
يونس جنوحي
بعد سنوات من الهدنة المعلنة بين الهند وباكستان، ها هي الحرب تلوح في الأفق. فقد نقلت وكالة الأنباء الروسية، في أولى ساعات أول أمس، أن الخارجية الباكستانية أعلنت حصولها على معلومات تفيد بأن «الهند سوف تشن هجوما خلال 24 إلى 36 ساعة».
على خلفية هجوم «باهالجام» الأخير، يوم 22 أبريل، عادت الأجواء للتوتر في الحدود الهندية الباكستانية. بعد أن أطلق مسلحون النار على سياح في المنطقة الطبيعية التي لا تبعد كثيرا عن كشمير، وهو ما نتج عنه مقتل 28 شخصا وجرح العشرات. كما أن جماعة «طيبة»، التي تنشط في باكستان، أعلنت مسؤوليتها عن الهجوم.
منذ هجمات مومباي التي تعود إلى سنة 2008، لم تشهد الهند اعتداء إرهابيا بهذا العنف يستهدف المدنيين والسياح.
منذ سنوات، صدرت مجموعة من التقارير تحذر من الأنشطة المتطرفة فوق التراب الباكستاني، والتي عانى منها الباكستانيون أولا قبل غيرهم، خصوصا بعد رصد تقارير الخارجية لدول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، لأنشطة مسلحة في الحدود الأفغانية الباكستانية، واتهمت المعارضة، حكومة بلادها بأنها تقف مكتوفة اليدين أمام الوضع.
لكن ما خلق الحدث هذا الأسبوع، ما نشره الصحافي الباكستاني «عادل راجا»، حيث وجه اتهاما خطيرا إلى رئيس الجيش الباكستاني، وقال إنه يتوفر على معلومات دقيقة تفيد بتورط الجيش في الهجوم الذي عرفته «باهالجام».
وحسب ما تناقلته منابر دولية، فإن هذا الصحافي يتهم قائد الجيش بتنفيذ هذا الهجوم للتمويه عن قضية أخرى، ونقل الأزمة إلى المنطقة الحدودية مع الهند.
ساد الغضب في الهند بسبب الحادث، في حين أن المجموعة المسلحة التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادث، تأسست سنة 2019 وتتوفر بشأنها تقارير دقيقة تتعلق بأنشطتها في المنطقة الحدودية.
وبحسب ما نشرته «الفورين بوليسي» الشهيرة، نقلا عن منابر آسيوية، فإن هناك تضامنا واسعا جدا مع الهند بعد الحادث، خصوصا وأن الضحايا سياح قصدوا واحدة من أكثر المناطق جذبا للسياح في العالم. وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أول المتضامنين، وتعهد «بدعم أمريكي كامل لتقديم الجناة إلى العدالة».
الرئيس بوتين بدوره أعلن إدانته للهجوم، مؤكدا التزام موسكو بمساندة الحكومة الهندية في مكافحة الإرهاب.
رئيسة الاتحاد الأوروبي سجلت أيضا تعاطفها ووصفت الهجوم بالشنيع. الحكومة الصينية أيضا أدانت الهجوم، وسط استياء دولي يعكس تخوفا مما قد تحمله الأيام المقبلة للمنطقة، بعد هدنة استمرت لسنوات بين الهند وباكستان.
الحرب الباردة، أو حرب الأعصاب، تطورت إلى موقف رسمي من الهند لا بد أنه سوف يُعيد المنطقة كلها إلى ما قبل 2008. الأخبار التي انتشرت في الساعات الأخيرة الماضية تؤكد أن جيش الهند وجيش باكستان، لم تعد تفصل بينهما الآن سوى أمتار قليلة فقط. في حين أن باكستان أعلنت إسقاط طائرة مسيرة هندية بدون طيار، كانت تستطلع الأجواء في إقليم كشمير المتنازع عليه بين البلدين.
انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار، سيزيد من تصاعد التوتر، وحسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، فإن الجيش الهندي تلقى الضوء الأخضر من رئيس الوزراء والقاضي بـ«حرية التحرك»، لاتخاذ المتعين في الميدان.
المنطقة الحدودية بين الهند وباكستان، طالما كانت قطبا لجذب السياح، بحكم أنها تتوفر على محميات طبيعية، تنافس الريف السويسري، حتى أن أجود أنواع المراعي تنتشر في هذه المنطقة. لكن الواضح أن صوت الرصاص سيعود ليشوش على الأجواء، وسوف يتعين على «الربيع» أن ينتظر موسما آخر.