ياسر أيوب
المحاكمة التي تخضع لها حاليا وزيرة الرياضة الفرنسية، إميلي كاستيرا، لها أكثر من دلالة ومعنى.. أهمها بالنسبة إلينا هو المعنى الكوميدي.. فما اعتاد كثيرون هنا أن يقولوه، ويكتبوه، كل يوم، عن آخرين وينتقصوا فيه من قدرهم ومكانتهم، وقد يطول الأمر سمعتهم وشرفهم وسيرتهم.. لا يمكن بأي حال مقارنته بما قالته الوزيرة عن نويل لو جريت، رئيس اتحاد الكرة الفرنسي، الذي اضطر إلى الاستقالة من منصبه في فبراير العام الماضي، بعد اتهامه بالتحرش الجنسي والأخلاقي.
وقالت وزيرة الرياضة وقتها وبعدها إن رئيس اتحاد الكرة لم يكن ولم يعد يستحق البقاء في منصبه، أو أن يبقى أحد وجوه الرياضة الفرنسية، بعد سلوك غير لائق يوحي بأنه صادر عن رجل مختل تماما..
ورغم تحقيقات كثيرة قضائية وإعلامية وشهادة نساء كثيرات أدانت رئيس الاتحاد، الذي اضطر بعدها صاحب الثمانين عاما إلى الاستقالة من منصب ظل يشغله 11 سنة، فإنه ظل ينفي أي اتهامات أخلاقية وجنسية، وأكد أن ما قالته وزيرة الرياضة يعد تشهيرا به وإساءة لا يقبلها، وبالتالي أقام ضدها دعوى قضائية في محكمة العدل الفرنسية المختصة بمحاكمة الوزراء وكبار المسؤولين الفرنسيين..
ورحبت الوزيرة الفرنسية بالخضوع للمحاكمة، لتثبت براءتها من أي ادعاءات يرددها رئيس الاتحاد السابق..
والمعنى الثاني لهذه المحاكمة.. والمهم أيضا، هو أن القضاء الفرنسي لم يستثن وزيرة الرياضة من الخضوع للمحاكمة، رغم أنها تدير استعدادات فرنسا لاستضافة الدورة الأولمبية في باريس، يوليوز المقبل..
ولم يجد القضاء الفرنسي.. والوزيرة نفسها.. أن الانشغال بالاستعداد لانطلاق الدورة الأولمبية، بعد قرابة أربعة أشهر، مبرر لإلغاء المحاكمة، أو حتى تأجيلها..
وكانت إميلي كاستيرا قد تولت وزارة الرياضة في ماي 2022 بمهمة محددة، هي الحرص على أن تكون دورة باريس 2024 لائقة بفرنسا ومكانتها العالمية، سواء السياسية أو الرياضية أو الثقافية..
وعاشت إميلي كاستيرا منذ بداية المشوار الوزاري والأولمبي العديد من الأزمات والهموم، وكان أبرزها الخوف من إرهاب محتمل استدعى ترتيبات أمنية مكثفة لم تشهدها فرنسا من قبل…
والأزمة الكبرى كانت في فبراير الماضي، حين بدأ تحقيق النيابة الفرنسية مع توني إستانغي، رئيس اللجنة المنظمة لدورة باريس، بشأن مرتبه واتهامه بالحصول على مكافآت إضافية غير مستحقة.. وفوق كل ذلك، كان عنف كرة القدم، الذي لا يزال قائما، ويهدد بانفجار أمني محتمل في أي لحظة.