حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

شوف تشوف

الرأيالرئيسية

قوة سلاح الدولار

حرب العقوبات الاقتصادية التي ترافق الاجتياح الروسي لأوكرانيا، تبدو أكثر من جبهة ثانية. والمؤرخ الفرنسي إيمانويل تود ليس الخبير الوحيد الذي يرى أن «فرض العقوبات على اقتصاد روسيا أخطر من إرسال الأسلحة إلى كييف»، ودانيال درازنر، أستاذ السياسات العالمية، ليس الخبير الأمريكي الوحيد الذي يقلل من فاعلية العقوبات.

وبالطبع فإن خطاب روسيا يتركز على القول إن العقوبات الأمريكية والأوروبية على اقتصادها قادت إلى نتائج معاكسة: بدل الإضرار بالاقتصاد الروسي حدثت له «ولادة جديدة»، فضلا عن أن التوقف عن شراء الغاز والنفط من موسكو قاد إلى أزمة تضخم وغلاء أسعار واحتجاجات شعبية بأوروبا وأمريكا.

لكن من الوهم الإيحاء أن العقوبات بلا تأثير. وهي، وإن كانت أقوى أسلحة أمريكا، فإنها أيضا سلاح بيد روسيا والصين ودول عدة. ففي أمريكا كان يقال إن رد الفعل على أي تطور لا يعجب واشنطن، هو شعار: «أرسلوا المارينز أو افرضوا العقوبات».

ومع الانحدار الأمريكي صارت العقوبات أكثر الأدوات استخداما في السياسة الخارجية. والسلاح القوي فيها هو الدولار. إيران تستطيع المفاخرة أنها تحكم أربع عواصم عربية و«منتصرة» على واشنطن، لكن عملتها منهارة أمام الدولار. الرئيس رجب طيب أردوغان يستطيع أن يتحدى أمريكا ويقترب من روسيا، لكن الليرة التركية تنهار أمام الدولار. كذلك الأمر بالنسبة إلى البلدان التي «تحكمها» إيران، وهي العراق واليمن وسوريا ولبنان.

ذلك أن العقوبات ليست جديدة في الصراعات الجيوسياسية. فالرئيس الأمريكي الرابع، توماس جيفرسون، فرض عقوبات على بريطانيا وفرنسا النابولونية، بسبب إساءة معاملتها للسفن الأمريكية. و«الحصار الذي فرضته فرنسا وبريطانيا، في الحرب العالمية الأولى، على ألمانيا والإمبراطورية المجرية – النمساوية والسلطنة العثمانية، كان من العوامل التي قادت إلى هزيمة الإمبراطوريتين»، بحسب المؤرخ إيمانويل تود.

العقوبات على نوعين: واحد تفرضه الأمم المتحدة على دول ضعيفة أو مستضعفة ليس لها من يحميها في مجلس الأمن بين دول الفيتو الخمس، مثل العقوبات على العراق بعد غزو الكويت. وهي ملزمة لكل الدول. وأخرى تفرضها دولة واحدة أو دول عدة متحالفة من خارج الشرعية الدولية، وهو لا يلزم إلا من يفرضه. كما هي حال العقوبات الأمريكية والروسية والصينية والإيرانية، التي تبقى ردا بالمثل على عقوبات أمريكية أو أوروبية.

في دراسة أعدتها جامعة كارولينا الشمالية تبين أن «فاعلية العقوبات لا تتجاوز 30 في المائة في أحسن الأحوال». وفي تقرير أمريكي رسمي عام 2019 جاء «أن الحكومة الفيدرالية لا تعبأ كثيرا بما إذا كانت العقوبات المفروضة ناجحة أو لا». وما يطلبه البروفسور دانيال درازنر هو «عقوبات ضمن استراتيجية شاملة»، أو بالتالي فإن على رجال الدولة استخدام العقوبات «كمشرط طبي لا كسكين سويسرية متعددة الوظائف».

سياسة «الضغط الأقصى» التي مارسها الرئيس دونالد ترامب ضد إيران وكوريا الشمالية وفنزويلا لم تؤد إلى تنازلات لأسباب عدة، بينها أن مطالبه كانت مستحيلة. إذ طلب من بيونغ يانغ التخلي عن سلاحها النووي، ومن طهران التخلي عن المشروع النووي، ومن فنزويلا التخلي عن السلطة للمعارضة.

وردود الفعل الصينية والروسية والإيرانية على العقوبات الأمريكية والأوروبية لم تبدل شيئا في اللعبة السياسية، لكن المؤكد أن الحاكمين لا يتأثرون بالعقوبات في حياتهم اليومية، في حين يدفع الثمن المواطنون المدنيون الأبرياء.

رفيق خوري
 

 

حمّل تطبيق الأخبار بريس: لتصلك آخر الأخبار مباشرة على هاتفك App Store Google Play

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


زر الذهاب إلى الأعلى