شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

علاقات معقدة

 

 

 

 

تتسم بعض العلاقات بين البشر بالتعقيد الشديد، والتي ربما لا تكون نتيجة خلافات في المواقف، بل في العقيدة الفكرية التي يؤمن بها كل طرف، ومهما كانت محاولات التقريب، فإنها تنتهي في أنجح الأحوال إلى جمود، ولكنها في العادة تفضي إلى صدام، فتستمر العلاقة المعقدة.

هذه هي علاقات البشر، فما بالنا بعلاقات الدول. وهنا أتحدث عن علاقة إيران وإسرائيل التي تتسم بالتعقيد منذ 45 عاما، وتحديدا منذ انطلاق الثورة الإيرانية في 1979، حيث أصبحت طهران وتل أبيب عدوين، رغم أنهما لا يشتركان في حدود (تبعدان أكثر من 1610 كيلومترات) أو نزاعات إقليمية مباشرة.

الغريب أن العلاقة بين الطرفين ما قبل ثورة الخميني كانت متباينة، فطهران عارضت تأسيس دولة إسرائيل في 1948، لكنها اعترفت بها بعد سنتين فقط، وتحديدا في عهد الشاه محمد رضا بهلوي، الذي جمعته علاقات وثيقة بأمريكا وبريطانيا، أكبر داعمي إسرائيل تاريخيا، كما ازدهر التعاون الاقتصادي والسياسي بين البلدين في ظل أوج الصراع العربي الإسرائيلي خلال ستينيات وسبعينيات القرن الماضي.

لقد كان اندلاع الثورة الإيرانية مفصليا في العلاقة، حيث أفضى إلى ظهور نظام في طهران مناهض بشدة للصهيونية، فقطع العلاقات مع إسرائيل، وحول مقر السفارة الإسرائيلية في طهران إلى منظمة التحرير الفلسطينية، فيما كان الخطاب الدبلوماسي الثوري واضحا في عدائه، حيث كان يصف دائما تل أبيب باعتبارها الشيطان الأصغر، كما ظلت نبرة «نسف إسرائيل» حاضرة طوال فترة الثمانينيات.

ورغم ما تقوله صحيفة «تليغراف» البريطانية عن صفقة أسلحة أبرمها نظام الخميني مع إسرائيل أثناء حرب إيران والعراق، ورغم وصف رئيس الوزراء الإسرائيلي المغتال، إسحاق رابين، إيران، بأنها واحدة من أفضل أصدقاء إسرائيل، إلا أن العداء استمر وتحول في مطلع الألفية إلى ما سُمي «حروب الوكالة»، والتي من خلالها نمّت إيران بعض الأحزاب والحركات في الدول العربية وساعدتها في التمويل والتسليح، ولا يخفى على أحد أن «حزب الله» و«جماعة الحوثي» وأخيرا «حركة حماس» هي أذرع إيرانية، تنفذ سياساتها، وتقوم بالمواجهة مع إسرائيل بالنيابة عنها.

في هذا الوقت، سعت إيران إلى امتلاك سلاح نووي، مثل إسرائيل التي ضغطت بكل ما تمتلكه من علاقات ومحبة من الولايات المتحدة لمنع طهران من امتلاك النووي، ما أفضى إلى إبرام اتفاق إيراني أمريكي غربي بشأن البرنامج النووي في طهران، لتهدئة مخاوف تل أبيب، لكن انسحاب ترامب من الاتفاق أشعل الصراع مجددا، وجعل إسرائيل تشتبك مع إيران باغتيال كبار المسؤولين الإيرانيين، وخصوصا رجال الحرس الثوري والعلماء. وأظن أن هجوم 7 أكتوبر الذي شنته حماس كان جزءا من الرد الإيراني على سلسلة الاغتيالات تلك، وهو الهجوم الذي تعيش المنطقة في آثاره حتى اليوم.

ثمة خطر حقيقي يحدق بالمنطقة بسبب هذه العلاقة المعقدة، والتي يمارس فيها الطرفان أفعالا تتسم دائما بسوء التقدير، لنعيش على خلفية ردود مستمرة بين الجانبين، لا نعرف متى ستنتهي.

 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مع كامل احترامي لكاتب المقال هناك كثير من المغالطات حماس لم تكن درع لإيران إلا في وقت بدأت الدول العربية في التطبيع المجاني و التخلي عن القضية الفلسطينيه لأجل مصالحها.
    هجوم 7 اكتوبر يوهم فيه صاحب المقال رد إيراني على الاغتيالات للأسف الشديد لأنه لم يدق مرارة سجن غزة 15سنة و التهجير القسري و الاحتلال الصهيوني الهمجي الغاشم قل ما شئت.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى