شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

شراع دونالد ترامب

 

عبد المنعم سعيد

 

 

كثرة من عناوين الصحف الأمريكية عن الحالة الانتخابية الرئاسية بالولايات المتحدة مشتقة من أن الرياح تملأ أشرعة سفينة الرئيس السابق دونالد ترامب؛ وهو ما يعني أنه في طريقه لأن يكون الرئيس القادم للدولة العظمى. طبيعي في مثل هذه الحالة أن استطلاعات الرأي العام الجارية جميعها تمنح ترامب 48٪ وبايدن 43٪؛ وهو فارق ليس كبيرًا، ولكن إذا أُضيف إلى أمور أخرى فإن النبأ يصبح أكثر مصداقية. وأولها أن ترامب تخلص كثيرًا من ذنوبه عندما قامت المحكمة الدستورية العليا بالحكم في قضية بأغلبية 6 لـ3 بإلغاء أحكام المحاكم الدستورية بولايات أمريكية تقع في مقدمتها كولورادو برفع اسمه من قائمة الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري استنادًا للمادة 14 من الدستور، والتي تقضي بمنع الذين شاركوا في الحرب الأهلية الأمريكية (1860- 1865) من الجنوبيين الكونفيدراليين من تولي الوظائف العامة مرة أخرى.

المحكمة قضت بأنه طالما لم يشارك ترامب شخصيًّا في عصيان 6 يناير 2020 والهجوم على مبنى الكونغرس، فإنه لم يكن من العاصين. التحريض هنا يدخل في مجال آخر للرأي وليس العصيان وحمل السلاح.

هذا الحكم لم يفتح فقط مجال مشروعية ترامب للانتخابات التمهيدية للحزب، ولكنه جعل قضية أخرى معروضة على المحكمة الدستورية العليا تتعلق بدفع ترامب أن شخص رئيس الدولة محصن ضد الإدانة بحكم الفصل بين السلطات. وهو أمر لا تحكم فيه المحكمة وإنما الكونغرس بمجلسيه بأغلبية الثلثين، وهو أمر إذا حدث فتستحيل معه إدانة ترامب. هكذا، فإنه قد تم حسم أعقد قضايا الصراع السياسي/ القانوني؛ وما بعد ذلك من قضايا تتعلق بالضرائب والنصب والاعتداءات الجنسية تدور بالمحاكم الأمريكية، والتي من المرجح أنها سوف تتأجل كثيرًا إلى ما بعد الانتخابات في نونبر المقبل.

إفلات ترامب حتى الآن من الفخاخ القانونية يسانده وضع هيكلي يعمل لصالح ترامب وضد بايدن، لأن هذا الأخير عليه أن يتعامل مع أوضاع اقتصادية صعبة ومعقدة من ناحية وأوضاع دولية دقيقة يتعامل فيها الرئيس مع أزمتين دوليتين واحدة بأوكرانيا والأخرى بغزة؛ وفي كلتيهما فإن الأخطاء واردة، وفضلًا عنها، فإن الشعب الأمريكي لا يريد أعباء إضافية تقع في بلدان بعيدة.

ورغم أن الثابت هو أن الاقتصاد الأمريكي تحسن كثيرًا تحت قيادة بايدن، وتشهد الأرقام على زيادة بمعدل نمو الاقتصاد وتحسن ملموس في البنية الأساسية؛ ولكن الشعب الأمريكي يتساءل: ما الذي دخل جيبي من كل ذلك؟ الرئيس بالسلطة يتحمل مسؤوليات قرارات عديدة؛ أما الرئيس السابق خارج السلطة فبإمكانه التفرغ للانتقاص من جدارة كل القرارات الرئاسية.

ترامب يخوض الانتخابات التمهيدية حرًّا تمامًا من كل قيد، فقد قاطع المناظرات مع المرشحين الآخرين، وبينما كان ذلك تاريخيًّا كفيلًا بالإطاحة بالمرشح الذي يقاطع؛ فإن ما حدث هو أنه تمت الإطاحة بجميع المرشحين الآخرين، الذين خرجوا من السباق وتعهدوا بتأييد ترامب. فقط «نيكي هيلي»، المندوب الأمريكي السابق بالأمم المتحدة إبان الفترة الرئاسية لترامب، لا تزال تتعثر في الانتخابات التمهيدية بفارق مهول بينها وبين ترامب.

ترامب فعل كل شيء كان يمكنه الإطاحة بأي مرشح أمريكي من السباق الرئاسي، فهو لا يقدم قائمة بالضرائب، وعليه أحكام قضائية في أمور نسائية وغيرها تخص التمييز العنصري وجامعة ترامب الفاشلة وصفقات اقتصادية أخرى؛ إلا أن كل ذلك كان يدعم حجم التأييد الذي يحصل عليه. وبينما فشل بايدن حتى الآن في تصوير ترامب باعتباره مجرمًا وفاشلًا وخارجًا عن التوافق الأمريكي العام فضلًا عن القانون، ومعاديًا لحلفاء أمريكا التقليديين بأوروبا وآسيا؛ فإن ترامب وحتى الآن نجح في تصوير بايدن في صورة الرجل العجوز الذي بلغ به الخرف مداه.

ما أعانه على تكوين هذه الصورة أن بايدن بالفعل كثيرًا ما ارتكب أخطاء في أحاديثه تخلط بين الشخصيات العامة داخل وخارج أمريكا؛ فيما عندما وقع ترامب في نفس الأخطاء وجعل اسم زوجته «ميلانيا» «مرسيدس» فإنه لم يُصَب بأذى يُذكر.

ما حدث هو محاولة بايدن وأنصاره تصوير ترامب باعتباره أيضًا كبيرًا في السن، وأن 77 عامًا من عمره لا تجعله أكثر شبابًا من رئيس في عامه الواحد والثمانين.

 

نافذة

ترامب فعل كل شيء يمكنه الإطاحة بأي مرشح أمريكي من السباق الرئاسي إلا أن كل ذلك كان يدعم حجم التأييد الذي يحصل عليه.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى