حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأي

دراما سياسية في إسرائيل

رائد دحبور
أخيراً أفلح نتنياهو وعلى نحو دراماتيكي في شق صفوف خصومه في تحالف «أزرق أبيض» بوسيلة ما يمكن الاعتقاد أنها رزمة من الرشى السياسية في ظل تحدي أزمة كورونا، التي تكاد تخرج عن السيطرة، والتي وظفها نتنياهو جيدا في الدعوة إلى ضرورة تشكيل حكومة طوارئ برئاسته.
لكن وقبل أيام قليلة كان «يئير لابيد» زعيم حزب «ييش عتيد- هناك مستقبل»، وهو مكون أساسي من مكونات ائتلاف أحزاب أزرق أبيض يعلن ويؤكد على تماسك الائتلاف في مواجهة محاولات نتنياهو التشبث بالسلطة، ومحاولاته شق صفوف الأحزاب المكونة لأزرق أبيض.
الآن أصبح كلام يئير لبيد من الماضي وسيكون طي النسيان بعد أن رشح بيني غانتس، زعيم حزب «حوسن ليسرائيل – المنعة لإسرائيل»، وهو أكبر أحزاب أزرق أبيض نفسه لرئاسة الكنيست كبديل عن رئيسها الليكودي المستقيل
«يولي إدلينشتاين»، وكان هذا الأخير قد قدم استقالته استباقا لقرار المحكمة العليا، التي كانت ستلزمه بإجراء الاقتراع لانتخاب رئيس جديد للكنيست؛ وكان هذا الإجراء الذي اطلعت به المحكمة العليا ثمرة جهود بذلها بني غانتس في الأساس، طيلة الأيام الماضية.
وفي إطار ذلك وافق بيني غانتس أيضا على تولي حقيبة الخارجية في حكومة يرأسها نتنياهو؛ ضمن اتفاق تناوب- على ما يبدو- يتيح له تولي منصب القائم بأعمال رئيس الوزراء، بعد عام ونصف العام من الآن؛ وعلى أن يتولى زميله في حزب المنعة لإسرائيل، الجنرال
«غابي أشكنازي»، وزارة الدفاع في حكومة نتنياهو الائتلافية الجديدة.
بذلك يكون نتنياهو، والذي يحلو لمحبيه في إسرائيل تلقيبه بـ«الساحر»، قد أخرج من قبعته في اللحظات الأخيرة أرنبا بحجم كبير -إن صح التعبير-، حيث قام بفعل دراماتيكي في دقائق فارقة من ساعات مداولات الكنيست، يوم الخميس في الخامس والعشرين من مارس الماضي- حيث كان من المفترض لهذه المداولات أن تفضي إلى تقليص هوامش المناورة لديه-، وإذا به وعبر اتفاقه الثنائي مع غريمه غانتس يطيح بكل شعارات خصومه السياسيين عبر ثلاث حملات انتخابية سابقة، كما أطاح بتوقعات وآمال ناخبيهم أيضا، مما يلِّدُ الآن شعورا عميقا بالإحباط والحنق لدى قطاعات واسعة منهم؛ وذلك إذا أخذنا بالاعتبار أن ائتلاف أحزاب أزرق أبيض قام واستمر على أساس شعار «لا لبقاء نتنياهو في السلطة، ولا لاستمرار بقائه في الحياة السياسية مع لوائح اتهام قضائية». وربما أن هذا الشعار المحوري الذي جمع خصومه السياسيين ووحدهم كان من الهشاشة بما قد رأى الجميع؛ وهذا ما يؤكد مجددا هشاشة وزئبقية ما يطلق عليه في إسرائيل أحزاب الوسط أو أحزاب بقايا اليسار، وافتقادها للهوية السياسية الواضحة وللبرامج المنهجية الحقيقية، في موازاة الهوية السياسية والإيديولوجية الواضحة لأحزاب اليمين.
وفي موازاة كل ذلك أيضا سيكون أمر التوصية على «بيني غانتس» الذي أبرمته وتقدمت به القائمة العربية المشتركة لدى رئيس الدولة «رؤوبين ريفلن»، بعد الإعلان عن نتائج الانتخابات الثالثة، قد ذهب هو الآخر أدراج الرياح؛ كما ستذهب ريحه من حيث القيمة والأهمية لجهة قدرة القائمة المشتركة المفترضة على إحداث أي فوارق جوهرية، في اتجاهات وسياقات الحياة السياسية في إسرائيل راهنا وربما مستقبلا أيضا، برغم حيازتها على خمسة عشر مقعدا في الكنيست الأخيرة.
وحتى لو اتسمت حكومة نتنياهو الجديدة بصبغة حكومة طوارئ في ظلال التحديات الاقتصادية والصحية وتداعياتها الاجتماعية، التي يفرضها وباء كورونا؛ فهي ستكون على المدى المتوسط حكومة مستقرة، خاصة إذا تم تعميق التفاهمات بين بيني غانتس وحزبه من جانب، ونتنياهو والليكود من جانب آخر، وهذا ما هو مرجح؛ ذلك لأن الدافع الحقيقي للتنافس بين نتنياهو وخصومه في أبيض أزرق – الذي جرى تمويهه مرارا وفي ثلاث جولات انتخابية متعاقبة تحت عناوين زائفة- قد كان يقوم في الأساس على قاعدة التشبث بالسلطة من جانب، والسعي إليها في ظلال مؤثرات رطانة الشعارات الكلامية بلا مبادئ حقيقية من جانب آخر.

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى