شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الطبقة المتوسطة

على الرغم من التحسن الطفيف في مؤشرات الثقة لدى الأسر المغربية، والتفاؤل بتحسن المستوى المعيشي في المستقبل القريب، حسب تقارير المندوبية السامية للتخطيط، إلا أن جميع القطاعات الحكومية المعنية ما زالت ملزمة بعمل جبار، من أجل تحسين دخل الأسر، والاهتمام أكثر بالملفات الاجتماعية، وتخفيض أرقام البطالة، التي تعتبر أصل داء التخلف وتعثر التنمية، وتعرقل دعم توسيع قاعدة الطبقة المتوسطة التي تشكل عصب نسبة النمو والاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وضمان الأسس المتينة للسلم الاجتماعي، عوض التدابير الترقيعية التي تؤجل الأزمات بدل إيجاد حلول لها.

إن خلق طبقة متوسطة داخل المجتمع يسهل معه تنزيل مجموعة من استراتيجيات الدولة في التنمية، والرفع من جودة التربية والتعليم، وارتفاع نسبة الوعي المجتمعي بأهمية المشاركة السياسية في صنع القرار، والمساهمة الفعالة في خلق نقاش عام متوازن يمكنه الدفع بتطوير العملية السياسية وتخليق الحياة العامة، والحد من انتشار الرشوة في الانتخابات وداخل الإدارات والصفقات العمومية، والتقليل من حدة الفساد بكافة المؤسسات، بمشاركة شعبية وليس انتظار قرارات تقنية فوقية فقط.

خلال هذه المرحلة الدقيقة، التي يمر منها المغرب، وسعي المملكة الشريفة إلى دخول نادي الدول الكبرى، باستغلال فرص التحولات العالمية المتسارعة وحاجة العالم إلى ثروات إفريقيا، لضمان الغذاء والدواء وخام الصناعات المتطورة، تبرز الحاجة الماسة إلى دعم تشكيل طبقة متوسطة تساهم في تحريك عجلة الاقتصاد، ويكون لها من الوعي برهانات المرحلة ما يمكنها من الانخراط في دعم استراتيجيات الدولة على المديين المتوسط والبعيد، وتملء الفراغ الذي تستغله جهات داخليا وخارجيا، للتشكيك في قدرة الدولة على تحقيق الإقلاع الاقتصادي.

لا شك أن الطبقة المتوسطة لها دور بالغ الأهمية، أيضا، في دعم والحفاظ على استمرارية أنظمة الحماية الاجتماعية، من خلال المساهمات والضرائب التي تؤديها الأسر المعنية، فضلا عن ضمان الرواج التجاري وارتفاع الاستهلاك، ما يشجع على الإنتاج أكثر والاستثمار، ويعزز من فرص نجاح المشاريع الشبابية، ويزرع الأمل في مستقبل أفضل.

إن تخفيض نسبة الفقر والهشاشة من الأولويات التي يجب أن تعمل عليها الحكومات المتعاقبة، وذلك من خلال توفير فرص الشغل ودعم الاستثمارات، وتتبع إجراءات تخفيض الأسعار بالأسواق لتواكب القدرة الشرائية، ومراعاة الأثر الحقيقي في دعم الاستيراد من المال العام، سواء على مستوى الجودة والأثمان كذلك الخاصة باللحوم والمواد الغذائية الأساسية ومشتملات قفة المغاربة اليومية بشكل عام.

لدعم توسيع فئة الطبقة المتوسطة، يجب تشجيع الاستثمارات المتوسطة والصغيرة ومواكبتها لنجاحها في التشغيل، ومراجعة إجراءات محاربة المضاربات، والعمل على الحد من هيمنة الشركات الكبرى على الفوز بكافة المشاريع الصغيرة والمتوسطة والضخمة، ودعم المقاولات الشبابية بجدية وليس للتسويق الإعلامي فقط، والتشجيع بشكل عام على العمل والرفع المستمر من الإنتاج وخلق الثروة.

إن خلق طبقة متوسطة داخل المجتمع يخفف من العبء الذي تتحمله الدولة في الملفات الاجتماعية الحساسة، ويرفع من الوعي المجتمعي بالتحولات الاجتماعية والسياسية، ويفتح المجال للمشاركة الواسعة في نقاش السياسات العامة ومزاحمة الفساد والتقليل من تأثيره، ودعم تفعيل دور مؤسسات الرقابة، والمعرفة الدقيقة بما يدور في العالم من حروب المصالح ولا شيء غيرها، والمساهمة في تشكيل رأي عام قوي لا تهزه شائعات فوضى النشر بالمنصات الاجتماعية، ولا يتأثر سريعا بالحروب الرقمية.

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى