شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرملف الأسبوع

قصة “سطاد دونور” كان هبة من الفرنسيين ففتح شهية المضاربين

ظل ملعب محمد الخامس يشغل الناس، والبيضاويين خاصة، حين يفتح في وجه عشاق كرة القدم أو حين يغلق للإصلاح والترميم، إلى أن أصبح هذا الملعب بؤرة توتر في قلب العاصمة الاقتصادية، وما تمخض عنها من مطالب بترحيله خارج المدينة ما فتح شهية المضاربين العقاريين.

مقالات ذات صلة

في سنة 1955 تم بناء الملعب، ومنذ ذلك الحين ظل يخضع لعمليات إصلاح عديدة منذ سنة 1970 إلى 1981 بسبب تنظيم المغرب لألعاب البحر الأبيض المتوسط سنة 1983، ولا يمر عام دون أن يتحول الملعب إلى ورش، إلى أن أصبح في وضعيته الحالية. وعلى امتداد السنوات، حمل الملعب ثلاثة أسماء: مارسيل سيردان، الملعب الشرفي، مركب محمد الخامس.

كان الملعب تابعا لجماعة الدار البيضاء، رغم أن الفرق البيضاوية هي التي كانت تستفيد منه وأبرزها الوداد والرجاء والراك، قبل أن يتم تفويت ملعب الأب جيكو لهذا النادي الأخير. كانت جماعة الدار البيضاء تحصل على نسبة من مداخيل المباريات التي تجرى على أرضية هذا الملعب، قبل أن يتم تفويت تدبيره لشركة “كازا إيفنت” التي عجزت عن الوفاء بالتزاماتها. بل إن وفاة المشجعة نورا عند بوابة الملعب بسبب الازدحام عجل بإنهاء التدبير المفوض لشركة التنمية الجماعية وتم التعاقد مع الشركة الوطنية لإنجاز وتدبير المنشآت الرياضية “صونارجيس”، عوض شركة الدار البيضاء للتنشيط التي دعي مسؤولوها للتحقيق في اختلالات تدبيرية.

عاد الجدل لملعب شغل الناس “في نومه ويقظته” على حد تعبير “كباطاس” كبير مشجعي الوداد، وتحول إلى منطقة جذب قبل أن يتم حسم الأمر والقطع مع تفويته لأي جهة.

 

دونور.. الملعب الذي فتح شهية التفويت

بعد الجدل القائم حول ملعب مركب محمد الخامس، ومطالبة مديرية أملاك الدولة في رسالة رسمية لمجلس مدينة الدار البيضاء بتفويت العقار لوزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضي، تراجعت الأملاك المخزنية عن مطلبها وقالت إنها لم تعد مهتمة بالعقار الذي يقع عليه ملعب محمد الخامس بالدار البيضاء، وأنها صرفت النظر عن هذه العملية.

وفي مراسلة وجهتها المديرية إلى نبيلة رميلي، عمدة مدينة الدار البيضاء، أوضحت أن الإجراء الذي قامت به ينسجم مع المقتضيات القانونية والتنظيمية الجاري بها العمل، وكان الهدف منه تسوية الوضعية العقارية للمركب الرياضي محمد الخامس بتوحيد مالك البناء ومالك الأرض، في أفق تخصيصه لفائدة وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بناء على طلبها، وكذا “باعتبار أن المالك يعود إليه القيام بالاستثمار والتدبير”.

جاءت الرسالة ردا على قرار مجلس مدينة الدار البيضاء، الذي أعلن عن رفضه بشكل قاطع طلب تفويت قطعة الأرض التي بني عليها ملعب المركب الرياضي محمد الخامس، مؤكدا استحالة الاستجابة لهذا الطلب بشكل قطعي.

أكد مجلس الدار البيضاء، في رده على المراسلة الرسمية رقم 25/125 المؤرخة في 7 فبراير 2025، أن “المجلس الجماعي لم يعبر يوما عن نيته تفويت العقار المعني، لا حاليا ولا مستقبلا”، مؤكدا على أن مركب محمد الخامس يمثل جزءا من هوية وذاكرة وحاضر ومستقبل مدينة الدار البيضاء.

وحسب أحمد بوستة، الصحافي المهتم بالشأن الجماعي، فإن الوضعية الخاصة لهذا الملعب بما له من “قيمة تاريخية وثقافية ورياضية ذات أهمية فائقة، وبما يجسده كمكون من المكونات الأساسية لهوية وذاكرة مدينة الدار البيضاء وموروثها التاريخي”.

وأشار المتحدث إلى الجانب القانوني المتصل بالوضعية العقارية للمركب، الذي تعود ملكية عقاره إلى جماعة الدار البيضاء التي تحتفظ، حسب المقرر في القوانين والأنظمة الجاري بها العمل، بكل الحقوق المرتبطة بهذه الملكية.

وأوضح كثير من المستشارين الجماعيين أن بيع ملعب محمد الخامس، من طرف أي جهة مرفوض لأنه يعد ملكا لجميع البيضاويين، لذا أجمعت الأغلبية والمعارضة على رفض مطلب مديرية الأملاك، لأن بيعه هو بيع للتاريخ وللذاكرة الرياضية البيضاوية.

وفي السياق ذاته، شددت الجماعة الحضرية على أن القانون التنظيمي رقم 113.14، خاصة المواد 38 و39 و40، يحدد بوضوح الجهات التي يمكنها طلب إدراج نقاط في جدول أعمال المجلس الجماعي، وهو ما لم يتحقق في هذه الحالة، مما يجعل أي طلب لتفويت العقار خارج الإطار القانوني المنظم لاختصاصات المجلس.

ونظرا لأهمية الموضوع فقد شهد مقر مجلس مدينة الدار البيضاء اجتماعا طارئا برئاسة نبيلة الرميلي، خصص لمناقشة قضية تفويت قطعة أرضية تابعة للرسوم العقارية، والتي تحمل الأرقام 5387/د، 33101/س، 20346/س، و17982/س. تأتي هذه المناقشة في إطار العمل على تسوية الوضعية القانونية للمركب الرياضي محمد الخامس، واحد من أهم المعالم الرياضية في المدينة والمملكة.

وقد تم إصدار مراسلة رسمية تتضمن قرار الرفض، والتي تم تداولها بين الفرق المعنية. هذه المراسلة تعكس دور المكتب الجماعي الذي من أولوياته حماية مصالح المدينة وسكانها والممتلكات العامة، بل إن منتخبين بجماعة الدار البيضاء هددوا بتقديم الاستقالة من المجلس الجماعي في حالة الإقدام على بيع مركب محمد الخامس المتواجد على مستوى المعاريف.

 

هكذا انتزعت أرض “دونور” من عائلات فرنسية

في عام 1949، عقدت السلطات الاستعمارية الفرنسية اجتماعا خصص للبحث عن بقعة أرضية لبناء ملعب كبير يليق بالسمعة الرياضية للمدينة، بعد أن اختنق ملعب فيليب بالمباريات، وذلك قبل أن يصدر قرار وزاري يقضي ببناء ملعب على قطعة أرضية بحي المعاريف، وتم نزع الملكية من معمرين فرنسيين، والتي تقع على مساحة تقدر بـ12 هكتارا حسب الرسم العقاري 5387 د.

وحسب المستندات الرسمية فإن القرار الوزاري صدر في العدد 819، بتاريخ 7 أبريل 1950، وموقع من قبل محمد الحجوي، نيابة عن الصدر الأعظم (الذي اطلع عليه وأذن بنشره، بتاريخ 12 أبريل 1950)، وكذا الوزير المفوض، المعتمد بالإقامة العامة، فرانس لاكوست.

وحسب الباحث الصحافي يونس خراشي، فـ”إن القطعة الأرضية التي بني عليها ملعب مارسيل سيردان تعود ملكيتها إلى كل من ميشال كاسطون ومدام ميشيل كيي، الزوجة، وفابر بيير ومدام كالسيا طيريز، الأرملة، وأميكليو وألبيرطين لوشفانطون وإيم أميكليو وأولادها، ورولان وجوزيان ومفيلو زوجة لوشفانطيون”.

وما يؤيد ذلك هو المبرر الذي قدم، من خلال الجريدة الرسمية التي تضمنت القرار الوزاري القاضي بإنشاء الملعب، نقرأ: “في التصريح بأنه من المصلحة العمومية والأمور المستعجلة إحداث ملعب بالدار البيضاء، وفي نزع قطعتي أرض لازمة لهذا الغرض، بمقتضى الظهير الشريف، المؤرخ في 09 شوال 1332، الموافق 31 غشت 1914، المتعلق بنزع الملكية لأجل المصلحة العمومية”.

انطلقت أشغال بناء هذا الملعب في نهاية الأربعينات من القرن الماضي، بغاية التخفيف من الضغط الذي يعرفه ملعب “فيليب” والذي لم تعد طاقته الاستيعابية تسمح بالفرجة، بحكم أن مدرجاته لم تتجاوز سعتها 1000 متفرج فيما يقضي باقي المتابعين المباريات واقفين مزدحمين في ملعب يستقبل مباريات مغاربية ودولية.

كان بناء ملعب كبير بمواصفات عالمية (في تلك الحقبة الزمنية) مطلبا للمغاربة وللسلطات الاستعمارية أيضا، لكن هذه الأخيرة لم تكن تعلم أن فرقها لن تنعم بهذه المعلمة بعد أن بزغ فجر الاستقلال.

يقع المركب على مساحة 12262 مترا مربعا، وهي المساحة التي تتضمن ملعب كرة القدم، والملعب الملحق، فضلا عن القاعتين المغطيين (إحداهما للرياضات المتعددة، كرة السلة وكرة اليد والكرة الطائرة وفنون القتال والجمباز والمسايفة وغيرها، والثانية للسباحة والغطس)، وإن كانت الأخيرتان تتبعان من حيث الملكية والتدبير المباشر لوزارة الشباب والرياضة، فيما يتبع الملعب في ملكيته البلدية قبل أن يتم تفويض تدبير أنشطته لشركة التنمية “كازا إيفنت”.

في السادس مارس 1955، أعلن رسميا، الانتهاء من تشييد الملعب، وتقرر أن يحمل اسم الملاكم الفرنسي “مارسيل سيردان”.

 

من هو الملاكم الذي حمل الملعب اسمه عاما واحدا؟

ارتبط مارسيل سيردان طويلا بالمغرب الذي كان يعتبره بلده الثاني، رغم أنه من مواليد سيدي بلعباس بالجزائر يوم ثاني يونيو من سنة 1916، حيث انتقل إلى الدار البيضاء رفقة والده الإسباني الجنسية ووالدته الفرنسية وسنه لا يتجاوز أربع سنوات، انضم لإحدى نوادي الملاكمة في عهد الاستعمار وعمره لا يتجاوز ثمان سنوات، كما لعب لمنتخب المغرب لكرة القدم الذي كان حينها يضم خليطا من اللاعبين المغاربة والأجانب كالعربي بن مبارك وأحمد شهود ولخميري وغيرهم من نجوم الحقبة الاستعمارية.

جعل مارسيل من المغرب مستقره، حيث التحق بالبحرية وظل رياضيا متكاملا يمارس أنواعا رياضية متعددة كالملاكمة وكرة القدم والكرة الحديدية وسباق الدراجات، بل إن كتب التاريخ تروي عن قدرته الخارقة على خوض ثلاثة نزالات في اليوم في ثلاث أنواع رياضية مختلفة، في إطار المباريات التي يجريها فريقه.

بعد أن خاض مارسيل سيردان، نزالا في الولايات المتحدة الأمريكية أمام الملاكم الأمريكي جاك لامورطا برسم بطولة العالم للوزن المتوسط، انتهى بهزيمة مارسيل بالانسحاب من الحلبة إثر إصابته في الكتف، صرح لوسائل الإعلام الأمريكية بأنه خسر معركة دون أن يخسر الحرب، وأضاف أن المباراة الثأرية التي ستقام بعد شهر في الدار البيضاء هي التي ستحسم أمر اللقب.

في يوم 28 أكتوبر من سنة 1949، امتطى سيردان الطائرة عائدا إلى المغرب، وفوق صخرة جبل طارق تحطمت أشلاؤها وقتل كل ركابها وطاقمها التقني، وبلغ عدد الموتى عند سفح الصخرة الصامدة حوالي 44 شخصا كانوا يتجهون صوب الدار البيضاء.

دفن جثمان الفقيد في مقبرة “النصارى” بالدار البيضاء غير بعيد عن مقبرة الشهداء بمنطقة الصخور السوداء. لكن أسرته التي انتقلت إلى فرنسا ظلت تمني النفس بنقل تربة القبر إلى حيث تقطن، وهي الرغبة التي حققها لعائلة سيردان الرئيس الفرنسي السابق جاك شيراك، الذي نقل جثمانه إلى مقبرة في فرنسا ووضع على قبره مجسم قفاز الملاكمين.

مات سيردان، وخلد اسمه على أكثر من مرفق أبرزها ملعب مارسيل سيردان وهو الذي سيحمل اسم الملعب الشرفي مع حصول المغرب على الاستقلال ثم مركب محمد الخامس حاليا.

مات مارسيل الذي رفض مرارا الصعود إلى الحلبة إلا إذا أحضر المنظمون العلم الوطني، مات سيردان وقد خلد اسمه الوهرانيون بإطلاق اسمه على زقاق حيوي، كما وضع اسمه على زقاق في لافال، وفي الدار البيضاء لازال اسمه على خمارة.

 

لاعب الوداد هريرة أول مغربي يداعب الكرة في ملعب سيردان

كان الفتى مصطفى هريرة يتمرن مع فريق الوداد في الملعب القريب من حوض الحوت، حيث يوجد المعرض الدولي للدار البيضاء، وهو ملعب كان فريق البحرية الفرنسي يتدرب فيه، ولأنه كان يقطن في حي كوبا القريب من هذا الملعب، فإنه انضم للوداد بقرار من المدرب الأب جيكو الذي التمس من والدته الترخيص له بالانضمام للوداد.

دخل الفتى التاريخ حين أصبح لاعبا في شبان الفريق الأحمر قبل أن يطرق باب فئة الكبار. يقول هريرة في حوار سابق مع “الأخبار”: “لقد طرق باب منزلنا الأب جيكو وطلب من والدتي السماح لي بالانضمام للوداد، لكنها رفضت في بداية الأمر لأن الآباء كانوا يرفضون ممارسة أبنائهم للكرة، ويحثونهم على الدراسة. لعبت للوداد مع أجيال عديدة وللمنتخب المغربي مع ثلاثة أجيال وأشرف على تدريبي نخبة من المدربين المغاربة والأجانب أولهم العربي بن امبارك، الذي عينه محمد الخامس على رأس المنتخب مباشرة بعد نيل المغرب الاستقلال”.

يضيف هريرة الملقب بمصطفى لكحل، إنه حمل شرف خوض مباراتين تاريخيتين، الأولى في السادس من مارس عند افتتاح ملعب مارسيل سيردان، حيث كان أول من لمس الكرة وشارك في ضربة البداية بحضور السلطات الفرنسية، في مباراة جمعت الوداد بفريق فرنسي “بوزنصون” وكان حينها عميدا للفريق.

 

من سيردان إلى الشرفي إلى محمد الخامس

في السنة الموالية، بعد استقلال المغرب، تم تغيير اسم سيردان واستبداله باسم “الملعب الشرفي”.

بعد خضوع الملعب للترميم والإصلاح والتوسعة أيضا، استعدادا لاستضافة المغرب لدورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط 1983، سينتهي العمل باسم “الشرفي” وسيحمل اسم المركب الرياضي محمد الخامس بعد أن ضم قاعة مغطاة ومسبحا أولمبيا وملعبا ملحقا وفندقا ومرافق رياضية حولته من مجرد ملعب للكرة إلى مجمع رياضي.

ظل الملعب يخضع لوصاية قطاع الشباب والرياضة قبل أن تسحب المجموعة الحضرية في صيغتها السابقة البساط من تحت أقدام القطاع الرياضي، ليتحول الإشراف إلى مجلس للمدينة الذي قرر تفويت تدبيره لشركة من شركات التنمية في عهد الوالي سفير، وأصبح المركب الرياضي تابعا في تدبيره لشركة الدار البيضاء للتنشيط والتظاهرات، التي تم تأسيسها من طرف سلطات مدينة الدار البيضاء في 28 أبريل 2015.

انتهت وصاية “كازا للتنشيط” على الملعب وانتقل إلى عهدة جديدة في إطار مشروع تأهيل وتدبير وصيانة المركب الرياضي محمد الخامس والمرافق التابعة، وفق اتفاقية تجمع وزارة التربية الوطنية والتعليم الولي والرياضة، وولاية جهة الدار البيضاء – سطات وجماعة الدار البيضاء ثم الشركة الوطنية لانجاز وتدبير المنشآت الرياضية أو “سونارجيس”، وذلك في إطار تحضيرات المملكة المغربية لاحتضان نهائيات كأس الأمم الإفريقية 2025. تلتزم وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بتمويل برنامج تأهيل المركب الرياضي محمد الخامس والمرافق التابعة بميزانية إجمالية تقدر بمائتي وخمسين مليون درهم، 250.000.000,00 درهم. وتلتزم الجماعة بأداء أجور الموظفين العاملين في المركب الرياضي الذين تم وضعهم رهن إشارة “سونارجيس”، هذه الأخيرة تلتزم بتنفيذ برنامج تأهيل المركب الرياضي محمد الخامس والمرافق التابعة وفق المعايير والمواصفات المطلوبة بعد المصادقة على مضامينه من طرف لجنة القيادة والتتبع، كما تلتزم بتدبير وتسيير وصيانة المركب ومرافقه، والإشراف على بيع التذاكر بتنسيق مع الأندية الرياضية والجامعة، مع تحمل كافة مصاريف التدبير والصيانة وأيضا مسؤولية الحراسة والنظافة.

 

حين أصبح مركب محمد الخامس مأوى للأسرى المغاربة

في صيف 2002، أفرجت الجزائر عن 122 أسيرا كانوا في سجون البوليساريو، أغلبهم كانوا عبارة عن حالات صحية حرجة، عادوا إلى المغرب على متن طائرة استأجرها الصليب الأحمر الدولي.

حين حطت الطائرة الأوكرانية فوق أرضية مطار أكادير، تم نقل الأسرى العائدين ممن يعانون أمراضا خطيرة إلى المستشفى وتم الاحتفاظ بالباقي في ثكنة أكادير قبل تأمين عودتهم إلى مدنهم.

يقول عبد الله لماني، الأسير المدني السابق، في حوار مع “الأخبار”: حين وصلت لأكادير فقدت بوصلتي لم أتخلص من الكوابيس ورعب الاعتقال، تردد في ذهني نفس السؤال: أين سأعيش ما بعد الاعتقال؟

عاد إلى الدار البيضاء وذهب رفقة ثلاثة أسرى سابقين إلى مقر ولاية الدار البيضاء، جالسوا مدير الديوان وشرحوا له وضعيتهم كأشخاص بلا ملاذ، “أحالنا على مركز لرعاية المسنين بتيط مليل فاكتشفنا أنه مركز لجمع المشردين، فعدنا إلى العمالة وتدخلت وزارة الداخلية التي استخرجت لنا بطائق هوية”، يقول لماني.

سيتحول عبد الله ومن معه إلى مقيمين في ملعب للكرة، “عرضت علينا الإقامة في مركب محمد الخامس، فأصبحت قاطنا في مدخل الباب رقم 15 حيث توجد غرف تحت المدرجات. أنجزت البطاقة الوطنية وعليها عنوان مركب محمد الخامس بالدار البيضاء، لكن كان من الصعب ولوج الملعب أيام المباريات. يوم المباراة هو يوم عذاب بالنسبة لي أتذكر مباراة المنتخبين المغربي والأرجنتيني، منعت من ولوج غرفتي لكن في آخر معبر وجدت صعوبات أحد رجال الأمن منعني ولم يتقبل روايتي، كيف لعائد من البوليساريو أن يسكن في ملعب، صدمت، كنت في وضعية نفسية مأساوية ضربني وتبادلنا الضرب إلى أن جاء ضابط برتبة عالية، فشرحت له القصة انخرط في نوبة بكاء واعتذر لي”.

 

الملك حسين ورضا بهلوي وزايد بن سلطان والبابا في مقصورة الملعب

في سنة 1960 قام الملك حسين عاهل المملكة الأردنية الهاشمية بزيارة هي الأولى من نوعها للمغرب، ولأنها صادفت إقامة نهائي كأس العرش بين المولودية الوجدية والفتح الرباطي، على أرضية الملعب الشرفي بالدار البيضاء، فقد قرر المغفور له محمد الخامس استدعاء ضيفه العربي لحضور هذا الحدث الرياضي، إذ استمتع الملكان بطبق كروي جميل لقي استحسان الضيف الذي وجه لمحمد الخامس دعوة لحضور نهائي الكأس في الأردن، إلا أن الموت لم تمهل عاهل المغرب الذي كانت تلك المباراة آخر لقاء يحضره.

وفي سنة 1966 شهد الملعب الشرفي بالدار البيضاء نهاية كأس العرش على شكل “كلاسيكو” حارق بين المغرب الفاسي والنادي المكناسي، الذي نزل إلى القسم الثاني، لكنه عوض جماهيره بالظفر بلقب الكأس الغالية بعد الفوز على الماص بهدفين لصفر في مباراة شهدت تألق المهاجم حميدوش عميد الكوديم، الذي تسلم الكأس الفضية من يد شاه إيران محمد رضا بهلوي، وكان ذلك في 12 يونيو من سنة 1966، الذي أعجب بأداء النادي المكناسي ووجه له دعوة لزيارة طهران، إلا أن الفريق رفض بدعوى انشغاله بالنزول وحالة الإحباط التي سادت المدينة، بينما رحل حمادي إلى طهران وقضى فترة في ضيافة الشاه. وخلال مراسيم تسليم كأس العرش وجه حميدوش للحسن الثاني تظلما ودعاه إلى فتح تحقيق في نزول الفريق المكناسي.

كما حل البابا يوحنا بولس الثاني يوم 19 غشت 1985، بالملعب الشرفي بدعوة من الملك الراحل الحسن الثاني، في سابقة هي الأولى من نوعها التي يستقبل فيها البابا من طرف رئيس دولة مسلمة. حيث تزامنت الزيارة مع تنظيم المغرب للألعاب العربية، وأمام 100 ألف متفرج ألقى البابا خطابا تناول فيه قيم التسامح بين الشعوب.

في كتابه “ذاكرة ملك” تناول الحسن الثاني جزءا من هذه الواقعة، حيث قال: “عندما حل الأسقف المسؤول عن حماية البابا يوحنا بولس الثاني، للإشراف على الترتيبات المتصلة بالزيارة، وقعت مشكلة، حيث طلب من المسؤولين المغاربة بأن البرتوكول يقتضي من البابا أن يدخل ملعب الدار البيضاء وحده، حيث سيلقي خطابا، كما هو معمول به في جميع البلدان التي يزورها قداسته.

في سنة 1983 نال فريق جمعية الحليب وهو من أندية الدرجة الثانية لقب كأس العرش بانتصاره المفاجئ على الرجاء البيضاوي على أرضية مركب محمد الخامس بضربات الترجيح، بعد انتهاء الوقت الأصلي بالتعادل سجل للجمعية اللاعب توفيق وللرجاء بكار، وأهدر الحارس فتاح آخر ضربة جزاء تصدى لها الحارس عمر، وعرفت المباراة حضور ضيف المغرب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة الراحل زايد بن سلطان آل نهيان، الذي تابع المباراة وأعجب بالحماس الجماهيري الذي ميزها.

 

بن بلة الرئيس الجزائري الأسبق يتأسف لعدم زيارة “دونور”

 

يروي أحمد بن بلة، الرئيس الجزائري السابق، حكاية عشقه للمولودية الوجدية وعلاقته بمدربها بن ابراهيم الشيباني، وكيف كان ينتقل من مدينة مغنية الحدودية، مسقط رأسه، إلى وجدة لمتابعة الحصص التدريبية للفريق الوجدي. وقال بن بلة لصحيفة “كومبيتيسيون” الجزائرية: “حز في قلبي عدم مرافقة المولودية الوجدية إلى الدار البيضاء ومساندتها في نهاية كأس العرش سنة 1957، في مواجهة الوداد البيضاوي بالملعب الشرفي، “لم أجد سندا يشجعني على السفر إلى الدار البيضاء لمساندة فريق كان يضم عددا من اللاعبين والمسيرين الجزائريين، لكني حضرت احتفالات الفريق باللقب”.

بعد حصول الجزائر على استقلالها، توجه الملك الراحل الحسن الثاني، ما بين 13 و15 مارس من سنة 1963، إلى الجزائر في إطار زيارة رسمية استغرقت ثلاثة أيام، والتقى خلالها بأحمد بن بلة، وتابعا سويا مباراة ودية جمعت المنتخبين المغربي والجزائري من ملعب العناصر بالعاصمة الجزائرية، ووعد بن بلة بإجراء مباراة مماثلة في الملعب الشرفي بالدار البيضاء لكنها لم تتم.

وكتب الصحافي أحمد الرمضاني، استنادا لجريدة الخبر الجزائرية: “حين كرمت مدينة مغنية ابنها أحمد بنبلة رئيس الجمهورية الجزائرية المستقلة، من خلال مهرجان ثقافي ورياضي نظم سنة 2005، اقترح الراحل بن بلة على الجهات المنظمة، دعوة فريق المولودية الوجدية لكرة القدم، للمشاركة في دوري مصغر نظم بالمناسبة ذاتها، لكن الفريق الوجدي، الذي كان يشرف على إدارته التقنية آنذاك المدرب الجزائري عز الدين آيت جودي، اعتذر عن المشاركة بسبب الظروف الصعبة التي كان يمر منها في بطولة القسم الوطني الأول، فضلا عن عدم الترخيص له بدخول التراب الجزائري برا”.

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى