شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الاستثمار في الاستثمار

افتتاحية

تزامنا مع مصادقة مجلس الحكومة على تعديل القانون رقم 47.18 المتعلق بإصلاح المراكز الجهوية للاستثمار وبإحداث اللجان الجهوية الموحدة له، صدر تقرير عن المندوبية السامية للتخطيط يتضمن أرقاما صادمة حول وضعية سوق الشغل، إذ ارتفع معدل البطالة إلى 13,7 في المائة، وتراجع الحجم الإجمالي للشغل بـ80 ألف منصب بين الفصل الأول من سنة 2023 ونفس الفصل من سنة 2024، كما ارتفع عدد العاطلين بـ 96 ألف شخص، خلال نفس الفترة، ليصل إلى مليون و645 عاطلا، وهو ما يعادل ارتفاعا بـ6 في المائة.

هذه الأرقام تفرض على الحكومة وقفة تأمل لمعرفة الخلل، خصوصا أنها تسخر كل الإمكانيات لجلب وتشجيع الاستثمارات التي تخلق الثروة وتوفر مناصب الشغل، ولذلك تم إخراج ميثاق جديد للاستثمار، وشرعت في إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار بعد وضعها تحت وصاية رئيس الحكومة.

وفي الخطاب الذي ألقاه الملك محمد السادس في أكتوبر 2022، بمناسبة افتتاح السنة التشريعية الثانية للبرلمان، ركز على موضوعين رئيسيين، هما الماء والاستثمار، وأكد الملك أن موضوع الاستثمار يحظى ببالغ اهتمامه، لأنه أساسي لإنعاش الاقتصاد الوطني، وتحقيق انخراط المغرب في القطاعات الواعدة، ما يتطلب رفع العراقيل، التي لاتزال تحول دون تحقيق الاستثمار الوطني لإقلاع حقيقي على جميع المستويات، وشدد الملك على أن المراكز الجهوية للاستثمار مطالبة بالإشراف الشامل على عملية الاستثمار، في كل المراحل والرفع من فعاليتها وجودة خدماتها، في مواكبة وتأطير حاملي المشاريع، حتى إخراجها إلى حيز الوجود، ودعا الملك إلى تعاقد وطني للاستثمار، يهدف لتعبئة 550 مليار درهم من الاستثمارات، وخلق 500 ألف منصب شغل، في الفترة بين 2022 و2026.

وبمناسبة خطاب العرش بتاريخ 29 يوليوز 2018، دعا الملك إلى تفعيل إصلاح المراكز الجهوية للاستثمار، وتمكينها من الصلاحيات اللازمة للقيام بدورها، وذلك بعد تسجيل اختلالات خطيرة تحول دون قيام هذه المراكز بمهامها، حيث لم ترق إلى المستوى المطلوب في ما يخص مواكبة ومساعدة المستثمرين، إذ تم تسجيل غياب متابعة المقاولات بعد إحداثها، وعدم مساعدة المقاولات الصغيرة والمتوسطة، بالإضافة إلى عدم توفر معطيات محينة أو دراسات دقيقة حول الاستثمار، وحول المؤهلات الاقتصادية للجهات، وضعف نجاعة اللجنة الجهوية للاستثمار، كما تحولت هذه المجالس في أغلب الأحيان إلى «جهاز بيروقراطي» يعرقل الاستثمار.

لذلك حث الملك بأن يشمل عمل هذه المراكز بنفس اهتمام المقاولات الصغرى والمتوسطة والكبرى، على حد سواء، علما أن بعض الشركات الكبرى تتوفر على مخاطب مؤسسي يتمثل في اللجنة الوطنية للاستثمار التي يترأسها رئيس الحكومة، فضلا عن كونها تتوفر على هيكلة ناجعة وعلى آليات خاصة للتتبع والتقييم.

وليست المراكز الجهوية للاستثمار وحدها من يعيق فرص الاستثمار في البلاد، وهناك أيضا المؤسسات البنكية من خلال بعض الممارسات التي تدفع إلى هروب المستثمرين المغاربة والأجانب. إذن نحن أمام معادلة صعبة، تستدعي حلولا عاجلة وواقعية، خصوصا أن المغرب مقبل على تحديات ورهانات كبرى، تتطلب إمكانيات مالية ضخمة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى