
النعمان اليعلاوي
تعيش المجزرة الجهوية ببوقنادل، منذ أيام، حالة من الفوضى والازدحام غير المسبوقين، في مشهد يتناقض بشكل صارخ مع القرار الملكي القاضي بإلغاء شعيرة الذبح لهذه السنة، والذي كان الهدف منه احتواء أزمة القطيع الوطني الناتجة عن سنوات الجفاف والمضاربات في السوق.
وأضحت مجزرة بوقنادل، التي تُدار تحت إشراف مدير تابع للمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية (أونسا)، المرفق الوحيد المخصص للذبح على صعيد جهة الرباط، بعد إغلاق باقي المجازر الإقليمية والمحلية. وعرفت المجزرة توافد أعداد كبيرة من الجزارين القادمين من مختلف أحياء الرباط وسلا وتمارة، بل وحتى من مدن أخرى مثل الدار البيضاء، في مشهد وصفه مهنيون بالفوضوي والخارج عن السيطرة.
من جانبها قررت إدارة المجزرة فرض سقف يومي لا يتجاوز 1000 رأس من الأغنام، بينما كانت تسجل، خلال الفترة نفسها من كل عام، معدلات تفوق 1600 رأس يوميًا. وتسبب هذا القرار، الذي اعتبره المهنيون «غير مبرر»، في طوابير طويلة من الشاحنات المحملة بالخرفان، إذ تجاوز عددها، صباح الثلاثاء، 1100 شاحنة، ما أدى إلى اختناق مروري حاد وشلل شبه كامل في محيط المرفق، وسط أجواء مشحونة تنذر بانفلات أمني محتمل.
وتحولت مجزرة بوقنادل إلى قبلة للجزارين الذين وجدوا في هذا الوضع فرصة سانحة لمراكمة الأرباح من خلال اقتناء قطعان كاملة، وذبحها داخل المجزرة، ثم إعادة بيع لحومها مباشرة للمواطنين خلال أيام العيد، فيما كشف عدد من المهنيين عن وجود ثغرات كبيرة في تنفيذ القرار الملكي، حيث لم تُواكبه إجراءات صارمة تضمن الانضباط أو توفر بدائل عملية للحد من الطلب المتزايد على الذبح التجاري.
وفي سياق متصل، عبّر عدد من الجزارين عن استيائهم مما وصفوه بـ«تمييز ومحسوبية» في تدبير عملية ولوج المرفق. وأكد بعضهم أن مهنيين من خارج الجهة، خصوصًا من مدينة الدار البيضاء، تمكنوا من ولوج المجزرة دون احترام نظام الدور، في حين تم منع آخرين من أبناء المنطقة دون تقديم أي توضيحات من طرف الإدارة.
وطالب المتضررون بفتح تحقيق عاجل في طريقة تدبير الحصص اليومية، وتحديد المسؤوليات الإدارية والأمنية، محذرين من تفاقم الأوضاع في حال استمر هذا التسيب خلال الأيام المقبلة، في الوقت التي تسببت الفوضى التي تشهدها المجازر الجهوية في الرفع من أسعار اللحوم الحمراء على مستوى الرباط وسلا وتمارة، حيث بلغ سعر الكيلوغرام الواحد من لحم الخروف إلى حوالي 150 درهما بينما بلغ سعر الكيلو الواحد من لحم البقر إلى 130 درهما، وسط إقبال متزايد من المستهلكين.