شوف تشوف

الرئيسيةسياسية

«بلوكاج» بالبرلمان يهدد بإسقاط الحكومة

الاستقلال يقترح سحب الثقة من حكومة العثماني بسبب المزاجية وانعدام المسؤولية وتعطيل أوراش الإصلاح وضرب استقرار المؤسسات

محمد اليوبي

يواصل فريق حزب العدالة والتنمية بمجلس النواب عرقلة جلسات المصادقة على مشروع قانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين، الذي تمت برمجته من طرف الحكومة في جدول أعمال الدورة البرلمانية الاستثنائية التي دعت إلى عقده على وجه الاستعجال بموجب مرسوم، وذلك بعد توصل جميع الفرق البرلمانية إلى توافق حول المواد الخلافية في القانون، وتقديم تعديلات مشتركة للتصويت عليه بالإجماع.
وللمرة الثالثة، تمكن نواب «البيجيدي»، أول أمس الأربعاء، من نسف اجتماع لجنة التعليم والاتصال، والذي كان مخصصا للمصادقة على القانون، وذلك إثر انقلاب فريق حزب رئيس الحكومة على الاتفاق الذي تم خلال الأسبوع الماضي، حيث توافق رؤساء الفرق البرلمانية على تقديم تعديلات مشتركة، وتوصلوا إلى صيغة لتعديل المواد التي كان بشأنها خلاف. ويتعلق الأمر بالمادة الثانية من القانون، التي تنص على اعتماد مبدأ التناوب اللغوي، والمادة 31 التي تنص على تدريس المواد العلمية والتقنية بإحدى اللغات الأجنبية. لكن بعد الخروج المثير لرئيس الحكومة السابق والأمين العام السابق، عبد الإله بنكيران، وحرض نواب الحزب على التصويت ضد القانون ولو أدى ذلك إلى سقوط الحكومة، جعل رئيس فريق «البيجيدي» يتراجع عن هذا التوافق، وطلب مهلة إضافية لإعادة النظر في التعديلات المقدمة.
وفي الجلسة الثالثة التي تم تأجيلها إلى أجل غير مسمى، حضر نواب حزب العدالة والتنمية، واشترطوا اعتماد الصيغة المنصوص عليها في الرؤية الاستراتيجية التي وضعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين، بخصوص تدريس اللغات الأجنبية، وهددوا بعدم التصويت على المواد المتعلقة باللغات. وشهد الاجتماع فوضى عارمة، إثر احتجاج نواب من المعارضة على قرار الحبيب المالكي، رئيس مجلس النواب، إغلاق جلسة التصويت على القانون في وجه الصحافيين تفاديا لإحراج فريق العدالة والتنمية، وقدم شقران أمام رئيس الفريق الاشتراكي مبررات اتخاذ القرار باتفاق مع رؤساء الفرق، بأنه جاء لتفادي الإحراج بعيدا عن أضواء الصحافة، لتسهيل تنزيل ما تم الاتفاق بشأنه بخصوص التعديلات المقدمة على القانون، مشيرا إلى أن البعض يغير موقفه أمام الصحافة خلافا لما يتم الاتفاق عليه في الاجتماعات المغلقة.
واتهم وزير التربية الوطنية والتعليم العالي، سعيد أمزازي، نواب حزب العدالة والتنمية بعرقلة التصويت على القانون، وذلك بعد انقلابهم على ما تم الاتفاق عليه بحضوره وتحت إشراف رئيس مجلس النواب، وبخصوص مطالبتهم باعتماد الرؤية الاستراتيجية التي وضعها المجلس الأعلى للتربية والتكوين في ما يخص التدريس باللغات الأجنبية، أوضح أمزازي أن المجلس الأعلى للتربية والتكوين له دور استشاري ولا يتدخل في التشريع، مشيرا إلى أن الحكومة هي التي وضعت القانون وأحالته على البرلمان. وفي ما يتعلق بالجدل حول تدريس المواد العلمية بإحدى اللغات الأجنبية، قدم الوزير معطيات صادمة حول الهدر المدرسي في صفوف حاملي شهادة الباكالوريا علمية، حيث 30 في المائة منهم لا يتابعون دراستهم في كليات العلوم، بسبب لغة التدريس، كما أن 22 في المائة يغادون كليات العلوم مباشرة بعد تسجيلهم، و45 في المائة يغادرون بدون الحصول على أية شهادة جامعية.
واحتج نواب المعارضة على تأجيل اجتماع اللجنة، بسبب الصراعات التي تعرفها الأغلبية الحكومية، وأكد محمد اشرورو، رئيس فريق الأصالة والمعاصرة، أن خلافات فرق الأغلبية تتسبب مرة أخرى في تعطيل التصويت على مشروع قانون الإطار، والتاريخ سيسجل عليهم عرقلة مجموعة من النصوص التشريعية وهدر الزمن التشريعي، مسجلا أن فريق «البام» غير معني بما ستؤول إليه الأمور، محملا المسؤولية الكاملة لفرق الأغلبية التي لم تتمكن من أن تتوافق وتتجاوز خلافاتها، مشيرا إلى أن الأغلبية الحكومية تجاهلت أهمية الزمن التشريعي واستخفت بباقي الفرق البرلمانية حينما انقلبت على الصيغة المتوافق عليها بخصوص المادة 2 المتعلقة بتدريس بعض المواد العلمية والتقنية بلغات أجنبية، مبرزا أن مجلس النواب يعقد دورة استثنائية من أجل التصويت على مشروع القانون، نظرا لأهميته باعتباره قضية كبرى ومهمة للبلاد.
وبدورها، هاجمت عائشة لبلق، رئيسة مجموعة حزب التقدم والاشتراكية، فريق حزب العدالة والتنمية، وأكدت على أنه كان بالإمكان التوصل إلى صيغة توافقية، إلا أن البعض ومع كامل الأسف فضل الدخول في حسابات سياسية ضيقة، وجعل هذا القانون رهينة تجاذبات سياسوية عوض مباشرة ورش إصلاح المدرسة العمومية ورد الاعتبار لها.
ومن جهته، دعا حزب الاستقلال، رئيس الحكومة، إلى تفعيل الفصل 103 من الدستور لاختبار مواصلة منح الثقة في حكومته، من خلال ربط طلب الموافقة على مشروع القانون الإطار المتعلق بالتربية والتكوين والبحث العلمي، لدى مجلس النواب بتصويت منح الثقة للحكومة حتى تواصل تحمل مسؤوليتها. وأشار بلاغ صادر عن اللجنة التنفيذية للحزب التي عقدت اجتماعا، أول أمس الأربعاء، برئاسة نزار بركة، الأمين العام للحزب، إلى أن المقترح جاء بعد استعراض الحالة السياسية الناتجة عن التداعيات الخطيرة التي أفرزها مسار مناقشة هذا المشروع داخل مجلس النواب من طرف مكونات الأغلبية الحكومية والأزمة التشريعية غير المسبوقة التي تسببت فيها، واعتبارا للتصدع المزمن الذي ما فتئت تشهده مكونات الأغلبية – بما فيها الحزب القائد لها- والذي زادت حدته في الآونة الأخيرة في سياق انتخابوي سابق لأوانه، بتداعياته المتفاقمة على تماسك الأداء الحكومي والعمل التشريعي، وما لذلك من عواقب في إهدار منسوب الثقة لدى المواطن والفاعل، وتعطيل أوراش الإصلاح الملحة وإضاعة فرص التنمية على البلاد.
وأوضح الحزب أن المقترح يأتي كذلك، نظرا للتداعيات الخطيرة لهذه الأزمة السياسية على مصداقية المؤسسات الدستورية، وخاصة الحكومة والمؤسسة التشريعية، وما أفرزته من إضعاف واضح لمنسوب الثقة فيهما، ومن عرقلة لمهامها ووظائفها، ونظرا للمناخ السياسي العام الموسوم بالعبثية والهشاشة وسوء الفهم الكبير بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية نتيجة الفشل الواضح للأغلبية الحكومية ومعها الحكومة في تحمل مسؤولياتها، ونظرا للتذبذب في المواقف والارتجالية في التعاطي مع مشروع قانون الإطار المتعلق بالتعليم. واعتبر الحزب أن التحلل من الالتزام بالصيغة التوافقية حول مشروع القانون الإطار حول إصلاح التعليم، هو مؤشر غير مسبوق في الممارسات السياسية والتشريعية الفضلى، ويتجاوز مضامين مشروع القانون الإطار إلى ما هو أعمق وأخطر يمس استقرار المؤسستين الحكومية والبرلمانية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى