شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

فوضى التعمير

 

كشف حادث انهيار عمارة وسط الدار البيضاء وجود فوضى تعم قطاع التعمير بالمدن الكبرى، تستدعي ترتيب المسؤوليات لتجنب تكرار مثل هذا الحادث الذي، لولا الألطاف الإلهية، لخلف مجزرة بشرية، لأن هذه العمارة توجد داخل نسيج عمراني حديث، ولم تكن مصنفة ضمن البنايات الآيلة للسقوط التي  تكون أغلبها بالمدن العتيقة.

هذه الفوضى تشكل تهديدا حقيقيا لسلامة المواطنين، وتتجلى في تنامي ظاهرة البناء العشوائي وانتشار دور الصفيح على هوامش المدن، ونجد أن رؤساء الجماعات يتورطون في تشجيع ذلك لأهداف انتخابية، فيما أصبحت لوبيات البناء العشوائي تتحكم في رسم الخريطة الانتخابية بالعديد من المدن، وهناك خروقات تتعلق بالترخيص ببناء عمارات سكنية دون الحصول على الرأي الموافق للوكالة الحضرية، وتسليم شواهد إدارية دون احترام القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، ومنح رخص بناء فوق قطع أرضية ناجمة عن تجزيء غير قانوني أو بمناطق محرمة للبناء، وعدم تفعيل مسطرة زجر المخالفات في ميدان التعمير في حق المخالفين، لأن القانون التنظيمي للجماعات يمنح للرؤساء صلاحيات السهر على تطبيق القوانين والأنظمة المتعلقة بمجال التعمير، وعلى احترام ضوابط تصاميم إعداد التراب ووثائق التعمير، كما يخول لهم صلاحيات منح رخص البناء والتجزئة والتقسيم، وإحداث مجموعات سكنية ومنح رخص السكن وشهادات المطابقة.

وبالإضافة إلى ذلك، هناك سلوكات متحايلة، تشجع بشكل مباشر على التمادي في التجزيء السري للعقارات، و تساهم بالتالي في استفحال البناء العشوائي الذي يحدث اختلالات بالنسيج العمراني للمدن، في ظل ضعف آليات المراقبة، بسبب افتقاد الإدارة المكلفة إلى الموارد البشرية والكفاءة المطلوبة والصرامة الكافية للضرب على أيدي المتلاعبين الذين يهددون أرواح المغاربة.

بالإضافة إلى ذلك، يعرف سوق مواد البناء فوضى عارمة، خصوصا مادة الرمال، ما فتح المجال للتلاعب في جودة البناء وعدم احترام المعايير التقنية المعمول بها، رغم وجود تضخم في القوانين المنظمة لقطاع التعمير، إلا أن التأخير في إصدار المخططات المديرية للتهيئة الحضرية فتح المجال لعدد من التجاوزات، بالإضافة إلى افتقار أقسام التعمير بالعمالات لموارد بشرية كافية تتوفر على الكفاءة، ما جعل رؤساء الأقسام يجدون صعوبة كبيرة في تدبير الكم الهائل من الملفات وحضور عدة اجتماعات في اليوم الواحد، لذلك فإن المراقبة الميدانية لعشرات المشاريع السكنية تظل أمرا نادرا.

وللحد من هذه الفوضى، يتطلب الأمر تعزيز آليات المراقبة، والضرب بيد من حديد في حق المتلاعبين الذين يهددون الأرواح البشرية، فضلا عن تعزيز الإجراءات الزجرية المنصوص عليها في قوانين التعمير، وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى