شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

فاجعة القرن

الافتتاحية

ليلة الجمعة، في حدود الساعة 11.30، ضرب زلزال عنيف بدرجة 7.0 على مقياس ريختر منطقة الحوز، مخلفا ضحايا بالآلاف وسط توقعات، خلال الأيام المقبلة، بحصيلة خسائر فادحة في الأرواح والمباني، ما أعاد للأذهان الزلزال الأقسى الذي عرفته أكادير بداية ستينات القرن الماضي. ولا نبالغ إذا قلنا إن أجواء الخوف والحزن وأيضا التضامن الشعبي التي عاشها المواطنون في مواجهة فاجعة القرن، إثر الزلزال القوي الذي ضرب منطقة الحوز وامتدت قوته إلى أكثر من 30 إقليما في الجنوب والوسط والشمال والغرب، لم يسبق أن عاشها المغرب لعقود طويلة من الزمن.

كان زلزال الحوز كبيراً ومدمراً، وازدادت أعداد الضحايا والمصابين بشكل أساسي بسبب الطبيعة الوعرة للوصول إلى بعض المناطق المتضررة كما ورد في بلاغ الديوان الملكي، بالإضافة إلى الأبنية الهشة التي لا يمكنها بأي حال مقاومة هزة خفيفة فما بالك بزلزال بقوة 7 درجات. لكن الأهم، بخصوص الزلزال، أنه أظهر ضعف اهتمام السياسات العمومية بالعالم القروي والمغرب العميق، حيث لا طرقات ولا بنية تحتية ولا سياسة وقائية، وهذا ملف آخر ينبغي فتحه بكل جرأة بعدما نتجاوز هذه الكارثة الوطنية.

نقطة الضوء الوحيدة في هذا المصاب الجلل أنه غابت التراشقات السياسوية في مواجهة تبعات الزلزال، واجتمع الكل على معاني التضامن والتكافل ومحاولة المساعدة. ولعل من محاسن هذه الدولة العريقة، وجود ملك يأخذ بزمام الأمور في قضايا الدولة سواء في السراء أو الضراء، حيث يقدم نموذجا في الحكمة والبعد الإنساني والتضامني في الشدائد.

إن السرعة التي جمع بها الملك محمد السادس جلسة العمل التي حضرها كبار المسؤولين الأمنيين والسياسيين، وإعطاء خطة عمل واضحة وبكل التفاصيل اللازمة للحكومة والسلطات العمومية، سواء بإعلان الحداد الوطني أو بتكثيف عمليات الإنقاذ وكفالة الضحايا وتعويضهم في أملاكهم وأضرارهم المادية والمعنوية وحماية المتضررين بالمأوى والمأكل، لهو تجسيد فعلي لملك جعل خدمة شعبه عقيدة وممارسة.

لكن التخوف الذي يساور الكثيرين بناء على تجارب سابقة، ألا تسير التوجيهات الملكية بالشكل المتوخى منها، خصوصا وأن العديد من وسطاء التنفيذ أثبتوا مرارا أنهم يفسدون المبادرات الملكية ويعطلون تنفيذها كما وقع في زلزال الحسيمة.

واليوم على رئيس الحكومة أن يشرف شخصيا على كل تفاصيل تنزيل التوجيهات الملكية للتخفيف من معاناة المتضررين، وأن لا يفوضها لمسؤولين قست قلوبهم ولم يعد يؤثر عليهم زلزال أو حريق أو فيضان.

الكرة اليوم بملعب الحكومة والمغاربة عن طريق المراقبة الشعبية لهم كل الإمكانيات والطرق لتتبع مدى تنفيذ التعليمات الملكية لحماية الضحايا، وأي تقصير يعني انتظار زلزال ملكي عنيف لكن هذه المرة سيضرب مكاتب الوزراء وبنايات المسؤولين المنتخبين والمعينين.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى