
بإعلان بلدان الساحل الثلاث، وهي مالي وبوركينا فاسو والنيجر، في بيان مشترك، عن استدعاء سفرائها من الجزائر للتشاور في ارتباط بالتطورات الإقليمية المتسارعة وإسقاط النظام الجزائري طائرة مسيرة مالية، يشتد الخناق على جنرالات الجزائر وتُكشف حربائيتهم وتخبطهم في دعم المليشيات المسلحة والإرهاب والشبكات الخارجة عن القانون لبلقنة وتفجير الشمال الإفريقي وتبعات ذلك على القارة السمراء والوضع الدولي المتشنج أيضا.
لقد حاول جنرالات الجزائر مرات متعددة التغطية على تورطهم في جرائم دعم الإرهاب واللااستقرار بالمنطقة، لكنهم يوجدون الآن في ورطة دولية حقيقية، نتيجة انكشاف تعاملهم مع الشبكات الإرهابية واحتضانها بالصحراء الجزائرية لخدمة أجندات خطيرة، وهو ما عبر عنه الوزير المالي بشكل واضح عندما اتهم النظام الجزائري بأنه يشكل «قاعدة خلفية للجماعات الإرهابية، وينخرط اليوم في عمل مسلح لشن اعتداءات ضد دولة مجاورة لحماية أتباعه الإرهابيين»، وفق تعبير وزير الأمن المالي.
إن التطورات الإقليمية الأخيرة، التي كشفت عورة جنرالات الجزائر، لا شك أن تداعياتها تتطلب اليقظة والحزم من قبل المغرب لاستثمار كل قرار حسب الزمان والمكان، خاصة وأن محاصرة الدبلوماسية الملكية الحكيمة لهرطقات «تقرير المصير»، رفعت من الدعم العالمي للحكم الذاتي كحل وحيد لقضية الصحراء المغربية، واتجاه القضية للحل السريع تحت السيادة المغربية لاعتبارات دولية دقيقة، يختلط فيها السياسي بالاقتصادي والمصالح الكبرى للدول العظمى.
لقد ظلت المملكة المغربية الشريفة تواجه كل المواقف العدائية للجنرالات بالحكمة والدعوة للتعاون الاقتصادي وفتح استفادة شعوب المنطقة من الاستثمارات الكبرى بالواجهة الأطلسية تحت السيادة المغربية، لكن بؤس من يتحكمون في القرار الجزائري جعلهم يبحثون عن شماعات يعلقون عليها فشلهم الداخلي، حيث أصبحوا مهووسين بشيء اسمه المغرب والإصلاحات الكبرى التي يشرف عليها الملك محمد السادس وتشهدها المملكة وسعيه لتقدم وازدهار القارة الإفريقية والدفاع عن حق شعوبها في استغلال ثرواتها والعيش بكرامة.
إن النجاحات الدبلوماسية في ملف الصحراء المغربية ليست وليدة اللحظة أو الصدفة، لذلك فإنه بعد رفض الدول العظمى بلقنة الشمال الإفريقي بزرع كيان وهمي يسمى البوليساريو يدعم انتشار الإرهاب والتهريب والاتجار الدولي في المخدرات الصلبة، واغتصاب حقوق الإنسان واستغلال الأطفال في حمل السلاح والمرتزقة، ها هي دول الساحل تؤكد دعم النظام الجزائري للإرهاب وتقرر الانسحاب الفوري من لجنة الأركان المشتركة، وتقديم شكوى رسمية أمام الهيئات الدولية ضد النظام الجزائري، معتبرة أن العدوان عليها يتناقض مع المشاركة الفعلية لمالي في دعم كفاح الشعب الجزائري لنيل استقلاله عن فرنسا.
المملكة المغربية دولة تاريخها أزيد من 12 قرنا، وتعمل وفق دبلوماسية الحكمة والبحث عن المصالح العليا للمغاربة ومن خلالهم كافة مصالح الشعوب الإفريقية والعربية أيضا وباقي دول العالم، وليست لها أطماع اعتداء على سيادة الدول وتدعم السلم والأمن العالمي، وتسير دائما في مقدمة دعم القضايا الإنسانية والحفاظ على البيئة والتدخل لوقف الحروب المدمرة وعودة الحوار والسلام. لذلك فإن تحذير المغرب من تورط الجنرالات في الإرهاب وبلقنة المنطقة ومحاولة إشعال فتن الحروب المدمرة لم يكن مجرد كلام عابر، وقد أكدته دول الساحل سريعا في بلاغها ضد النظام الجزائري.