شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

رهانات الدورة البرلمانية الربيعية  أهم القضايا والملفات المطروحة على جدول أعمال البرلمان

افتتح البرلمان، يوم الجمعة الماضي، أشغال دورته التشريعية الثانية من السنة التشريعية 2024 – 2025، والتي تنعقد في خضم سياق وطني موسوم بتحديات اقتصادية واجتماعية ترخي بظلالها على أجندة عمل المؤسسة التشريعية. ومن بين أهم القضايا المطروحة على جدول أعمال الدورة البرلمانية، إصلاح أنظمة التقاعد المهددة بالإفلاس، حسب تقارير رسمية، بالإضافة إلى موضوع دعم استيراد الأبقار والأغنام الذي أثار جدلا كبيرا، حيث تقترح فرق الأغلبية تشكيل لجنة استطلاعية حول الدعم، فيما تطالب فرق المعارضة بتشكيل لجنة لتقصي الحقائق، بالإضافة إلى غلاء أسعار المواد الاستهلاكية، وارتفاع معدل التضخم وما ينتج عنه من تحديات وصعوبات اقتصادية واجتماعية. وهناك العديد من اللجان الاستطلاعية التي أنهت مهامها بمجلس النواب، وستعرض التقارير التي أنجزتها حول مجموعة من الملفات والقضايا، بالإضافة إلى مجموعة من النصوص القانونية التي أحالتها الحكومة على مجلسي البرلمان، ومنها قانون إصلاح التعليم المدرسي.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

افتتاح الدورة البرلمانية.. التشغيل في صدارة الأولويات التشريعية والاجتماعية

 

افتتح البرلمان الدورة الثانية من السنة التشريعية الحالية، مشددا على الطابع الاستعجالي لمجموعة من الملفات ذات البعد الاقتصادي والاجتماعي، في مقدمتها ملف التشغيل، باعتباره مدخلا أساسيا لتحقيق العدالة الاجتماعية وضمان كرامة المواطن المغربي، خصوصا في ظل التحديات التي فرضتها المتغيرات الاقتصادية الإقليمية والدولية.

وتشير أحدث التقارير الصادرة عن المندوبية السامية للتخطيط إلى ارتفاع معدلات البطالة في صفوف الشباب، حيث تجاوزت 32 في المئة في الوسط الحضري، وهي أرقام مقلقة تسائل السياسات العمومية المتبعة في هذا المجال، وتدعو إلى إعادة النظر في مناهج الدعم العمومي، وخلق جسور حقيقية بين المدرسة وسوق العمل.

وفي هذا السياق، تُعقد آمال كبيرة على البرلمان الجديد من أجل إخراج ترسانة تشريعية محفزة، تدعم القطاع الخاص، وتُبسط المساطر الإدارية، وتُعفي المبادرات الذاتية من العراقيل البيروقراطية، انسجاما مع مضامين النموذج التنموي الجديد، الذي وضع التشغيل اللائق ضمن أولوياته الخمس الكبرى.

أحد أبرز الملفات التي يُرتقب أن تحظى بنقاش موسع داخل قبة البرلمان، هو مشروع إصلاح الوكالة الوطنية لإنعاش التشغيل والكفاءات (أنابيك)، الذي يهدف إلى إعادة هيكلة هذه المؤسسة حتى تضطلع بدور أكبر في الوساطة النشيطة، وتتحول إلى منصة لتوجيه ومواكبة طالبي الشغل، مع تعزيز أدواتها الرقمية وتوسيع شبكتها الجهوية.

ويُنتظر من الفرق البرلمانية الدفع نحو تسريع المصادقة على هذا الإصلاح، وربطه بإجراءات مواكبة على مستوى الجهات، من خلال تحقيق العدالة المجالية في فرص الشغل، وإدماج الاقتصاد الاجتماعي والتضامني كفاعل بديل في تقليص البطالة، خاصة في المناطق القروية والهشة.

ورغم محدودية مناصب الشغل في القطاع العام، إلا أن إصلاح الوظيفة العمومية لا يزال مطروحا على طاولة النقاش، خصوصا في ما يتعلق بمبدأ الاستحقاق والكفاءة، وتحديث طرق التوظيف وتوزيع الموارد البشرية، وفقا لحاجيات الإدارة العمومية.

ويتزامن هذا المسار مع رهانات إصلاح التعليم والصحة، وفتح ورش كبير يتعلق بتأهيل الرأسمال البشري، باعتباره العمود الفقري لأي رؤية اقتصادية طموحة.

من جهة أخرى، من المرتقب أن تحظى ملفات تشغيل النساء، والإدماج المهني للمهاجرين، وأوضاع العاملات والعمال المنزليين، باهتمام الفرق البرلمانية، خاصة في ظل التوجيهات الملكية المتعلقة بتعزيز الحماية الاجتماعية وتكريس مبادئ الإنصاف والمساواة.

ويأتي كل ذلك في سياق تنزيل ورش الحماية الاجتماعية، الذي يربط الاستفادة منه بالمساهمة في منظومة التأمين والتغطية، وهو ما يتطلب بالضرورة توسيع قاعدة العاملين النظاميين، وتيسير الانتقال من الاقتصاد غير المهيكل إلى الاقتصاد الرسمي.

يبقى التحدي الأبرز الذي سيواجه البرلمان، هو الانتقال من الشعارات والوعود الانتخابية، إلى أجوبة واقعية وميدانية، تستند إلى معطيات دقيقة وشراكة حقيقية بين الدولة والقطاع الخاص، ضمن رؤية مندمجة تضع المواطن في صلب النموذج الاقتصادي، فالتشغيل لم يعد مجرد رقم في تقارير الاقتصاد، بل صار محددا أساسيا لاستقرار الأسر، وشرطا لبناء الثقة بين المجتمع ومؤسساته، فيما يبقى الرهان على أن تتحول هذه الدورة التشريعية إلى منطلق فعلي لورش تشريعي متكامل، يضع حدا لبطالة الشباب، ويؤسس لمنظومة وطنية عادلة ومنتجة للشغل، كما دعا إلى ذلك الملك محمد السادس في أكثر من مناسبة.

مشروع قانون النقابات.. البرلمان يفتح ورش التنظيم النقابي على إيقاع الحذر والتوجس

 

 

تستعد الحكومة لعرض مشروع قانون النقابات على البرلمان في الدورة التشريعية الحالية، وهي خطوة طال انتظارها وسط مشهد نقابي يواجه تحديات عديدة. المشروع الجديد يهدف إلى إحداث تغييرات جوهرية في هيكلة العمل النقابي في البلاد، من خلال وضع إطار قانوني منظم يضمن المصداقية والشفافية في عمل النقابات، ويضع حدا للفوضى التي عرفها هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة. رغم الأهداف المعلنة التي تسعى الحكومة إلى تحقيقها من خلال هذا المشروع، إلا أن النقابات ما زالت مترددة بشأن العديد من فصوله، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى نجاح المشروع في توحيد الصف النقابي في المغرب.

يُعد تنظيم العمل النقابي أحد الأهداف الرئيسية التي يسعى المشروع إلى تحقيقها، حيث سيشمل معايير محددة لتحديد النقابات الأكثر تمثيلية، بما يضمن أن يكون كل تنظيم نقابي قادرا على التأثير بشكل فعال في الدفاع عن مصالح منتسبيه. هذا بالإضافة إلى تمكين الحكومة من مراقبة الأنشطة المالية والإدارية للنقابات، وذلك لضمان التزامها بالقوانين والأنظمة الخاصة بالتسيير والتمويل. وهو ما اعتبرته الحكومة خطوة ضرورية للتأكد من أن النقابات تعمل وفق آليات شفافة وصحيحة. فالحكومة تأمل من خلال المشروع القضاء على الاختلالات المالية التي تعاني منها العديد من التنظيمات النقابية، التي تواجه انتقادات من قبل الشغيلة، بسبب سوء التسيير.

لكن في المقابل، يثير المشروع قلق العديد من النقابات التي تعتبر أن هذه المعايير قد تُستخدم لتقييد الحريات النقابية، وزيادة التدخل الحكومي في شؤون النقابات. تتخوف هذه الأطراف من أن تحديد شروط صارمة لتمثيلية النقابات قد يؤدي إلى إقصاء النقابات المستقلة، التي لا تتفق مع التوجهات الرسمية، وبالتالي احتكار مجال الدفاع عن مصالح الشغيلة من قبل بعض النقابات الكبيرة الموالية. وتزيد هذه المخاوف من أن يصبح المشروع وسيلة لتقليص دور النقابات المعارضة، التي لا تروق لبعض الجهات الحكومية.

من جهة أخرى، يُعتبر النقص في الحوار الاجتماعي والتشاوري من أبرز الانتقادات التي وجهها النقابيون للمشروع. فهم يرون أن الحكومة لم تستجب بما فيه الكفاية لنداءات الحوار المسبق معهم حول النقاط الجوهرية في مشروع القانون، مما يجعلهم يشعرون أن هذا المشروع يُعَدّ في غرفة مغلقة بعيدا عن أي مشاركة فعلية من المعنيين بالأمر. وهذا قد يؤدي إلى ضعف الثقة بين النقابات والحكومة، بل وربما إضعاف الجهود الرامية إلى مأسسة الحوار الاجتماعي في المستقبل.

ورغم كل هذه التحفظات، يرى بعض المراقبين أن المشروع قد يكون فرصة هامة لتحسين وضع النقابات في المغرب. إذ إن معظم النقابات تعاني من ضعف التأطير الداخلي وغياب الديمقراطية التنظيمية، مما يُضعف قدرتها على تمثيل مصالح الأجراء بشكل فعال. فإذا تم تفعيل هذا القانون بشكل منصف، ووفرت الحكومة آليات دعم حقيقية، فإن ذلك قد يعزز من الدور التفاوضي للنقابات، ويساهم في تحسين وضعية الشغيلة المغربية بشكل عام. ولكن يبقى التحدي الأكبر في الحفاظ على توازن دقيق بين التنظيم والحرية، مع ضمان عدم فرض قيود قاسية على قدرة النقابات الصغيرة على العمل.

وعلاوة على ذلك، تتزامن إصلاحات النقابات مع تحولات كبرى في سوق العمل المغربي، خصوصا في ظل تأثيرات العولمة وتطورات الاقتصاد الوطني. مما يعني أن النقابات مطالبة بالتحول من مجرد مدافع عن الحقوق إلى شريك فعال في صنع السياسات الاقتصادية والاجتماعية. ويعتبر التمثيل الفعلي للشغيلة في المفاوضات الاجتماعية والإصلاحات التي تمس العمالة والضمان الاجتماعي، أولوية في المرحلة المقبلة.

ومن المتوقع أن يُحدث المشروع تغييرات عميقة في مشهد العمل النقابي، سواء في طريقة التفاوض، أو في قدرة النقابات على الضغط السياسي والاجتماعي. ولكن، تبقى ملامح هذا التغيير رهينة التنفيذ السليم لهذا القانون، وتعاون النقابات مع الحكومة لضمان أن يبقى الهدف الأسمى هو حماية مصالح الشغيلة وضمان الحقوق النقابية دون المساس بها. وفي النهاية، يتوقف نجاح هذا المشروع على قدرة الحكومة والنقابات على إيجاد أرضية مشتركة تضمن تحقيق الإصلاحات المطلوبة، وفي الوقت ذاته الحفاظ على استقلالية العمل النقابي في المغرب.

الحكومة تحيل قانون إصلاح التعليم المدرسي على مجلس النواب

 

أحالت الحكومة مشروع قانون يتعلق بالتعليم المدرسي على مجلس النواب، من أجل الشروع في دراسته والتصويت عليه، خلال الدورة البرلمانية الحالية. ويتضمن المشروع مقتضيات تهم التوجهات والاختيارات الكبرى المؤسسة لمجال التعليم المدرسي ومكوناته، وتحديد دور مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في تحقيق أهداف المنظومة التربوية.

وأكد القانون أن التسجيل في التعليم المدرسي يعتبر إلزاميا لجميع الأطفال المغاربة إناثا وذكورا، البالغين من العمر أربع سنوات إلى تمام 18 سنة، بمن فيهم الموجودون في وضعية إعاقة أو في وضعية خاصة. وتلتزم الدولة والجماعات الترابية بتعبئة كل الوسائل اللازمة لتحقيق ذلك، سيما توفير مقعد بيداغوجي في أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي لمكان إقامة الطفل، وضمان مواصلة تمدرسه إلى نهاية سلك التعليم الإلزامي الذي يشمل التعليم الابتدائي والتعليم الإعدادي. وتعمل الدولة على تسجيل الأطفال المنقطعين عن الدراسة، أو غير المتمدرسين، والبالغين سن التمدرس المشار إليه سابقا، في التعليم المدرسي النظامي أو التكوين المهني، بعد استيفائهم الكفايات والمكتسبات اللازمة، أو عند الاقتضاء، بعد الاستفادة من التعليم المدرسي الاستدراكي.

كما يتعين على كل شخص ذاتي أو اعتباري مسؤول عن رعاية الطفل قانونا عند بلوغه سن التمدرس الإلزامي القيام بتسجيله بالتعليم المدرسي، والسهر على مواظبته في الحضور والالتزام بمسايرة دروسه وأنشطته التربوية داخل المؤسسة التعليمية المسجل بها. وفي حالة عدم تسجيل الطفل، تقوم الإدارة بذلك تلقائيا، مع اتخاذ كافة الإجراءات اللازمة لضمان التحاقه بمقاعد الدراسة والمواظبة على الحضور. وستحدد بنص تنظيمي شروط وكيفيات تسجيل الأطفال بالتعليم المدرسي الإلزامي ومراقبة مواظبتهم.

ويلزم مشروع القانون كل شخص ذاتي أو اعتباري، مسؤول عن رعاية طفل، أن يصرح به لدى أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي من مكان إقامته، داخل أجل ستة أشهر من تاريخ بلوغ الطفل سن الثانية من عمره، مع العمل على تجديد هذا التصريح كل سنة إلى غاية تسجيل الطفل بإحدى مؤسسات التعليم المدرسي. وفي حالة تغيير مكان إقامة الطفل المعني إلى منطقة أخرى، يجب على الأسرة أو الشخص المسؤول عن رعاية الطفل قانونا، أن يصرح به لدى أقرب مؤسسة للتعليم المدرسي من مكان إقامته مقابل وصل، وذلك داخل أجل أقصاه ستة أشهر من تاريخ انتقال الطفل إلى مكان إقامته الجديدة.

وعند الإخلال بالمقتضيات السابقة، من خلال عدم تسجيل الأطفال في التعليم المدرسي، أو عدم التصريح بهم، يعاقب الأشخاص المسؤولون قانونا عن رعايتهم ، بغرامة مالية تتراوح بين ألفي (2000) درهم وخمسة آلاف (5000) درهم، وفي حالـة العود يضاعف المبلغ الأدنى والمبلغ الأقصى للغرامة.

وطبقا لمشروع القانون، تعمل الدولة على صرف دعم مالي مباشر للأسر المعوزة من أجل تشجيعها ومساعدتها على ضمان تمدرس أطفالها بالتعليم المدرسي الإلزامي وحمايتهم من مخاطر الهدر المدرسي. ومن أجل تعزيز مجهودات الدولة في محاربة الهدر والانقطاع المدرسيين، تعمل السلطة الحكومية المكلفة بالتعليم المدرسي على إحداث نظام للرصد المبكر للمتعلمين الذين من المحتمل انقطاعهم عن الدراسة، أو الذين يعانون من مشاكل صحية أو نفسية تحول دون تعلمهم.

ويتضمن مشروع القانون مقتضيات تتعلق بمؤسسات التعليم الخاص، ويؤكد المشروع على مساهمة مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، في تفاعل وتكامل مع مؤسسات التعليم المدرسي العمومي، في تحقيق أهداف التعليم المدرسي المنصوص عليها في هذا القانون، وكذا في تطويره والرفع من مردوديته وتحسين جودته وتنويع العرض التربوي والتعليمي، كما تساهم مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي في تعميم التعليم الإلزامي، سيما في الوسط القروي وشبه الحضري والمناطق ذات الخصاص.

ويمكن لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي تقديم تعليم أجنبي بالمغرب، شريطة الحصول على ترخيص في هذا الشأن، طبقا للشروط والكيفيات المحددة في دفتر للتحملات الذي يصادق عليه بنص تنظيمي. ويتعين على هذه المؤسسات احترام الثوابت الدستورية للبلاد، وتلقين الأطفال المغاربة الذي يتابعون تعليمهم بها، البرامج التي تعرفهم بهويتهم الوطنية، وتقديم برامج للدعم التربوي ومنح دراسية لفائدة أبناء الأسر المعوزة، تخضع هذه المؤسسات للمراقبة التربوية والإدارية والصحية، التي تقوم بها الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين.

ويلزم القانون على كل مؤسسة للتعليم المدرسي الخصوصي الإعلان عن لائحة رسوم وواجبات الخدمات المقدمة لفائدة المتعلمين، سيما خلال فترة التسجيل وإعادة التسجيل، ونشرها بصفة دائمة وتعليقها بالأماكن المخصصة لذلك داخل المؤسسة، وعند الاقتضاء بكل الوسائل المتاحة للنشر. ويجب أن تتضمن هذه اللائحة رسوم التسجيل السنوية، ورسوم التأمين السنوية، وواجبات التمدرس، التي تشمل كل الأنشطة التربوية الصفية واللاصفية، وواجب خدمات الإطعام والإيواء والنقل المدرس ي عند توفرها، ولا يجوز بأي حال من الأحوال الرفع من قيمة الرسوم وواجبات الخدمات خلال السنة الدراسية الجارية، مع ضرورة القيام بالإخبار المسبق للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين المعنية وأولياء أمور التلميذات والتلاميذ بأي رفع محتمل في قيمة الرسوم والواجبات المذكورة.

كما يلزم القانون مؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي بإبرام عقد مكتوب مع المسؤولين قانونا عن المتعلمين، وتسليمهم نسخة منه، مع ضرورة الاحتفاظ بالعقد في ملف المتعلم الذي تضعه المؤسسات المذكورة رهن إشارة الإدارة عند كل مراقبة بيداغوجية أو إدارية أو تقويم مؤسساتي للخدمات التي تقدمها المؤسسة، كما تلتزم مؤسسات التعليم المدرس ي الخصوص ي بضمان حق التمدرس بشكل منتظم للمسجلين بها، ويمنع عليها رفض تسجيل أو إعادة تسجيل أو طرد أي متعلم يتابع دراسته بالمؤسسة إذا ما استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة.

وحسب المشروع، لا يجوز لمؤسسات التعليم المدرسي الخصوصي، بأي حال من الأحوال، إلزام أولياء أمور المتعلمين الذين يتابعون دراستهم بها، باقتناء الكتب المدرسية ومختلف المعينات التربوية واللوازم المدرسية منها برسم كل سنة دراسية، ويعاقـب بغـرامـة من 60 ألف درهم إلى 80 ألف درهم كل من ألزام أولياء المتعلمين باقتناء الكتب المدرسية ومختلف المعينات التربوية واللوازم المدرسية من المؤسسة التي يتابع بها المتعلم دراسته.

 

 

دعم الأبقار والأغنام يخلق الجدل في افتتاح الدورة البرلمانية

 

أثار الدعم الذي خصصته الحكومة، لاستيراد الأغنام والأبقار خلال سنتي 2023 و2024، جدلا كبيرا في أوساط الرأي العام، بسبب تضارب الأرقام المعلنة من طرف قادة أحزاب سياسية في الأغلبية والمعارضة. وتحول الدعم إلى موضوع للمزايدات السياسية، حيث سيكون مطروحا ضمن أجندة الدورة البرلمانية الربيعية، بعدما طالبت فرق المعارضة بتشكيل لجنة برلمانية لتقصي الحقائق حول كلفة الدعم والمستفيدين منه، فيما طالبت فرق الأغلبية بتشكيل لجنة استطلاعية فقط.

ويبدو أن المهمة ستكون صعبة أمام فرق المعارضة المشكلة من التقدم والاشتراكية والاتحاد الاشتراكي والحركة الشعبية والعدالة والتنمية، للحصول على النصاب القانوني لتشكيل لجنة تقصي الحقائق، التي تتطلب جمع 132 توقيعا للنواب البرلمانيين على الأقل، فيما لا تتوفر فرق المعارضة على هذا العدد من البرلمانيين. وحسب أحكام الفصل 67 من الدستور، يجوز أن تشكل، بمبادرة من الملك أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب، لجان نيابية مؤقتة لتقصي الحقائق يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة أو بتدبير المصالح أو المؤسسات والمقاولات العمومية، وإطلاع المجلس على نتائج أعمالها، وذلك وفق الشروط المفصلة في القانون التنظيمي رقم 085.13 المتعلق بطريقة تسيير اللجان النيابية لتقصي الحقائق.

وتتألف لجان تقصي الحقائق من ممثل عن كل فريق ومجموعة نيابية، وتكون لجان تقصي الحقائق مؤقتة بطبيعتها، وتنتهي مهمتها بإيداع تقريرها لدى مكتب المجلس، وعند الاقتضاء، بإحالته على القضاء من قبل رئيس مجلس النواب.

ومن جهتها، وجهت فرق الأغلبية بمجلس النواب، المشكلة من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الدستوري، مراسلة إلى رئيس لجنة القطاعات الإنتاجية، تطالب من خلالها بتشكيل لجنة برلمانية استطلاعية للوقوف على البرامج والإجراءات المتخذة لدعم استيراد الأبقار والأغنام واللحوم. وأوضحت فرق الأغلبية في المراسلة أن الطلب يأتي من أجل حماية القدرة الشرائية للمواطنين والوقوف على مدى تحقيق برنامج الدعم للغايات المحددة له.

ويحدد النظام الداخلي لمجلس النواب، في الفرع الرابع منه، الدور الاستطلاعي للجان الدائمة، حيث يشير، في المادة 107 من نظامه الداخلي، إلى أنه يجوز للجن الدائمة أن تكلف، بناء على طلب من رئيسها بعد موافقة مكتب اللجنة أو رئيس فريق أو رئيس مجموعة نيابية أو ثلث أعضاء اللجنة، عضوين أو أكثر من أعضائها، بمهمة استطلاعية مؤقتة حول شروط وظروف تطبيق نص تشريعي معين، أو موضوع يهم المجتمع، أو يتعلق بنشاط من أنشطة الحكومة والإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية باتفاق مع مكتب مجلس النواب.

ويجب أن يكون موضوع الاستطلاع مندرجا ضمن القطاعات والمجالات والمؤسسات التي تدخل في اختصاصات اللجنة المعنية. ويضع مكتب المجلس لائحة داخلية تنظم أشغال المهام الاستطلاعية، كما يوجه رئيس اللجنة المعنية كتابا بطلب الإذن لرئيس المجلس مرفوقا بتكليف بالمهمة موضوع الاستطلاع واستبانة الحاجة إليه وحدوده والغاية منه وكذلك مجموع الأسئلة والإشكالات التي يروم الإجابة عنها ومكان وزمان القيام بها مع توصيف الخبرات والوسائل المادية الضرورية لإجراء المهمة.

في السياق ذاته، تشير المادة 108 من النظام الداخلي لمجلس النواب إلى أن  مكتب اللجنة الدائمة يحدد عدد النائبات والنواب الذين يكلفهم بالمهمة الاستطلاعية، على أن لا يتجاوز عدد المكلفين بالمهمة ثلاثة عشر (13) عضوا وأن لا يقل عن عضوين (02) اثنين، ناصا على أنه يجوز للفرق والمجموعات النيابية أن تنتدب عنها ممثلا أو ممثلين من خارج اللجنة التي شكلت المهمة الاستطلاعية، موجبا أن تراعى في تعيين أعضاء المهمة الاستطلاعية الخبرة والتخصص، وأن يعين أعضاء المهمة الاستطلاعية رئيسا ومقررا أحدهما من المعارضة مع مراعاة قاعدة التمثيل النسبي، كما يعينون نائبا لكل من الرئيس والمقرر، وتعطى الأسبقية في اختيار الرئيس والمقرر لطالب المهمة مع مراعاة مبدأ التناوب.

ويلتزم أعضاء المهمة الاستطلاعية في إنجاز العمل المنوط بهم بالضوابط والشروط المحددة في التكليف بالمهمة المرفوع إلى مكتب مجلس النواب، كما يعد أعضاء المهمة تقريرا عن المهمة الاستطلاعية التي قاموا بها ويحيلونه على مكتب اللجنة. فيما تشير المادة 109 من القانون نفسه إلى أنه تتم دراسة تقارير المهام الاستطلاعية المؤقتة وفق المسطرة، حيث يحال تقرير المهمة الاستطلاعية على مكتب المجلس بالموازاة مع إحالته على اللجنة المعنية، داخل أجل لا يتعدى ستين يوما ابتداء من أول إجراء. ويقدم المقرر التقرير أمام أعضاء اللجنة لمناقشته، ثم تستدعى الحكومة لحضور المناقشة والمشاركة فيها. ويوجب القانون نفسه أن تتولى اللجنة الدائمة إعداد ملخص حول المناقشة العامة لتقرير المهمة الاستطلاعية، ويحال ملخص المناقشة رفقة تقرير المهمة الاستطلاعية على المكتب الذي يقوم بدراسته لاتخاذ قرار رفعه إلى الجلسة العامة من عدمه؛ وفي حالة رفع الملخص رفقة التقرير إلى الجلسة العامة لمناقشتهما، يمكن للحكومة حضور الجلسة للإجابة عن التساؤلات والاستفسارات المرتبطة بمضمونهما.

وكانت وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات أفادت بأن تكلفة عملية الدعم التي وجهتها الحكومة لتشجيع الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024 بلغت ما مجموعه 437 مليون درهم.

وأوضحت الوزارة، في بلاغ حول «عملية دعم الاستيراد الاستثنائي للأغنام الموجهة لعيد الأضحى برسم سنتي 2023 و2024»، أن 193 مليون درهم تم توجيهها لهذه العملية برسم سنة 2023، و244 مليون درهم برسم سنة 2024، حيث تم استيراد ما يناهز 875 ألف رأس من الأغنام، منها 386 ألف رأس خلال سنة 2023 و489 ألف رأس خلال سنة 2024.

وأشار البلاغ إلى أنه جرى فتح المجال أمام جميع المستوردين الذين تتوفر فيهم الشروط المنصوص عليها في القرار الوزاري المشترك بين وزارة المالية ووزارة الفلاحة، موضحا أن عدد المستوردين الذين تمكنوا من الانخراط في مسطرة الاستيراد هو 156 مستوردا (61 مستوردا سنة 2023، و95 مستوردا سنة 2024). وذكرت الوزارة أن «عملية استيراد الماشية لا تزال مفتوحة، مع استمرار العمل بتعليق الرسوم الجمركية والضريبة على القيمة المضافة».

وأكدت الوزارة أن هذه الإجراءات كان لها أثر ملموس على توفير وتعزيز العرض من الأغنام خلال عيد الأضحى لسنتي 2023 و2024، علاوة على المساهمة في الحفاظ على القطيع الوطني، مبرزة أنها مكنت كذلك من ضمان تموين الأسواق باللحوم الحمراء والمحافظة على استقرار الأسعار وعدم ارتفاعها إلى مستويات قياسية.

إصلاح أنظمة التقاعد ضمن جدول أعمال الدورة البرلمانية الربيعية

 

سيكون مشروع إصلاح أنظمة التقاعد مطروحا على جدول أعمال الحوار الاجتماعي الذي سينطلق في الأيام المقبلة، وسيجمع بين الحكومة والمركزيات النقابية والاتحاد العام لمقاولات المغرب، وأكدت المصادر أن وصفة إنقاذ أنظمة التقاعد من الإفلاس أصبحت جاهزة، وتنتظر فقط عرضها على الفرقاء الاجتماعيين في إطار الحوار الاجتماعي، قبل بلورتها في مشروع قانون سيعرض على البرلمان للمصادقة عليه في الدورة الربيعية التي انطلقت يوم الجمعة الماضي.

وأفادت المصادر بأن الحكومة تقترح معالجة مشكل العجز ونفاد الاحتياطات المالية بالنسبة للصندوق المغربي للتقاعد الذي دخل في عجز تقني سيؤدي إلى نفاد الاحتياطات في سنة 2028، من خلال الرفع من سن الإحالة على التقاعد والزيادة في الاقتطاعات وتخفيض المعاشات، وذلك بهدف ضمان موارد مالية إضافية للصندوق.

وخلال مثولها أمام جلسة مشتركة بين مجلسي النواب والمستشارين، دقت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، ناقوس الخطر، وحذرت من مخاطر إفلاس الصندوق المغربي للتقاعد الذي بدأ في تسجيل عجز تقني في رصيدها المالي، بلغ 9.8 مليارات درهم عند نهاية سنة 2023، مما أدى إلى تراجع الأرصدة الاحتياطية للصندوق إلى 65.8 مليار درهم في متم نفس السنة، ومن المتوقع أن تستنفذ هذه الأرصدة بحلول سنة 2028، ودعت الحكومة إلى إصلاح مستعجل لأنظمة التقاعد.

وكانت وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، قد أعلنت بمجلس النواب، أن الحكومة ستقدم عرضا أوليا حول إصلاح أنظمة التقاعد في شهر يناير الماضي، وأوضحت الوزيرة، في معرض جوابها عن سؤال خلال جلسة الأسئلة الشفوية يتعلق ب “إصلاح أنظمة التقاعد” أن هذا الإصلاح يرتكز على الأسس التي تم الاتفاق عليها في إطار الحوار الاجتماعي والمتمثلة أساسا في إحداث قطبين عام وخاص، وتحديد آليات الانتقال إلى منظومة جديدة مع الحفاظ على الحقوق والمكتسبات، بالإضافة إلى تحسين الحكامة، وأكدت نادية فتاح التزام الحكومة بمعالجة هذا الملف الذي وصفته ب”الصعب”، وذلك بتعاون مع جميع الأطراف المعنية.

وسارع رئيس الحكومة، عزيز أخنوش، إلى الإعلان تحت قبة البرلمان، عن شروع حكومته في إعداد تصور للإصلاح، من خلال إيجاد حلول واقعية ومستدامة، وأكد أخنوش أن الحكومة لن تقبل على نفسها، مهما بلغت الكلفة السياسية، أن تعمل على توريث هذا الملف مع تعميق أزمته، وتم تشكيل لجنة تقنية مكلفة بملف إصلاح أنظمة التقاعد، عقدت عدة اجتماعات، أسفرت عن وضع السيناريوهات الممكنة لإنقاذ صناديق التقاعد، وكذا وضع المبادئ الأساسية الموجهة لهذا الإصلاح، وذلك بعد إدخال إصلاحات مقياسية تدريجية ذات طابع استعجالي، وسيتم تنزيل المرحلة الثانية من الإصلاح على المدى المتوسط، وتروم إرساء منظومة تقاعد ثنائي القطب (عمومي وخصوصي) في أفق اعتماد نظام أساسي موحد على المدى البعيد.

وأصبح الإصلاح الاستعجالي لأنظمة التقاعد يفرض نفسه على الحكومة، بعدما فشلت الإصلاحات التي أطلقتها الحكومات السابقة في الحفاظ على التوازنات المالية لصناديق التقاعد، التي أصبحت مهددة بالإفلاس مع حلول سنة 2028، وشرعت لجنة إصلاح أنظمة التقاعد، في عقد اجتماعات من أجل التوصل إلى السيناريوهات المقترحة لتجاوز أزمة صناديق التقاعد، لبلورة مشروع قانون سيحال على المؤسسة البرلمانية للمصادقة عليه، وخلصت إلى ضرورة ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل، والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة، وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد.

وترأست نادية فتاح، وزيرة الاقتصاد والمالية، بمقر وزارة الاقتصاد والمالية، عدة اجتماعات للجنة إصلاح أنظمة التقاعد التي تندرج في إطار تنفيذ مخرجات الاتفاق الاجتماعي والميثاق الوطني للحوار الاجتماعي الموقعين في 30 أبريل من السنة الماضية، ما بين الحكومة والمركزيات النقابية والمنظمات والجمعيات المهنية للمشغلين.

وتقترح الحكومة وصفة الحكومة لإصلاح أنظمة التقاعد، بناء على الدراسة المنجزة من طرف أحد مكاتب الدراسات، خلصت إلى ضرورة ضمان ديمومة المنظومة على المدى الطويل، والحد من تأثير الإصلاح على ميزانية الدولة، وتعبيد الطريق للمرور نحو نظام أساسي موحد، ومن أجل التوفيق بين كل هذه الأهداف، المتناقضة أحيانا، تقترح الحكومة اعتماد سقف موحد للنظام الأساسي يساوي مرتين الحد الأدنى للأجور بكل من القطب العمومي والقطب الخاص وذلك لتسهيل المرور مستقبلا نحو نظام أساسي موحد، كما تقترح تقليص نسب الاستبدال لأصحاب الأجور المرتفعة في القطاع العمومي، وتجميد الحقوق المكتسبة في الأنظمة الحالية وعدم إعادة تقييم المعاشات على مدى 10 سنوات القادمة، مع رفع سن التقاعد إلى 65 سنة بما في ذلك القطاع الخاص، ورفع نسب الاشتراكات بما في ذلك القطاع الخاص.

وقدمت الوزيرة أمام أعضاء اللجنة، تشخيصا وتحليلا للوضعية الراهنة، وذلك بعد تنزيل الإصلاح المقياسي لسنة 2016، حيث سيستنفذ نظام المعاشات المدنية لاحتياطياته (68 مليار درهم) بحلول سنة 2028. وللوفاء بالتزاماته بعد ذلك، سيحتاج الصندوق المغربي للتقاعد ما يناهز 14 مليار درهم سنويا لتمويل عجز النظام، وأكدت الوزيرة أن هذا النظام يعد حاليا متوازنا بالنسبة للحقوق المكتسبة بعد إصلاح 2016، بحيث أن الدين الضمني الحالي يهم بالخصوص الحقوق المكتسبة في الماضي، ويعرف النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد عجزا تقنيا مهما بلغ 3,3 مليار درهم سنة 2021، و بفضل المستوى المهم لاحتياطياته (135 مليار درهم)، تمكن العوائد المالية للنظام من تغطية هذا العجز التقني.

عتيق السعيد *أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش- محلل سياسي

ثلاثة أسئلة لعتيق السعيد*

«المرحلة المقبلة تستلزم الارتقاء بالأداء البرلماني واستكمال الإنتاج التشريعي»

 

 

 

  1. ما هي قراءتكم لأهمية ودلالات افتتاح مؤسسة البرلمان لدورتها، بالنظر إلى ما تبقى من الولاية؟

افتتاح الدورة التشريعية يعد حدثا هاما في مسار العمل البرلماني بشكل عام وللإنتاج التشريعي وممارسة الاختصاصات الدستورية والوظائف المؤسساتية للبرلمان، كما أن هاته الدورة تأتي في سياق زمني خاص يتطلب استكمال تفعيل سلسلة من الأوراش الإصلاحية المهيكلة والبرامج التنموية المتعددة التي يشهدها المغرب بقيادة جلالة الملك محمد السادس، تنفيذا للتوجيهات الملكية السامية الرامية إلى ضمان تنفيذ كلي شامل وسليم لمختلف المشاريع الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية والاستثمارية، التي أطلقها جلالته برؤية متبصرة نحو تحقيق الرقي الحثيث بمسارات التنمية البشرية وترسيخها في مختلف أبعادها المستدامة، تحقيقا للمزيد من التقدم والازدهار.

بفضل جهود جلالة الملك، تمكنت بلادنا من الوصول في مسارها التنموي إلى درجة كبيرة من التقدم والتحديث المستمر، تستلزم الارتقاء بالعمل البرلماني وتطويره، بما يساهم في فتح آفاق أوسع من الإصلاحات والمشاريع الكبرى، وبالتالي يتحتم على الجميع أغلبية ومعارضة التعامل بمسؤولية لنجاح ما تبقى من الولاية التشريعية، والتحلي بروح الالتزام المسؤول وبخصال الصدق والتفاني في العمل البرلماني والتجاوب التلقائي مع الاحتياجات الداخلية من جهة، ومن جهة ثانية تعزيز الموقع الخارجي للمغرب والدفاع عن مصالحه العليا، سيما في ظرفية عالمية مشحونة بالعديد من الأزمات والتقلبات الاقتصادية.

إن الدخول البرلماني، أمام سياق زمني محاط بالكثير من التحديات الداخلية تستدعي استكمال القيام بأدوارها ليس فقط في جوانبها التشريعية والرقابية أو الدبلوماسية، وإنما أن تعكس مخرجاتها في المقام الأول القيمة الحقيقية للديمقراطية التمثيلية التي تمثلها لدى جميع مكونات الأمة، وبالتالي الحرص على ضمان موقع المؤسسة البرلمانية كفاعل أساسي في عملية الإصلاح والتطور في مختلف المجالات، سواء من خلال تجويد وتسريع الإنتاج التشريعي للقوانين، أو من خلال مراقبة العمل الحكومي وتقييم السياسات العمومية، وهي كلها آليات تتطلب بالخصوص الحرص على الجدية والتفاني في العمل خدمة لقضايا المجتمع.

 

  1. ما هي في نظركم الملفات المطروحة أمام البرلمان في سياق المرحلة المقبلة؟

ملفات اجتماعية كثيرة تنتظر من المؤسسة البرلمانية استكمالها، وفي مقدمتها إعداد واستكمال حزمة من القوانين ذات الارتباط بالمادة الجنائية وقانون المسطرة الجنائية، أو التي تهم مختلف باقي الجوانب الاجتماعية كقوانين التغطية الاجتماعية وقانون الأسرة، بالإضافة إلى إتمام إصلاح نظام التقاعد، استكمالا للحوار الاجتماعي، أيضا المؤسسة التشريعية أمام ضرورة مواكبة المتغيرات المناخية في إطار التحيين المستمر للقوانين ولآليات السياسة الوطنية للماء التي باتت في ظل الوضعية الحالية ملزمة بتحديد أهداف استراتيجية محددة في مختلف المناطق والظروف والأحوال.

وتشهد بلادنا بفضل الرؤية المبتكرة، التي يقودها جلالة الملك في المجال الاجتماعي، ورش تعميم الحماية الاجتماعية، وهو ورش يعد ثورة اجتماعية حقيقية تؤسس لجيل جديد من التعاقد الاجتماعي، كما يجسد مبدأ التحصين الاجتماعي العام ضمانا لحياة آمنة وكريمة قادرة على تجاوز أعباء متغيرات الحياة، وبالتالي الفاعل السياسي منخرط في استكمال تنفيذ هذا الصرح الاجتماعي إن على مستوى التشريع، أو على مستوى تتبع ومواكبة مراحله؛ تنزيلا وتدبيرا ميدانيا سليما كما أراده جلالته، الحرص على تحقيق أهدافه التي تخول له الترقي في قائمة أكثر الأنظمة الفعالة والملامسة بشكل مباشر للأوضاع الاجتماعية أفقيا وعموديا، بما يتيح تحسين مؤشرات التنمية الاجتماعية والبشرية.

الأداء الدبلوماسي حقق توسعا في مجال الدبلوماسية البرلمانية بما يخدم الدفاع عن القضية الوطنية، تفعيلا للتوجيهات الملكية السامية التي أكد من خلالها جلالته على المزيد من التعبئة واليقظة لمواصلة تعزيز موقف بلادنا والتعريف بعدالة قضيتنا والتصدي لمناورات الخصوم، وبالرغم من هذا التقدم ما زالت مطالبة بالتوسع أكثر وتنسيق التعاون المشترك وتقريب المواقف وتعزيز مكانة البلاد كشريك عالمي، ومركز اقتصادي جاذب ومؤثر، وبالتالي لا بد وأن تسعى المؤسسة البرلمانية إلى تطوير كل السبل المتاحة لتوطيد العلاقات الخارجية للدولة وتقريب المواقف، من خلال الانفتاح على مختلف البرلمانات الدولية والإقليمية، بما يخدم المصالح الوطنية والتعريف أكثر وأكثر بعدالة القضية الوطنية وبشرعيتها القانونية والتاريخية.

 

  1. يتسم العمل السياسي في الآونة الأخيرة بالصراعات السياسوية وبعض المظاهر الأخرى، كيف يمكن الخروج من هذا الوضع وتجاوزه؟

المؤسسة البرلمانية مدعوة بكل مسؤولية إلى القيام بإتمام التشريع، خصوصا ونحن أمام جيل جديد من الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والبيئية التي ستنخرط فيها البلاد في الفترة المقبلة، ولن يستقيم هذا التوجه دون تجاوز الصراعات والمناكفات والتجاذبات السياسية، بالإضافة إلى الالتزام الجاد والمسؤول بموقع كل فاعل سياسي داخل المؤسسة. كما أن المعارضة لها دور محوري في التدبير السياسي، سواء تعلق بالمبادرة والاقتراح أو في أدوارها التقويمية للأداء الحكومي، وبالتالي هي مطالبة كذلك بتجويد ومضاعفة جهودها في تجويد الإنتاج التشريعي، وتفعيل التزامها بإقرار مكانتها داخل البرلمان على أساس إعلاء مصلحة الوطن والمواطنات والمواطنين فوق كل اعتبار، وبالتالي اليوم يطلب المساهمة الجادة في إنجاح ما تبقى من المرحلة التشريعية.

إن اعتماد الجدية التي دعا إليها جلالته كافة الفاعلين للعمل بها كمنهج فعال وناجع لجميع آليات تدبير الشأن العام، باعتبارها الإطار المرجعي المحفز والضامن تحقيق مزيد من المنجزات وتحصين المكتسبات، يحتم على الفاعل السياسي العمل على تجويد الأداء البرلماني، بما يضمن استكمال المشاريع والمبادرات خدمة لقضايا تشكل أولوية في هاته المرحلة، تستلزم ارتقاء الأداء البرلماني واستكمال الإنتاج التشريعي، بما يساهم في فتح آفاق أوسع من فعلية تنفيذ الإصلاحات والمشاريع الكبرى.

إن تجسيد مبادئ الجدية التي دعا إليها جلالته يتجلى فعليا وعمليا في التفعيل الصارم والجاد للنظام الداخلي لمجلس النواب، من خلال قواعد السلوك والأخلاقيات البرلمانية، الذي ينص في المادة 238 على أنه يتوجب على النائبات والنواب التقيد بالأحكام والمقتضيات المنصوص عليها في الدستور والنظام الداخلي، ومن ضمنها المتعلقة بالحضور في جميع أعمال اللجان والجلسات العامة وأنشطة المجلس المختلفة، كما هو منصوص عليه في المادتين 68 و98 من النظام الداخلي

المؤسسة البرلمانية تشكل أسرة واحدة متكاملة، رغم اختلاف الانتماءات الحزبية، فالمصلحة الوطنية واحدة، والتحديات واحدة، ويبقى الأهم تقديم حصيلة عمل برلماني جماعي يرقى إلى طموحات وآمال المواطن، فالمغرب في سياق هاته المرحلة يحتاج، اليوم، وأكثر من أي وقت مضى، إلى تكثيف الجهود وإعطاء المثل الحسن لسير المؤسسة البرلمانية التي تحتضن وطنيين دافعهم الغيرة على مصالح الوطن والمواطنين، وهمهم الصادق تحمل المسؤولية بكل التزام ونكران ذات.

 

* أستاذ القانون العام والعلوم السياسية بجامعة القاضي عياض مراكش، والمحلل السياسي

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى