
لا شيء يبرر ارتكاب جرائم خطيرة بالعنف، وعدم الامتثال للسلطات الأمنية ومقاومتها بالسيوف والهجوم عليها والتمكن من إصابتها بشكل خطير، وتهديد الأمن العام وترويع الناس وتخريب ممتلكاتهم، إذ إن كل ربط جاف لما سبق ذكره بالواقع الاجتماعي أو الاقتصادي، يمكن إحالته على تطور الجريمة بالدول العظمى، وكيف يتم التعامل معها دون رحمة، خاصة بالنسبة إلى عدم الامتثال للسلطات الأمنية، وذلك حتى يكون المجرم مضرب المثل لغيره، عوض الرحمة الشعبوية في غير محلها التي تزيد الطين بلة، وتشجع على العود لارتكاب جرائم أخطر في حق الناس والأمن والذات أيضا.
وبدون تسرع أو أحكام مسبقة، لا نختلف في حاجتنا إلى تجويد الخدمات العمومية كل حسب مسؤوليته وربطها بالمحاسبة، والتشغيل وتأطير وتكوين الشباب، ومحاربة الهدر المدرسي، لكن هذا لا يغطي ولا يبرر أبدا الجرائم البشعة والمرعبة التي أصبحنا نشاهدها على منصات المواقع الاجتماعية، من اعتداء على رجال الأمن والدرك والقوات العمومية بصفة عامة، أثناء إعمال القانون وضبط الجانحين الذين يلوحون بسيوفهم في وجه الجميع، دون اعتبار لأي شيء.
هؤلاء المجرمون أصبحوا بمثابة ميكروبات داخل المجتمع بكل ما تحمله الكلمة من معنى، والميكروب في العرف الطبي يتم التعامل معه بالأدوية المضادة السريعة أولا، لوقف انتشاره وخطره على أعضاء الجسم بشكل كامل، لتجنب أي مضاعفات وتجنب الوفاة، وبعدها يبقى الوقت الكافي للنصح بتجنب الأسباب في وقت لاحق.
لقد انتبه الكل إلى تلك المقولة التي أطلقتها سيدة قروية مسنة، بعد تنهيدة عميقة، عند مقاومة جانح لسيارات الدرك وتكسيرها وتهديدهم أمام العامة بواسطة سيف، وعدم اكتراثه بالعقوبات القانونية أو تبعات عدم الامتثال، حيث قالت العجوز الملثمة: (ما بقى مخزن)، وهي كلمة لها دلالات عميقة وتتطلب الوقوف عليها من قبل كافة المؤسسات المعنية مطولا، لأن مؤسسة المخزن في أذهان المواطنين ارتبطت بالدولة وهيبتها والردع القانوني، وعدم تجبر أي كان عليها، سواء بالعنف اللفظي أو الجسدي.
قبل المونديال والاستعداد لاستقبال السياح، وفتح الأوراش الكبرى، يجب الاعتراف بشجاعة بأننا في حاجة إلى تشريعات قانونية جديدة في مجال تدخل الأمن وضبط استعمال السلاح الناري، وتحديث التكوين والتدريب بالمعاهد واستمراريته بما يضمن مواكبة تطور الجريمة، والتعامل مع التحولات الاجتماعية المتسارعة، وتبعات انتشار المخدرات القوية وأقراص الهلوسة، وعلاقتها المباشرة بالجرائم الخطيرة.
ميدان الدفاع عن حقوق الإنسان واضح، حتى في أحلك الأزمات السياسية، وليس قضايا إجرامية لا لبس فيها، والجريمة لا دفاع عنها في كل الأحوال، وإنما الدفاع عن شروط المحاكمة العادلة والجودة في إعادة الإدماج، وقديما قال المغاربة: (لي دار الذنب يستاهل العقوبة)، والعقوبات القانونية يجب أن تكون رادعة بما يكفي لمعالجة الظواهر الخطيرة، وضرب المثل للغير، وليست شهورا معدودة بالحبس يعتبرها بعض المجرمين نُزهة وينكتون بشأنها في مجامعهم سيئة الذكر، ويعودون لحمل السيوف وتهديد الكل، بما في ذلك المؤسسات المسؤولة عن أمن المواطنين.