
أبقت وكالة التصنيف الأمريكية «ستاندرد آند بورز» على التصنيف الائتماني السيادي للمغرب دون تغيير في(BB+/B)، مع نظرة مستقبلية مستقرة. وهو ما يعني أن الإصلاحات الهيكلية للمغرب تمهد الطريق تدريجيا نحو اقتصاد أكثر شمولا، بعدما صمدت المنظومة الاقتصادية والمالية أمام العديد من الصدمات الإقليمية والعالمية، مع الحفاظ على الوصول إلى التمويلات الخارجية والداخلية. وقبل التصنيف الإيجابي لمنظمة التنقيط الأمريكية بأسابيع، صدر قرار عن مجموعة العمل المالي الأوروبية يقضي برفع المغرب من «القائمة الرمادية» للدول التي تخضع لتدقيق خاص وما يترتب على ذلك القرار من تعزيز السيادة المالية، هي التي تعطي الهوامش للإصلاحات الاجتماعية.
إنه لأمر جيد أن تخرج المنظومة المالية لبلدنا من المنطقة الرمادية ونحافظ على تصنيفنا الائتماني السيادي، فهذا يدل على أن الحكومة قادرة على اتخاذ إجراءات تصحيحية تخولنا تصنيفا في الدرجة الاستثمارية، في ظل تراجع الأحوال الاقتصادية والمالية. لكن المواطن يريد ترجمة فعلية لهذه الشهادات العالمية، التي تتهاطل على المغرب، ليشعر بها على مائدته ومعيشه اليومي.
وللأسف فإن الصورة الخارجية للمغرب اقتصاديا واجتماعيا في واد، وحقيقة الواقع المعيش في واد آخر، إذ هناك سرعة مذهلة يتحرك بها المغرب لإقناع المنظمات الدولية بتطوره الاقتصادي والمالي الذي لا يمكن أن ينكره أحد، وهناك بطء شديد على مستوى السرعة الداخلية لتغيير معيشة المواطنين وجعلهم يستفيدون من خيرات هذا التحول الذي تشهد به المنظمات والدول. فلا معنى أن يحظى اقتصادنا وسياستنا المالية والنقدية بالاحترام والتقدير الدوليين، بينما يختنق المواطن في إعداد وجبة خلال شهر رمضان، هناك شيء ليس على ما يرام.
وما دام أن هناك هوة سحيقة بين واجهة البلد المليئة بماكياج التزيين والمغرب المعاش، فإن كل التصنيفات العالمية وشهادات حسن السيرة والسلوك التي يمكن أن نحصل عليها بجدارة واستحقاق لن يكون لها أي أثر على ثقة المواطن، الذي يقيس الإصلاحات والتقارير والسياسات والقوانين بمائدته وصحته وتعليمه وشغله.