
الأخبار
أكد عزيز أخنوش، رئيس الحكومة، أول أمس الاثنين، أن إصلاح المنظومة التعليمية كان منذ تنصيب الحكومة، اختيارا سياسيا بأبعاد سيادية، يتجاوز منطق التدبير القطاعي، ويسير في اتجاه بناء مدرسة عمومية تضمن تنمية القدرات، وضمان الارتقاء الاجتماعي، وبالتالي الاندماج في مغرب المستقبل.
وشدد أخنوش في عرض قدمه خلال جلسة الأسئلة الشفهية الشهرية الموجهة إلى رئيس الحكومة، والتي ناقشت موضوع «إصلاح التعليم.. من مدرسة الريادة إلى جامعة التميز لبناء أجيال المستقبل»، على القناعة الراسخة لدى الحكومة بأن الإصلاح الشمولي للمنظومة التعليمية يتطلب توفير الإمكانات المادية اللازمة، مبرزا أنه تمت من خلال قانون المالية لسنة 2025 تعبئة ميزانية إجمالية فاقت 85 مليار درهم، مقابل 68 مليار درهم سنة 2019، وأكد أن الهاجس المشترك الذي يجمع الحكومة والبرلمان يتمثل «في إعادة بناء الثقة في المدرسة العمومية لدى الأسرة المغربية».
وأضاف رئيس الحكومة أنه في ظل العناية التي يوليها الملك لملف التربية والتكوين، كانت الاختيارات الحكومية واضحة، وتم التعبير عنها في البرنامج الحكومي، باعتباره تعاقدا سياسيا مع المواطنين والمواطنات، وفي هذا السياق، سجل أخنوش، باعتزاز، المؤشرات الإيجابية التي يعرفها قطاع التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، مستندا في ذلك إلى عدة اعتبارات منها، «وضوح العرض الحكومي ومصداقيته»، و«نجاح الحوار الاجتماعي القطاعي بالوزارة»، و «تعبئة الموارد المالية اللازمة للإصلاح»، حيث إن الحكومة تعمل على تعبئة 9.5 ملايير درهم إضافية كل سنة في أفق 2027، بما انعكس إيجابا على الحياة اليومية لأسرة التعليم بالمغرب».
وأبرز أخنوش أن الحكومة تحلت بالجرأة السياسية لطي ملف المتعاقدين بشكل نهائي، «وذلك بعد ترسيم أزيد من 115 ألف موظفة وموظف بالقطاع، واتخاذ كل الإجراءات اللازمة لتسوية وضعيتهم المالية والإدارية، ابتداء من يوليوز 2024، بقيمة إجمالية تجاوزت مليارين و400 مليون درهم».
كما تم، وفق المعطيات التي قدمها رئيس الحكومة، تفعيل الزيادة العامة في الأجور بقيمة 1500 درهم، استفاد منها 330 ألف موظف خلال الشطر الأول بكلفة مالية بلغت حوالي 5 ملايير درهم، إلى جانب صرف التعويضات التكميلية لفائدة 100 ألف موظف بقيمة إجمالية تناهز مليار درهم، بالإضافة إلى تنظيم الترقية بالاختيار برسم سنة 2022 لحوالي 12.000 موظف، بتكلفة فاقت ملياري درهم.
وقال رئيس الحكومة إن التصور العام الذي تتبناه الحكومة بشأن الإصلاح التربوي يتوخى بالأساس إحداث نقلة نوعية في مسارات مدرسة المستقبل، مبنية على الرؤية الجديدة لمشروع «مدارس الريادة» الذي أطلق سنة 2022.
وأوضح أخنوش أن هذه المدارس التي تعد «تجربة رائدة»، تتوخى «توفير الشروط الضرورية لمدرسة جيدة للجميع، وتحسين التعلمات من خلال الاعتماد على أساليب جديدة في طرق التدريس، التي تضمن بلوغ الأهداف المبرمجة لهذا المشروع الحكومي»، وسجل أن الموسم الدراسي الماضي شكل الانطلاقة الفعلية لمشروع «مدارس الريادة»، والتي شملت أزيد من 620 مؤسسة تعليمية ابتدائية، واستفادة أزيد من 330 ألف تلميذ وتلميذة داخل الأوساط الحضرية والقروية، إلى جانب مواكبة هذه المؤسسات ببرنامج طموح لمعالجة التعثراتTARL، وفق المستوى المناسب لكل تلميذ، وتقييم دقيق ومنتظم لدرجة التعلمات الأساس.
وأكد أخنوش أنه كان لهذه التجربة نتائج جد مشجعة من خلال تحقيق تحولات مهمة في مستويات الإدراك لدى المتعلمين، مبرزا أن هذا النظام سجل تحسنا ملموسا في التعلمات الأساس لدى التلاميذ (4 مرات في الرياضيات، مرتان في العربية، 3 مرات في الفرنسية) مما يعادل استدراكا للتعلمات ما بين سنة وسنتين من الدراسة، وأضاف أن التلاميذ الذين ينتمون إلى مدارس الريادة حققوا خلال التقييمات المنجزة نتائج أفضل، مقارنة مع أكثر من 82 في المائة من التلاميذ غير المستفيدين من هذا البرنامج، مسجلا أنها «نتائج جد متقدمة فرضت علينا التسريع باستكمال تعميم هذا البرنامج الطموح».
وأمام هذه الحصيلة المشجعة، يقول أخنوش كان من الضروري تطوير هذا المشروع «الثوري» لصالح المدرسة العمومية، مشيرا إلى أن الدخول المدرسي (2024-2025) كان محطة متميزة لاستكمال مسار تعميمه على الصعيد الوطني، والذي تزامن مع توسيع برنامج «مؤسسات الريادة»، الذي وصل هذه السنة إلى 2.626 مؤسسة ابتدائية تضم أزيد من مليون و300 ألف تلميذ، أي ما يعادل 30 في المائة من مجموع التلاميذ المتمدرسين.
وفي هذا السياق، اعتبر رئيس الحكومة أن تطوير المدرسة المغربية يظل رهينا بتحديث البنية التربوية، مبرزا أنه لذلك «اتجهت الإرادة الحكومية إلى ضرورة تطوير المنظومة الرقمية لمدارس الريادة وتعميمها مستقبلا».
من جهة أخرى، استعرض أخنوش منجز توسيع العرض المدرسي بالوسطين القروي والحضري، مشيرا إلى أن الوزارة عملت خلال السنة الدراسية الحالية على إحداث ما مجموعه 189 مؤسسة ابتدائية، من بينها 129 مؤسسة بالوسط القروي، وتوسيع منظومة المدارس الجماعاتية في الوسط القروي لما لها من أدوار رئيسية في تقليص نسب الهدر المدرسي، إذ تم بلوغ ما مجموعه 335 مؤسسة سنة 2025، بنسبة استهداف بلغت 90 ألف تلميذة وتلميذ.
وأضاف أنه تم العمل على توفير بنية رقمية حديثة تضمن الولوج العادل لجميع المتدخلين وتساعد على تطوير مهاراتهم التقنية، مبرزا أن الوزارة قامت خلال هذا الموسم الدراسي بتجهيز أزيد من 30 ألف قسم بالمعدات المادية والتكنولوجية والبيداغوجية اللازمة، لإنجاح تجربة مؤسسات الريادة.
وفي هذا الإطار، نوه أخنوش بالانخراط المسؤول لمكونات الحقل التربوي بالمغرب، مسجلا أنه منذ انطلاق هذا الورش خلال الموسم الماضي، ساهم أزيد من 44 ألف من الأستاذات والأساتذة، بالإضافة إلى مشاركة طوعية لأزيد من 560 مفتشا تربويا وأكثر من 2626 مديرا داخل مدارس الريادة.
وفي السياق نفسه، قال أخنوش إن الحكومة تملك تصورا جديدا للتكوين والتكوين المستمر، وتجديد طرق التدريس ينطلق من المواكبة المستمرة للأطر التربوية داخل الفصول الدراسية، وقياس مستوى التعلمات وتقييمها بشكل منتظم.
وعلى هذا الأساس، يوضح رئيس الحكومة، تبين التقييمات التي أجرتها المؤسسات الوطنية (المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي على وجه الخصوص)، محورية وقيمة الدورات التكوينية المقدمة لفائدة الأساتذة، مبرزا أن النتائج المحصل عليها أكدت نجاح الممارسات التربوية، وفقا لمقاربة TARLوالتعليم الصريح في الوسطين الحضري والقروي.
وأضاف أن الوزارة عملت على إطلاق دورات تكوينية في «التعليم الصريح» لفائدة أساتذة التعليم الابتدائي داخل مؤسسات الريادة، وذلك بهدف تمكين هذه الفئة من الكفايات اللازمة التي تشمل مجموعة من المقاربات وأساليب التدريس، مؤكدا أن هذه المقاربة ستمكن من كسب رهانات التحكم في التعلمات الأساس وتجويدها، باعتبارها مقاربة تنسجم مع أهداف مقاربة TARL، وبالتالي استفادة جميع المتعلمين من الدرس التربوي.