شوف تشوف

الرأيالرئيسية

 الحياة أعجب من الخيال

بقلم: خالص جلبي

 

حول نشأة الحياة حامت الأفكار حول العديد من النظريات، منها ما قام بها العالم «كارل ستيتر KARL STETTER»، من جامعة «ريجنسبورغ REGENSBURG» في ألمانيا، المختص بعلم الأحياء الدقيقة، في تزويد نفسه بالأجهزة الكافية للتأكد من طبيعة الحياة في أعماق المحيطات، وخاطر بحياته للاقتراب من فوهات البراكين الفظيعة للاجتماع بالمداخن التي تحدث عنها عالم آخر هو «فيشتر هويزر»، وسماها المدخن الأسود، الموجودة في أعماق المحيطات للتأكد من طرحه؟ والذي وجده كان أعجب من الخيال، حيث فوجئ بعالم كامل يسبح ويعيش في تلك الأعماق، بعيدا عن هموم العالم السطحي الذي نعيش فيه، من ديدان مدورة بطول الأمتار، وسرطانات عملاقة عمياء تعس بدون عصا تتوكأ عليها وكلب يسوقها؛ فهي تهتدي لطريقها وحيدة في الظلمات! وبكتيريا تفترس وتلتهم الكبريت بكل نهم ومتعة، فما يطيب لنا لا يعني بالضرورة أنه مستطاب عند بقية الكائنات، في شهادة معلنة أننا لا نفهم طبيعة الحياة التي ننتسب إليها، أو الكون الذي نعيش في أحضانه نفسده ونخربه على مدار الساعة.  وهكذا رأينا ينابيع ثلاثة محتملة للحياة، فإما من الفضاء الخارجي، حسب نظرية البذور الكونية، أو في أعماق المياه، حسب نظرية (المدخن الأسود) في فوهات البراكين في أعماق المحيطات، أو على وجه الأرض من الطين (وبدأ خلق الإنسان من الطين).

 

الحياة أعجب من الخيال

أكثر من هذا فقد عثر فريق أمريكي تحت حوض كولومبيا، وفي عمق يصل إلى كيلومتر، على جراثيم تعيش على الماء وتقتات بالصخور، وعندما وقع نيزك في صحراء أستراليا عام 1969 م دل فحصه على احتوائه على ما يزيد على خمسين حمضا أمينيا، وبواسطة التلسكوبات الراديوية، عثر علماء فلكيون أمريكيون على سحب تعج بأحماض أمينية من نوع حمض النمل والكحول، بل وأمكن لهم رؤية سحابة تحوي الخل على بعد 25 ألف سنة ضوئية‍!

 

مشاريع خرافية لاستراق خبر السماء

هل نعيش لوحدنا في الكون، أم توجد كائنات ذكية أخرى؟ هل يمكن تجاوز قوانين النسبية والسفر حتى بأسرع من الضوء؟ لقد كان أينشتاين يوجه لنفسه دوما هذا السؤال، ماذا سيحدث لي لو أنني امتطيت ظهر شعاعٍ من الضوء؟ يعكف العلماء اليوم على التمهيد الى هذا اللقاء التاريخي، الذي أشار إليه القرآن بشكل عابر (وهو على جمعهم إذا يشاء قدير) من طريقين: واحد من ظهر القمر، والآخر بتركيب (دش كوني) خرافي للتنصت على موسيقى السماء، فتقلب وجهها في الملكوت العلوي بحثا عن نسمة حياة وصوت استغاثة.

 

 مشروع (فريسب ـ FRESIP  PROJECT)

    وكالة (ناسا NASA) لارتياد الفضاء قامت  بمشروع (فريسب ـ FRESIP  PROJECT)، حيث وضع مرقاب على ظهر القمر يراقب في الوقت نفسه قرابة خمسة آلاف شمس في مجرتنا لاكتشاف ظاهرة (الترنح) النجمي، التي أشرنا إليها في ما سبق (يتم كشف الكواكب من مقدار ترنح الشمس في نظام شمسي آخر، وهذه قفزة جديدة وتقنية مبتكرة لاكتشاف الكواكب هذه المرة وليس الشموس)، ومحاولة التعرف على الكواكب التي تدور حول هذه الشموس، ثم دراسة الطيوف اللونية التي تصدرها معادن هذه الكواكب، وبالتالي الوصول إلى معرفة وجود حياة أو حضارة في هذه الكواكب، ورصد هذه الآلاف المؤلفة من الشموس يتم آليا بواسطة كمبيوترات متقدمة، تسجل مخططات بيانية طول الوقت بشكل متتابع، بحيث إن أي ظاهرة ترنح للنجم تُعطي فورا إشارة الخطر الأحمر، فتوضع للدراسة المباشرة المكثفة.

 

مشروع المحلل الطيفي متعدد الأقنية (MCSA )

(MULTICHANNEL  SPECTRAL   ANALYZER)

كما خطر لبعض العلماء أن وجود الكائنات الذكية مثلنا قد لا تستطيع أو لا تتمكن من إعداد وسائل النقل عبر الفضاء، ولكنها لا بد وأن تكون قد اهتدت إلى القوانين الكهرطيسية للوجود، ولا بد أن تكون قد استخدمت الأمواج الراديوية للاتصال بالكائنات الأخرى، لذا عمدت الولايات المتحدة إلى بناء جهاز تنصت كوني هائل في (بورتو ريكو PORTO RICO) في منطقة (آريثيبو ـ ARECIBO)، يبلغ قطر حوض (الدش الكوني) ليس مترين، بل (304 أمتار)، ومتصل بجهاز أقنية متعدد للتحليل (MCSA= MULTICHANNEL SPECTRAL  ANALYZER )، وتبلغ طاقة الاستقبال في هذا الجهاز قدرة تلقي عشرة ملايين موجة راديوية مختلفة في الوقت ذاته، متصلة بمخططات بيانية، وفيه القدرة على الانتباه إلى الموجات الغريبة الجديدة، وعزلها فورا وتضخيمها مباشرة وإعطاء إشارة الإنذار للتنبيه إلى متابعتها، أي أن هذا الجهاز عنده قدرة التخزين في اللحظة الواحدة ما يعادل معلومات موسوعة علمية كاملة، من حجم الموسوعة البريطانية المشهورة (ENCYCLOPEDIA  BRITANICA). ومن هذه الفكرة مثلت جودي فوستر فيلم التشويش أو الاضطراب (THE NOISE) لتقريب هذا المفهوم.

هذا الجهاز وهو ينصت بكل هذا التركيز والدقة والشمولية والقوة الخرافية، لم يسمع سوى صوت واحد: الموت البارد من الكون الخارجي حتى الآن. فهل نحن وحيدون في هذا الكون الخرافي المترامي الأطراف؟ فتصح نظرية بطليموس بيولوجيا وليس كونيا، وهو أننا البشر الذين نذبح بعضنا كل يوم، بذرة الخليقة لاستعمار بقية المجرات التي وصلت حدودها إلى عشرة مليارات سنة ضوئية‍! كما نراه في مذابح غزة ونحن نكتب هذه الأسطر.

 

نافذة:

عندما وقع نيزك في صحراء أستراليا عام 1969 م دل فحصه على احتوائه على ما يزيد على خمسين حمضا أمينيا وبواسطة التلسكوبات الراديوية عثر علماء فلكيون أمريكيون على سحب تعج بأحماض أمينية

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى