شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ثلاث رسائل

 

عمرو الشوبكي

 

ثلاث رسائل حملتها زيارة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، إلى مصر، بعد قطيعة دامت 11 عاما، الأولى تقول إن الحوار والتواصل بين الدول لا يعني تطابق الآراء في كل الملفات، إنما يفتح الباب لنمط متحضر لإدارة الخلافات والتحالفات يعود بالنفع على كلا الشعبين.

أما الرسالة الثانية فهي من شقين، أحدهما يخص تركيا، والثاني يخص مصر، ففي ما يتعلق بتركيا تقول الرسالة إنه لا يمكن اختزال مصر والعالم العربي في تيارات الإسلام السياسي، وخاصة جماعة الإخوان المسلمين، واعتبارها هي فقط التي على صواب، وإن ما روجت له هو الصحيح، فحتى لو اختلفت تركيا مع الرواية الرسمية، فإن هذا لا يعني تجاهل التنوع داخل المجتمع المصري، وأن التيار الذي عارض الإخوان في سنة 2013 يمثل أغلبية الشعب المصري.

إن تصور أي بلد أنه يمكن أن يختار حلفاءه تبعا للتوجهات السياسية للنظام القائم، كما فعلت تركيا مع مصر، ثبت خطؤه، فلا أحد يتخيل أن معيار إقامة علاقة مع أي دولة هو أن تشاركها توجهاتها السياسية. صحيح أن من حق تركيا أن تبني نموذجها السياسي وفق تاريخها وسياقها الاجتماعي والسياسي وكذلك مصر، حتى لو كان النموذجان مختلفين، فالمطلوب هو البحث عن المصالح المشتركة لتعود بالنفع على الشعبين، وحتى لو كان التقارب في التوجه السياسي يعزز من عمق العلاقات بين الدول، فإن الخلاف في التوجهات السياسية لا يعني قطعها.

أما بالنسبة إلى مصر فلم يكن صحيحا تجاهل قوة تركيا وحضورها الإقليمي والدولي وثراء وتنوع نموذجها السياسي والانتخابي، وأننا بحاجة إلى مراجعة فكرة أن الدول التي نختلف معها نتحدث صباحا ومساء عن نقاط ضعفها وعيوبها، ونتجاهل نقاط قوتها، وإذا حدث العكس، وأصبحنا «سمنا على عسل»، نتحدث فقط عن مزاياها ونقاط قوتها، ونتجاهل عيوبها وسلبياتها.

أما الرسالة الثالثة فتتعلق بأهمية احترام الشعوب وعدم الإساءة إليها، حتى في ظل الخلافات السياسية، وهي تجربة مريرة بسبب إساءة بعض الإعلاميين في مصر إلى شعوب اختلفت مع نظمها السياسية مثلما جرى مع قطر وتركيا، ثم عادت العلاقات معهما إلى وضعها الطبيعي، وبقيت الإساءات في الذاكرة.

من المهم أيضًا الإشارة إلى أن دلالة أن يبدأ رجب طيب أردوغان بزيارة القاهرة تكمن في عملية الرجل وبراغماتيته الشديدة، لأنه اكتشف بعد أكثر من عقد من الزمان أن موقفه من مصر كان عقائديا مناقضا لجوهر مشروعه الفكري وخبرته السياسية القائمة على العملية الشديدة، وعلى قدرة فائقة على التحول وتحقيق مكاسب لوطنه ولحزبه السياسي، وهو أمر لم تعتبره تركيا انتقاصا منها، لأنها ركزت على المضمون والهدف الاستراتيجي من عودة العلاقات، بعيدا عن أي شكليات، خاصة أنها تنوي أن تضخ المزيد من الاستثمارات في مصر، وأن تبيع المزيد من الطائرات المسيرة بما يعود بالنفع على كلا البلدين.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى