شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الباعة الجائلون

يخلق ملف الباعة الجائلين مشاكل متكررة وأحداثا خطيرة، تكاد في كل مرة تعصف بالسلم الاجتماعي، وتخدش الصورة الحقوقية والاجتماعية بالمغرب، حيث تم صرف الملايير من المال العام لمعالجة المعضلة وهيكلة القطاع التجاري المذكور، دون تحقيق النتائج المرجوة وتحرير الملك العام، وضمان جمالية المدن، والمساهمة في التنمية السياحية.

مقالات ذات صلة

لقد خرج العديد من رؤساء الجماعات الترابية، ومعهم مسؤولون في وزارة الداخلية، للحديث عن إنهاء مشاكل احتلال الملك العام بشكل عشوائي، وتنقيل الباعة الجائلين نحو الأسواق، ومنحهم محلات تجارية تتوفر على المعايير المطلوبة لممارسة المهنة، لكن سرعان ما يعود كل شيء إلى  نقطة الصفر وتعود الفوضى والعشوائية، وكأن شيئا لم يحدث.

ينبغي الاعتراف بفشل سياسة تشييد عدد من الأسواق التي يمكنها تعويض احتلال الملك العام، وذلك نتيجة عيوب الصفقات العمومية والبناء بشكل غير ملائم لممارسة النشاط التجاري، وقرارات الهدم بعد ذلك، ما يزيد الطين بلة ويرفع من مؤشرات الارتباك في معالجة المعضلة التي يختلط فيها السياسي بالاجتماعي وحسابات الانتخابات والبطالة، وعيش شريحة من الأسر من عائدات وأنشطة القطاع غير المهيكل.

وهناك تحقيقات تم فتحها في وقت سابق لا أحد يعرف مآلها، حول التلاعب في لوائح المستفيدين من محلات بأسواق شيدت كبديل عن التجارة غير المهيكلة، والتفويت غير القانوني، وفشل الأهداف المرسومة والعودة إلى احتلال الملك العام، ناهيك عن أسواق أصبحت مهجورة، لغياب التتبع والمواكبة والركود التجاري.

في ظل المشاريع الضخمة التي دشنتها المملكة المغربية، أصبح من واجب القطاعات الحكومية المعنية والجماعات الترابية، دعم تسريع الانتقال من فوضى القطاعات غير المهيكلة إلى فضاءات القطاع المهيكل، والقطع مع كافة مظاهر العشوائية في احتلال الملك العام والأماكن السياحية والشوارع الرئيسية، التي تعتبر القلب النابض للمدن.

إن الحلول الناجعة لمشكل الباعة الجائلين، لا يجب أن تكون على حساب الفئات الاجتماعية الهشة، أو تنزيل قرارات تقنية جافة، ترفع من مؤشرات الاحتقان الاجتماعي، كما لا يجب بالمقابل اختفاء جهات خلف الملف الحساس، للاستمرار في استغلاله وخدمة أجندات خاصة، لذلك يبقى الحل الناجع هو طرح البدائل الحقيقية، وإشراك كافة الجهات المعنية في المشاريع، وضمان الجودة في التتبع وتحقيق الأهداف المطلوبة، مع المحاسبة في حال الفشل وفق الصرامة المطلوبة.

معالجة الأسباب دائما أنجع من بحث معالجة أزمات النتائج في السياسات العمومية، وحملات تحرير الملك العام تستنزف السلطات المختصة بشكل يومي، مع ما يطرحه ذلك من اصطدامات وخلافات واحتجاجات، ما يستدعي وضع مشاريع بديلة عن احتلال الملك العام من قبل الباعة الجائلين وفق استراتيجية واضحة، والتخفيف من البطالة وخلق فرص الشغل، بما يضمن الخروج من الدوران في حلقة مفرغة لاستفادة أشخاص من الأسواق، وتعويضهم بآخرين مباشرة بالشارع العام.

ممارسة التجارة تخضع لضوابط قانونية وتراخيص واضحة، وكذلك أنشطة المطاعم والمقاهي وغيرها، لذلك على المجالس الجماعية الانخراط بشكل جدي في معالجة ملف الباعة الجائلين، عوض الاحتفاظ بهم على دكة الاحتياط كخزان انتخابي، واستغلال ظروفهم الاجتماعية والركوب على الملف الحساس، الذي كانت أحداثه التي يراها البعض بسيطة سببا في اندلاع شرارة ما سمي بالربيع العربي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى