بلوغ 70 إلى 80 في المائة في أفق سنة 2030.
ودعا الوزير الشباب إلى التحلي بالمثابرة والقدرة على التكيف مع تطورات سوق الشغل، مؤكدا، في الوقت ذاته، حرص الوزارة على تقديم عروض تكوينية ديناميكية ومتوافقة مع الحاجيات الحقيقية للمملكة.
21000 متدرج ومتدرجة بحلول 2030
تعكس الاتفاقية التنفيذية لبرنامج «تدرج» التعاون والتكامل بين مختلف القطاعات المعنية، من أجل تفعيل البرنامج الحكومي وتوسيع نطاق التكوين بالتدرج، بما يستجيب لحاجيات سوق الشغل، ويعزز التشغيل الذاتي والمقاولاتي لدى الشباب. كما تندرج في إطار تنفيذ خريطة الطريق للتشغيل المعتمدة في فبراير 2025، والتي تهدف إلى تعزيز تقارب السياسات العمومية حول تثمين رأس المال البشري.
وتكرس الاتفاقية، الموقعة بالدار البيضاء، انضمام 168 مركزا للتكوين والتأهيل المهني، إضافة إلى النوادي النسوية، إلى منظومة «تدرج»، ما يمثل مرحلة جديدة في تعزيز البرنامج.
وسيتم تعميم البرنامج بشكل تدريجي، للوصول إلى 21.000 متدرجة ومتدرج سنويا بحلول سنة 2030، موزعين على جميع جهات المملكة.
ويقوم العرض التكويني للبرنامج على ملاءمة دقيقة مع خصوصيات القطاعات والجهات، سيما في تخصصات النسيج والألبسة، والفندقة والمطعمة، وخدمات الأشخاص، والتربية والمواكبة الاجتماعية، وهي مجالات ذات أولوية لما توفره من فرص تشغيل واسعة.
وسيتواصل تنفيذ البرنامج خلال الأسابيع المقبلة عبر محطات جديدة في عدد من مدن المملكة، لترسيخ الانخراط الجماعي لمختلف الفاعلين العموميين والخواص، حول هدف وطني مشترك يتمثل في تكوين 100.000 متدرج ومتدرجة سنويا، وبناء جيل جديد من الكفاءات المغربية المبدعة والمؤهلة لخدمة التنمية الشاملة للمملكة.
المنحة السنوية ستصل إلى 5000 درهم
جاء إعداد برنامج «تدرج» إثر دراسة معمقة لوضعية التكوين والتشغيل بالمملكة، حيث كشفت التحليلات الحكومية لبيانات سوق الشغل أن ثلثي العاطلين عن العمل في المغرب لا يتوفرون على أي شهادة، في حين لا يتجاوز عدد المستفيدين من التكوين المهني عن طريق التدرب 25 ألف متدرب في مختلف القطاعات.
وفرضت هذه الفوارق ضرورة تطوير هذا النوع من التكوين كحل عملي لإدماج الشباب غير المؤهلين، بالنظر إلى الإمكانات الكبيرة التي يتيحها هذا النمط من التدريب، إذ يقترح برنامج التكوين بالتدرب تكوينا في 200 مهنة، منها 80 مهنة في قطاع الصناعة التقليدية.
كما تم رفع الدعم الموجه إلى مراكز التكوين بالتدرب بنسبة 20 في المائة، مع إعادة تقييم المنحة السنوية لتصل إلى 5.000 درهم لكل متدرب، وذلك دعما للمستفيدين وتشجيعا لهم على الانخراط في تكوين مهني داخل الوسط المهني، إلى جانب رفع تعويضات المكوّنين إلى 300 درهم عن كل متدرب.
ومن جهته، أكد لحسن السعدي، كاتب الدولة المكلف بالصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، أن إطلاق برنامج «تدرّج»، الخاص بمهن الصناعة التقليدية، هو ثمرة عدة أشهر من التشاور والتنسيق بين مختلف الأطراف المعنية، مبرزا أن هذا المشروع يحقق اليوم هدفا وطنيا نبيلا يتمثل في تأهيل اليد العاملة الوطنية في مهن الصناعة التقليدية والخدمات المرتبطة بها، باعتبارها ركنا أساسيا من أركان الاقتصاد الوطني. كما يعد البرنامج عرضا للتكوين التطبيقي يمتد على مدى 11 شهرا، يمكن الشباب من اكتساب المهارات الضرورية لإدماجهم في سوق الشغل.
وأضاف السعدي أن هذا النمط من التكوين يساهم في الحفاظ على المهن التقليدية، باعتبارها مكونا من مكونات الهوية الوطنية، من خلال نقلها إلى الأجيال الجديدة في صيغ حديثة تضمن استمراريتها وتطورها.
وتضم شبكة التكوين المهني بالتدرب في قطاع الصناعة التقليدية حاليا67 مركزا للتكوين وأكثر من 100 ملحقة، تستقبل ما يقارب 30ألف متدرب خلال الموسم 2025-2026، موزعين على مختلف جهات المملكة.





