شوف تشوف

الرأي

فيلم يستحق الدعم

يونس جنوحي
مستقبل العالم سوف يكون في آسيا. لقاح وباء كورونا، الذي لم يعد مستجدا، سوف يُشحن من الصين. وحسب البروتوكول العلاجي الذي أعلنت عنه الحكومة الصينية فإن تصنيع اللقاح، لن يقتصر على الصين وحدها، وسوف يكون ممكنا في عدد من الدول من بينها المغرب لكي يصبح بوابة للقاح نحو الدول الإفريقية لتسهيل تسويقه وانتشاره.
أغلب المغاربة اليوم يؤمنون بنظرية المؤامرة. حتى أن الشريحة المغناطيسية للهواتف الذكية، والتي يحملها الأغبياء في العادة، كان يروج أنها مخصصة للتجسس رغم أنها كانت مزروعة فوق البطارية، وقام المغاربة بترويج حملة كبيرة لإزالتها من هواتفهم، ليتضح في الأخير أن وظيفتها شحن الهاتف لاسلكيا بالموجات المغناطيسية.
“الفيلم” نفسه يتكرر اليوم مع لقاح وباء كورونا. إذ بدل أن يسجل ارتفاع في محركات البحث أو إقبال على المكتبات لاقتناء المجلات العلمية المتخصصة، والتي لا يصل جلها إلى المغرب، يا للفضيحة، إلا باشتراك مسبق، لا نسجل سوى ترويج للأكاذيب.
زرع شريحة للتجسس في أجسام المواطنين أمر ممكن علميا، وقد دعت إليه شركات متخصصة في جمع بيانات المواطنين وتم تجميد تلك المشاريع بدعوى حماية الخصوصية، وتقرر في الولايات المتحدة وألمانيا إجراء تجارب في السجون مشددة الحراسة وفي المجال العسكري على الجنود، وظهرت نجاعة الاعتماد على تلك الشرائح في تعقب المُدانين أو أصحاب السراح المشروط، أو الجنود المكلفين بمهام في مناطق النزاع لتحديد مكانهم وحمايتهم.
أما أن يتم تعميم شريحة من هذا النوع للتجسس على 35 مليون مغربي، فهذا الأمر ضرب من الجنون، ولا يمكن تمويله من الناحية العملية. إذ إن مراقبة هذا العدد الهائل من الناس ومراقبة تحركاتهم لن يعود نهائيا على الحكومة المغربية بأي نفع.
المغاربة يمارسون دور هذه الشريحة المزعومة ضد بعضهم البعض. يعرفون ماذا يأكل الآخرون وماذا يشربون ومتى يقتنون الملابس وكم يدخرون أسفل البلاطة في دورة المياه. أسرار المغاربة متداولة بفضل نميمة الجيران وحشر الأنوف في الحياة الخاصة والحميمية للآخرين، ولن تحتاج الدولة إلى شريحة لمعرفة كل هذه التفاصيل، ما دام “المراقبون” يعرفون حتى الموعد الأسبوعي الذي يتوجه فيه الآخرون إلى الحمام العمومي.
أما أن تُزرع الشريحة في جسم لا يقوم صاحبه إلا بالجلوس في المقهى وعتبة منزل “الورثة” في انتظار وفاة مالك المنزل لتحويل النزاع حول العتبة إلى محاكم المملكة، فإن الأمر ليس تضييعا للموارد فحسب، وإنما هو تقصير لعمر الذين سوف يتكلفون بمراقبة تحركات “بوركابي” المزعومة.
إنه من المؤسف ألا يظهر باحث مغربي واحد ليحاول طرح الأسئلة المتخصصة فحسب، بخصوص هذا اللقاح، وكيف توصل إليه الصينيون وما هي خصائصه مثلا وكيف يمكن لنا أن نحتفظ بعينات منه لحالات الطوارئ و”دواير الزمان” في حالة ما قرر الصينيون مثلا التوقف عن تزويدنا باللقاح مستقبلا.
لا أحد بطبيعة الحال طرح هذه الأسئلة. ماذا يقع عندما يختفي الأساس العلمي لتحليل الظواهر؟ تنتشر الإشاعات. ولعل أطرفها تلك التي تقول إن الحكومة المغربية تريد أن تتحكم في أعمار المغاربة وتجعلها لا تتجاوز الستين حتى لا تضطر لصرف معاشات لملايين المتقاعدين المستقبليين. والحقيقة أن الحكومة لن تحتاج إلى أي لقاح من هذا النوع لتقصير أعمار المغاربة. فقد أثبت الزمن أننا شعب يعيش بطريقة عجيبة وأن أعمارنا بيد الله وليس بيد شخص آخر. وإلا لكان المغاربة قد ماتوا جميعا منذ مئات السنين بسبب الجفاف وارتفاع الضرائب وبطش القياد القدامى.
عندما تطالعون هذا الكم الهائل من الروايات المزعومة حول اللقاح، سوف ترون أن المغاربة موهوبون في حياكة السيناريوهات العجائبية، وأنه يتعين على كل من يحمل بطاقة وطنية في جيبه، أن يتوجه رأسا إلى المركز السينمائي المغربي لكي يحصل على دعم لإنتاج فيلمه الخاص عن اللقاح، ومعه تسبيق على المداخيل. “آكسيون”..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى