شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

ضربو تران..

يونس جنوحي

مقالات ذات صلة

 

بعض المارة عليهم أن يفكروا جديا في تجديد بطاقة التعريف، لدى مصالح “الوكالة الوطنية للسلامة الطرقية”، وليس مصالح الأمن الوطني. وهكذا، بدل أن يستصدروا بطاقة تعريف وطنية، سيحصلون على بطاقة رمادية تُناسب وضعهم الجديد، بما أنهم يسيرون في المجال المخصص للسيارات.

لا توجد مدينة واحدة في المغرب يقطع فيها الناس الطريق في المكان المخصص للراجلين. بل إن بعض “الخبراء” يشقّون طريقهم عبر مدارات الطرق وكل الأماكن الخطيرة التي قد تخطر على البال، والويل لمن يفكر في الاحتجاج ضدهم أو توجيه النصح لهم.

حوادث سير تُرتكب يوميا بسبب إصرار بعض الراجلين على قطع الطريق في قلب نقط التقاء القناطر أو الممرات الأرضية مع الطريق الرئيسية. حتى أن بعض السائقين اليوم أصبحوا في حالة سراح مؤقت لكثرة احتمال ارتكاب حوادث سير، في بعض النقاط السوداء التي لا يُحترم فيها قانون السير وتزاحم فيها الأرجل العجلات.

في مدينة مثل الرباط، العاصمة “يا حسرة”، لا يحترم الراجلون الإشارات الضوئية. ولا بد أن كل من يتجول في الرباط لساعة من الزمن، سوف يلاحظ أن السيارات هي التي تقطع الطريق، بينما الراجلون يسيرون في قلب الشوارع ويقطعون من ضفة إلى أخرى كيف ما كانت الإشارة الضوئية. يحدث هذا خصوصا في الإشارة المجاورة لباب الأحد وفي الإشارة الأخرى القريبة من البرلمان.

منذ بداية استخدام الرباطيين والبيضاويين لـ”الترام واي”، احتلت أرجل كثيرة سكة سيره، وكثيرة هي الحوادث التي سُجلت بسبب إصرار بعض المشاة على السير فوق السكة..

علاقة المغاربة بالسكة عجيبة فعلا. في دول العالم ينتحر اليائسون فوق السكة، بينما عندنا نحن تُسجل حوادث سير يرتكبها أغلب الضحايا بسبب إلحاحهم على السير فوق السكة إلى أن يباغتهم قطار “مجنون”..

وثق الصحافي البريطاني “لاورنس هاريس”، عندما زار المغرب سنة 1908، لتجربة رجل مغربي سبق له أن عاش تجربة مريرة في الولايات المتحدة الأمريكية، عندما هُجّر إليها في فترة 1880. هذا المغربي، واسمه “الحاج”، كان ينحدر من منطقة سوس، ويعمل رفقة والده وإخوته في مجال “الفُرجة” أو “الحْلقة”، ويتجولون بين مناطق المغرب.. إلى أن لمحهم أحد الأوروبيين وعرض عليهم أن يعملوا معه وأغراهم بالمال وقال لرب الأسرة إنه سيجني الذهب إن وافق على أداء عروضه المثيرة أمام الأوروبيين.. وأخبرهم أن الرحلة إلى بريطانيا لن تستغرق أكثر من ثلاثة أيام بحرا. اتفق المُهرب مع رب الأسرة على أن يُخبئهم في صندوق بقبو السفينة، لكن بمجرد ما غادرت السفينة الشاطئ، حتى اكتشفوا أنهم صاروا ضحية اختطاف. تحولت الأيام الثلاثة إلى ستة أشهر من العذاب عاشوها داخل الصندوق، ويلقى إليهم من الطعام ما يكفي لإبقائهم على قيد الحياة.

وصلت الأسرة إلى الولايات المتحدة الأمريكية، الضفة الأخرى من العالم، وأجبرهم “مالكهم” الجديد على أداء العروض في مدن كثيرة.. فرت الأسرة من قبضة النصاب، وهربت عبر الغابات، ومات الوالد في حادث مأساوي، بعدما دهسه القطار. كان أفراد الأسرة يسيرون فوق السكة، وعندما ظهر القطار الذي لم يكن أحد منهم يعرفه، حاول الأب التصدي له لحماية أبنائه الصغار من هذا الوحش الحديدي.. قاومت العائلة الجوع والموج والتهديد بالسلاح في عرض البحر لستة أشهر، فيما تكلف القطار بإرسال الأب إلى الآخرة في جزء من الثانية.. نجا أحد الأبناء خلال رحلة العودة إلى المغرب، وحكى القصة لـ”هاريس” الذي وثقها في كتابه “مع المولى عبد الحفيظ في فاس”.

بعد قرابة قرن ونصف على هذا الحادث، الذي حصد حياة أول مغربي على الطريق -من يدري.. قد يكون الأول من نوعه على الإطلاق- لا تزال السيارات والقطارات تحصد أرواح المارة الذين لا ينتبهون إلى المكان الذي يسيرون فيه، ولا يكترثون للإشارة الضوئية، حتى لو تحول لونها إلى الأزرق.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى