شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

العنف القاتل

توفيت أستاذة بأرفود نتيجة الاعتداء عليها من طرف تلميذها، قبل أيام قليلة، وأدانت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بطنجة، أخيرا، تلميذا بقتل زميله وحكمت عليه بالسجن لمدة 20 سنة، ويحاكم تلميذان بشفشاون لاتهامهما بقتل زميلهما بسبب عنف لفظي بالمنصات الاجتماعية تحول إلى صراعات طاحنة بالسيوف، وقام تلميذ بشفشاون أيضا بطعن زميله بسكين لأسباب تافهة، وتحول محيط المؤسسات التعليمية إلى ساحات حروب طاحنة بين التلاميذ وزملائهم وتعنيف الأساتذة والأطر الإدارية في مشاهد عنف خطيرة وجرائم الضرب والجرح المفضي إلى القتل، ما يتطلب من جميع المؤسسات المعنية وقفة حقيقية لمعالجة مشكل تفشي العنف المدرسي وتحول العنف اللفظي الذي يتم التساهل مع انتشاره بالمنصات الاجتماعية إلى عنف مادي وجرائم قتل على أرض الواقع.

مقالات ذات صلة

لسنا أمام دق ناقوس الخطر، لأن الأمر تجاوز ذلك بتحول المدرسة نسبيا إلى ساحة لتبادل العنف وإنتاج الجريمة، عوض التربية على الأخلاق الحميدة والرحمة واحترام الآخر ونبذ كافة أشكال العنف، والتنافس الشريف في التحصيل العلمي واكتشاف الطاقات والمواهب وتصريف الطاقة الشبابية بشكل إيجابي في الأنشطة الموازية والتشجيع على القراءة والرياضة وممارسة الهوايات المفضلة.

نحن في حاجة ماسة ومستعجلة لدراسة عميقة تليها إجراءات رادعة بالقانون وتوازيها تدابير أخرى لتصحيح مسار التربية قبل التعليم، في تحول العنف اللفظي المنتشر بالمنصات الاجتماعية، والسب والقذف والتشهير والطعن في الأعراض إلى عنف مادي خطير وصل حد جرائم القتل.

جميعنا نتابع دون تحريك ساكن فوضى انتاجات الأفلام القصيرة المفتوحة أمام العموم، وكلها تحريض على العنف والاغتصاب والاتجار في المخدرات والدعارة، والتشجيع على حمل السيوف من قبل القاصرين والتهديد بها واستعمالها في الصراعات لإثبات الذات، ومنح المثل السيء في التعامل مع الأصدقاء داخل المدرسة والتدريب على العصيان والسخرية من الأساتذة والاستخفاف بالقوانين الإدارية وعدم الانضباط.

هناك تحولات مجتمعية متسارعة هذا لاشك فيه، وتعرفه كل دول العالم، لكن هذا لايعني أن تستمر المؤسسات المعنية مكتوفة الأيدي أو تختزل تدخلاتها في حملات باهتة للتوعية والتحسيس بخطر العنف اللفظي وتحوله إلى عنف جسدي، لأن الأمر يحتاج إلى رجة حقيقية للتعامل مع الظاهرة وتقدير تبعاتها الكارثية على المجتمع.

يجب التسريع بتحسين الظروف الاجتماعية بصفة عامة، كما يجب على الأسر تحمل مسؤوليتها الأولى في التربية تحت طائلة العقوبات القانونية المطلوبة في حال الإهمال الأسري، إلى جانب الاهتمام بالمرحلة التعليمية الابتدائية والتركيز على التربية عوض التهافت على النقط المنفوخة دون جدوى، كما أن المؤسسات المعنية بالرقابة واجبها هو التحرك سريعا لردع انتشار ظاهرة الأفلام القصيرة التي تحرض على العنف بشكل يومي وتُبرمج الأطفال على ارتكاب الجرائم الخطيرة وتناول المخدرات والإدمان، وتوجيههم نحو ممارسة الدعارة والتفسخ الأخلاقي وكسب وتحصيل الأموال بطرق غير مشروعة وصنع المثل السيء في الأذهان.

عندما يتم التساهل مع الأسباب يجب أن لا ترعبنا النتائج،  وأسباب انتشار العنف المدرسي ليصل حد جرائم القتل، تبدأ بالتساهل مع انتشار العنف اللفظي سواء المباشر أو الرقمي، وبعدها يأتي إهمال التوجيه من الأسر وتدني مستوى التربية بالمؤسسات التعليمية، وفوضى النشر بالمنصات الاجتماعية والسب والقذف والطعن في الأعراض، وتدمير قيمة القيم والأخلاق في مخيلة التلاميذ، وبهذا تكون وصفة التلميذ المجرم قد اكتملت بشكل نهائي، وهو الشيء الذي لا نقبله لبلادنا وأبناء المغاربة.

لا نريد التضخيم ولا زرع الرعب في النفوس، ودق ناقوس الخطر قام به الإعلام أكثر من مرة في موضوع انتشار العنف المدرسي، والحل الآن ليس معالجة النتائج بل التركيز على معالجة الأسباب الحقيقية للعنف، لذلك على كل مؤسسة القيام بدورها كاملا كما يجب في التربية والتعليم وحماية أمن التلاميذ من الاستغلال بأنواعه، ووقف حملات التحريض الرقمية لارتكاب جرائم القتل وإدمان المخدرات وموضة حمل السيوف واصطحابها داخل فصول الدراسة والأخطر من ذلك اعتبار الأمر من الشهامة والرجولة وإثبات الذات والنجومية، فهل نتحرك جميعا لكسر موجة العنف المدرسي وتوجيه وتربية أجيال الغد قبل فوات الأوان..؟.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى