شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

العقدة الحقيقية

الافتتاحية

ما الذي يجعل قضية الاحتجاجات التعليمية الأكثر استعصاء على الحل رغم كل المجهود المالي والإجراءات التحفيزية والتنازلات الكبرى التي تضمنها اتفاق يوم الأحد بين الحكومة والنقابات؟

في العادة كل قضية مطلبية فئوية تحل عبر تسوية ما، فالتاريخ النقابي لكل الدول يشهد أن الحكومة لا تعطي جميع ما تريده النقابات لكنها لا تحرمها أيضا من كل ما تريده. وبصورة ما يحصل كل طرف على مكسب معقول فيكون بذلك راضيا ومضطرا للموافقة على التسوية، لكن الذي وقع عندنا هو أن الحكومة أعطت الكثير من الحلول لكن الإضرابات والوعيد بالاحتجاجات يزيد منسوبهما يوما بعد يوم.

لاشك أن الرأي العام بات يعرف أن حضور التنسيقيات للاتفاق حول الحل هو العقدة الحقيقية لهاته الأزمة، إذ بدا واضحا أنه لا يمكن أبداً التوصل إلى اتفاق لإعادة الأساتذة للأقسام ما لم يتم تحقيق اتفاق مع التنسيقيات أما النقابات فبات واضحا أنها لا تملك أمرًا ولا نهيا، ولنقل بصراحة إن الحكومة منحت من لا يستحق أكثر مما يستحق.

ومع مرور الوقت يتضح أن هاته العقدة ستقودنا إلى ثلاثة سيناريوهات:

الأول أن يساهم الاتفاق الحاصل في إقناع جزء من الأساتذة بالرجوع للتدريس، وطبعا هذا السيناريو ممكن التحقق لكنه يحتاج لبعض الوقت لاستيعاب الأمور والخروج من الحالة النفسية التي تهيمن على تفكير الأساتذة في ظل أجواء التجييش والتهييج الذي قامت به التنسيقيات، وهنا يمكن للنقابات الموقعة  أن تكسر هذا الحاجز النفسي، لكن، للأسف، لا تتوفر النقابات على أساتذة قادرين على فعل ذلك إما خوفا من التخوين أو رفضا لما وقع عليه قادتهم.

السيناريو الثاني أن لا يساهم الاتفاق في تحقيق أي تأثير إيجابي على مستوى تخفيف منسوب الاحتجاج حيث يستمر التحدي ومعركة تكسير العظام، مع احتمال الوصول نحو سنة بيضاء وتحمل كل طرف مسؤوليته في إهدار مصير سبعة ملايين تلميذ، وهنا سيتجاوز المضربون حدود المطالب الفئوية ويظهر بعضهم نواياهم السياسية الحقيقية.

السيناريو الثالث هو البحث عن خيار واقعي بعيد عن الإكراهات القانونية، من خلال عقد لقاء ولو بشكل غير مباشر مع التنسيقيات ومحاولة إدماجها في عملية الحل. فالأزمة الحادة التي نعيشها لا يمكن أن تحل بمنظور قانوني ضيق يبرر استبعاد التنسيقيات بمبررات متجاوزة، نحن في وضع استثنائي والمطلوب هو إيجاد الحل الناجع لإنهاء الأزمة وليس الانشغال بطريقة الحل. لا أحد يؤيد الخروج على دولة المؤسسات، لكن القانون في بعض الأزمات يصبح عاجزا عن الحل ما يتطلب البحث عن بدائل أخرى.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى